تلعب زراعة الزيتون دورا أساسيا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، حيث يمثل الزيتون 15% من إجمالي الإنتاج الفلاحي في حين يمثل زيت الزيتون 50% من الصادرات الفلاحية و5.5% من الصادرات.
كما يمثل القطاع مصدر رزق مباشر أو غير مباشر لأكثر من مليون شخص إضافة إلى كونه يوفر 34 مليون يوم عمل في السنة الواحدة، وهو ما يعادل نسبة 20% من التشغيل في القطاع الفلاحي. كذلك جنت البلاد خلال الموسم الماضي عائدات قياسية من صادرات زيت الزيتون بقيمة تزيد عن 5,1 مليار دينار. ويوصف دوليا زيت الزيتون التونسي بـ “الذهب الأخضر” لخلوّه من الملوثات العضوية، ذلك أن حوالي 85% من زيت الزيتون في البلاد يتم إنتاجه بطرق تقليدية ودون استخدام أسمدة كيماوية أو مبيدات حشرية.
دعم متواصل للتصدير
تعمل سلطات الاشراف على تحفيز موسم تصدير زيت الزيتون بعد بداية متعثرة لموسم الجني والعصر تنبؤ بتراجع عائدات الزيت التي وفرت للبلاد إيرادات تزيد عن 5 مليارات دينار الموسم الماضي.
ونهاية الاسبوع الفارط أعلنت الحكومة على حزمة إجراءات لفائدة مصدري الزيت تمكنهم من الحصول على دعم لمجابهة كلفة النقل البحري لفائدة زيت الزيتون المعلب والسائب نحو الوجهات الأوروبية تصل إلى 50% ودعم النقل الجوي بنسبة 70% للزيت المعلب نحو كل الوجهات الخارجية. كما أقرت الحكومة إجراءات لتبسيط كرّاس شروط مصدري زيت الزّيتون وضبط برنامج ترويجي للتموقع في أسواق خارجيّة جديدة مع تحسين النّفاذ إلى أسواق أخرى من خلال تطوير الاتفاقيات المبرمة في هذا المجال إلى جانب الأسواق التقليديّة.
وتمثل عائدات تصدير زيت الزيتون من المصادر المهمة للنقد الأجنبي في تونس، حيث مكنت إيرادات السنة الماضية من تغطية جزء هام من أقساط الدين الخارجي. وصنفت وزارة الفلاحة منذ أشهر موسم 2024-2025 بـ “الجيد والواعد”، بتوقع إنتاج حوالي 340 ألف طن من زيت الزيتون، بزيادة مقدارها 55% مقارنة بالموسم الماضي، ولكن قياس جودة الموسم تحتاج فعليا إلى استقرار الأسعار والقدرة على تحقيق أرباح مجزية لجميع المتدخلين في حلقة الإنتاج.
منظومة متكاملة للتثمين
يعد تصدير الزيت حلقة في صلب منظومة كاملة تتطلب حزمة إجراءات شاملة من أجل ضمان استمرارية القطاع والحد من تداعيات المنافسة غير الشرعية التي يواجهها الزيت التونسي من قبل كبار المنتجين العالميين. وخلال شهر جانفي الماضي سجلت قيمة الصادرات الغذائية تراجعا بنسبة 10,6% مقابل ارتفاع الواردات بنسبة 37,9% ويعزى تقلص الفائض بشكل أساسي الى تراجع قيمة صادرات زيت الزيتون بنحو14,7% وفق بيانات المرصد الوطني للفلاحة.
هذا ويؤكد المهنيون على الحاجة لإنجاح موسم تصدير الزيت التونسي إلى حملة تسويقية كبيرة وتوفير التمويلات اللازمة للمهنيين والمخزنين لتجنب بيع المنتوج من الزيت السائب بأسعار ضعيفة.
ومنذ بداية جانفي توقع صندوق النقد الدولي أن يصل السعر العالمي للطن المتري من زيت الزيتون البكر الممتاز إلى 5448.7 دولار في جانفي 2025، بعد أن وصل إلى ذروة تاريخية بلغت 10281.4 دولار في جانفي 2024، وفقاً لبيانات أسعار السلع الأساسية العالمية التي أصدرها. وكان هذا الانهيار في الأسعار العالمية متوقعا بسبب المستويات المرتفعة بشكل غير طبيعي التي وصلت إليها أسعار زيت الزيتون خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية.
وقال الصندوق أن الزيادات غير الطبيعية لسعر الزيت خلال العام الماضي كانت نتيجة الانخفاض الحاد في الإنتاج العالمي للزيتون خلال موسم 2023/2024 حيث بلغ حوالي 2.4 مليون طن، أي مستوى أقل بنحو 25% من متوسط إنتاج الحملات الزراعية الأربع السابقة.
وكانت إسبانيا وإيطاليا وتونس واليونان وتركيا والمغرب والبرتغال أنتجت أقل من مليوني طن من زيت الزيتون خلال الموسم الزراعي 2023/2024، أي أقل بنسبة 23% من متوسط الحملات الأربع السابقة. ولم يقدم أكبر 7 منتجين سوى 72% من الإنتاج العالمي في 2023/2024، مقارنة بأكثر من 80% خلال الحملات الخمس 2018/2022.