دعما للقدرة الشرائية: تخفيف الضرائب على استهلاك الكهرباء

مصدر الصورة

أصبح التحوّل الطاقي في تونس مساراً إجبارياً مع تنامي الطلب على الكهرباء للاستعمال المنزلي أو الصناعي، خصوصا أن تلبية هذا الطلب يتطلب تنويعاً في مصادر إنتاج الكهرباء والتسريع في مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص لإنتاج الكهرباء لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز.

وفي نوفمبر 2023، أطلقت الشركة التونسية للكهرباء والغاز مبادرة لتقسيط فواتير الكهرباء لفائدة حرفائها المتعثرين بهدف تحسين نسبة الاستخلاص وتخفيف ديونها التي بلغت 3 مليارات دينار. وتجابه الشركة العمومية التي تحتكر خدمة إنتاج وتوزيع الكهرباء في البلاد تحديات عديدة تتعلق أساسا بارتفاع ديونها غير المستخلصة التي بلغت في جوان الماضي مستوىً قياسياً بلغ 3.1 مليارات دينار، وفق بيانات رسمية أفصحت عنها المؤسسة.

تعزيز القدرة الاستهلاكية

في هذا الإطار، أدرجت السلطات المالية تخفيض الضريبة على الكهرباء ضمن حزمة الإجراءات الاجتماعية التي ستبدأ في تنفيذها مع دخول أحكام قانون المالية الجديدة حيّز النفاذ في جانفي الجاري. وتضمن قانون المالية فصلا يقر التخفيض من الضريبية الموظفة على الاستهلاك المنزلي للكهرباء والغاز الطبيعي من 13 إلى 7% لفائدة الأسر التي لا يتجاوز استهلاكها الشهري من الكهرباء والغاز 300 كيلواط/ ساعة في الشهر، إلى جانب خفض الاستهلاك بنسبة تصل إلى 5.0% .

ومن المرجح أن تشمل اجراءات تخفيف أعباء فواتير الكهرباء أكثر من 90% من مستعملي الشبكة الذين يزيد عددهم على 4,7 ملايين مستهلك أي ما يعادل نحو 4.2 مليون اسرة، وفق المؤشرات الاحصائية. ورغم أن سلطات الاشراف تدعم الكهرباء بنحو 4 مليارات دينار سنوياً في إطار خططها الاجتماعية، إلا أن فواتير الكهرباء تضغط الى حد ما على نفقات شرائح اجتماعية من محدودي الدخل، وذلك بالتوازي مع مراكمة الشركة التونسية للكهرباء والغاز عام 2023 أكثر 1.3 مليار دينار من الديون غير المستخلصة لدى المستهلكين من العائلات.

ومنذ عام 2022، عدلت سلطات الإشراف أسعار الكهرباء والغاز من خلال اعتماد تعريفات جديدة لأصحاب الحرف المنزلية والصناعية بمقدار 12.2% للكهرباء و16% للغاز الطبيعي، وبين 12 و15% للصناعيين من مستعملي الضغط العالي والمتوسط. وسيكون من المهم جداً، في هذا الاطار، التخفيض في الضريبة على الكهرباء الموجهة للأسر محدودة الاستهلاك، حيث سيساعد ذلك على تقليص أعباء الفواتير حيث تكشف قيمة الديون غير المستخلصة لفواتير الكهرباء لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز مرحلة متقدمة من تعثر بعض الأسر على دفع الفواتير، ما يضطر المؤسسة إلى اتخاذ إجراءات دورية لجدولة الديون بهدف تحسين نسبة الاستخلاص.

معطيات استهلاك الطاقة

أدت التحولات المناخية والارتفاع الشديد لدرجات الحرارة صيفًا إلى استهلاك قياسي للكهرباء من قبل الأسر، وهو ما ينجر عنه تضخم الفواتير ودخول بعض العائلات محدودة الدخل في دوامة الاستدانة وعدم القدرة على السداد، ولا سيما في ظل اعتماد تعريفات تدريجية حسب كميات الاستهلاك.

وعلى هذا الاساس، فمن شأن مراجعة الضرائب على الكهرباء والغاز أن تخفض من كلفة الاستهلاك بدرجة مقبولة، وهوما يبرز أهمية الإجراءات الاجتماعية التي تقرها السلطات في تحسين المستوى المعيشي ومكافحة آثار الغلاء.

وتهرب أسر تونسية من غلاء فواتير الكهرباء نحو الحلول الطاقية الجديدة بمحاولة الاستفادة من أشعة الشمس لتلبية احتياجاتها من الطاقة الأساسية بعدما فاقمت الزيادات في سعر الكهرباء نفقات العائلات على المستوى الطاقي.

وتحل فواتير الكهرباء في مرتبة متقدمة في الإنفاق الأسري للتونسيين حيث تؤكد بيانات المعهد الوطني للإحصاء أن كلفة السكن التي تشمل فواتير الكهرباء تشكل أكثر من 23% من مجموع هيكلة نفقات الأسر محتلة المرتبة الثانية بعد نفقات التغذية والمشروبات غير الكحولية.

هذا وأظهر مسح حول “استهلاك الطاقة في المنازل وقطاع الخدمات في تونس”، نشرته الشركة التونسية للكهرباء والغاز عام 2023، أن متوسط استهلاك المنازل من الكهرباء يقدر بـ 1,635.9 كيلوواط عام 2019، مقارنة بـ 1,508.4 كيلوواط عام 2014. وأبرزت هيكلة استهلاك الكهرباء في المنازل أن النسبة الأعلى للطاقة المنزلية تذهب إلى الطهي بنسبة 28%، ثم التدفئة والمياه الساخنة المنزلية بنسبة 21%، والثلاجات بنسبة 11%، أما أجهزة التلفزيون فتستهلك 6%، والتكييف 5%، والإضاءة بنسبة 4% .

ووفق تقارير متخصصة، يستأثر القطاع السكني بما بين 27 و30% من الاستهلاك الطاقي محتلاً المرتبة الثانية بعد قطاع النقل، وهو ما يجعل التحكم في تضخم هذه الفاتورة أمراً مهماً علما ان التخفيض في كلفة الإنفاق على الطاقة يحتاج إلى تشجيع الأسر نحو الانتقال عبر خفض أسعار الطاقات المتجددة مقابل زيادة في تعريفات الطاقة التقليدية إلى جانب ضبط معايير بناء صارمة تدعم سياسة خفض كلفة الاستهلاك العامة في الكهرباء.