تؤكد سلط الاشراف على ضرورة مشاركة جميع المؤسسات البنكية والمالية العامة والخاصة، كطرف أساسي في السوق النقدية، في دعم الاقتصاد الوطني. وفي هذا الصدد، ساهمت هذه المؤسسات في توفير السيولة اللازمة للمساهمة في الجهد التنموي الوطني بشكل فعال، ليس فقط من خلال منح القروض للشركات، ولكن أيضا من خلال المساهمة في تنفيذ المشاريع الوطنية ذات الاولوية.
وتلعب البنوك والمؤسسات المالية دورا حاسما في تمويل الاقتصاد الوطني، وهو ما تظهره أحدث البيانات الرسمية حيث يصل إجمالي تمويل القطاع المصرفي للاقتصاد إلى حوالي 96.9 مليار دينار وهو ما يعادل 84.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويبرز القطاع البنكي كعنصر مركزي في الديناميكية الاقتصادية للبلاد.
سجلت السوق النقدية هذا العام، بشكل خاص، تطورات وديناميكية مهمة، مدعومة اساسا باستقرار الظرف الاقتصادي وتطور آليات إدارة المخاطر لمراقبة المنظومة البنكية والمالية.
وركز الجهاز البنكي توازنه، على مستوى السيولة، على نحو عام، مدفوعا بانخفاض اعتماده على موارد إعادة التمويل من البنك المركزي التونسي وقد تحقق ذلك انطلاقا من رغبة واضحة من قبل السلطات النقدية، إذ استمرت مؤسسة الاصدار في بذل جهودها للتخصيص الأمثل للموارد لتمويل القطاعات الإنتاجية والتحكم في مخاطر القرض عبر تحديد نسب الفائدة ودعم العمل بالمعايير الاحترازية المعتمدة، في هذا الإطار.
على هذا المستوى، تراجع الحجم الإجمالي لإعادة تمويل البنك المركزي التونسي للسوق النقدية بقيمة 3667,4 مليون دينار، حسب أحدث المؤشرات النقدية والمالية المحينة والمنشورة في موقعه الرسمي يوم الجمعة الفارط 20 ديسمبر 2024، حيث تم، على هذا الصعيد، تسجيل انخفاض الى حدود 12011,8 مليون دينار من 15679,28 قبل سنة.
وتلعب مؤسسة الاصدار دورا محوريا في تعديل توازنات السوق النقدية من خلال ضخ السيولة فيها او التقليص من فائضها، حسب تطور حاجيات مؤسسات القرض ووفق سياستها في تحديد نسب الفائدة المديرية وسعر صرف العملة الوطنية. وتعتبر السوق النقدية أحد المصادر الأساسية في تأمين سيولة النظام البنكي، وفي تمكين البنك المركزي من الرقابة علـى وضع الاقراض في البلاد.
في جانب اخر، تكشف بيانات البنك المركزي ان مجموع المعاملات بين البنوك في السوق النقدية، بلغ نهاية هذا الأسبوع 3464,4 مليون دينار مقابل 1928,4 مليون دينار يوم 20 ديسمبر 2023، مما يعني تسجيل زيادة بقيمة 1536,0 مليون دينار. وعلى صعيد مكونات هذه المعاملات، تظهر المؤشرات ارتفاع مستوى العمليات تحت الطلب الى 2652,4 مليون دينار نهاية الأسبوع المنقضي مقابل 1462,7 مليون دينار قبل عام، في حين زاد رصيد العمليات لأجل بخوالي 346,3 مليون دينار ليصل الى 812,0 مليون دينار نهاية هذا الاسبوع.
في نفس السياق، تظهر المؤشرات المالية والنقدية للبنك المركزي التونسي، تسجيل كتلة الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة في البلاد لارتفاع لافت حيث بلغت يوم الجمعة الفارط 22037 مليون دينار مقارنة بنحو 20121 مليون دينار العام الماضي لتشهد بذلك زيادة تقدر بـ 1916 مليون دينار وهو ما يعكس اهمية التداول النقدي في البلاد وذلك في علاقة بمحدودية الادماج البنكي لفئات اجتماعية واسعة، من جهة وبما يعكس اهمية التداولات في السوق الموازية، من جهة اخرى.
هذا وأبرزت معطيات مؤسسات مؤسسة الاصدار، في خصوص تطور قائم رقاع الخزينة وهي سندات دين مستحقة على الدولة لفائدة المتعاملين الاقتصاديين واغلبها من البنوك والوسطاء ببورصة الأوراق المالية، تراجع قائم رقاع الخزينة قصيرة الأجل بين 20 / 12 / 2023 و 20 / 12 / 2024بما قدره 3437,2 مليون دينار بينما سجل قائم رقاع الخزينة القابلة للتنظير أي طويلة الأجل والقابلة للتداول بالبورصة تغيرا ايجابيا بقيمة 2526,0 مليون دينار خلال ذات الفترة اذ ارتفع من 16648,8 مليون دينار إلى 19174,8 مليون دينار. كما استقرت نسبة الفائدة في السوق النقدية عند %8 .
هذا وعلى المستوى الخارجي، تكشف المؤشرات زيادة تحويلات التونسيين بالخارج، إلى حدود 10 ديسمبر 2024 بنسبة 4.6 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية حيث بلغت قيمتها إلى حدود يوم 10 ديسمبر 7607,8 مليون دينار لتفوق بذلك مداخيل السياحة التي زادت بدورها بنسبة 7.2 بالمائة لتبلغ 7050 مليون دينار. وساهمت تحويلات التونسيين بالخارج ومداخيل السياحة في تغطية خدمة الدين الخارجي للسنة الحالية والتي تقدر بنحو 13483,1 مليون دينار.
كما دعمت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية التي تقدر حاليا بنحو 25171,1 مليون دينار أي ما يعادل 113 يوم توريد. كما تحسن سعر صرف الدينار أمام اليورو الى حدود يوم 19 ديسمبر بنسبة 1.94 بالمائة اذ تراجعت قيمة العملة الأوروبية الموحدة من 3.83 دينار الى 3.31 دينار في حين سجلت العملة الوطنية تراجعا طفيفا أمام الدولار الذي زادت قيمته من 3,093 دينار الى 3,182 دينار حاليا.