آخر الأخبار

اقتصاد كلي: نحو تعزيز إدارة الدين العمومي ودعم استدامته

شارك الخبر

تسعى سلط الاشراف الى دعم تخصيص الدين لتمويل عوامل النمو وخلق الثروات، وذلك لضمان استدامة الدين العمومي. كما يجري العمل، بنسق حثيث، لتنويع مصادر تمويل الميزانية العامة للدولة، وهو يتم بالتوازي مع بذل جهود كبرى لتحسين القدرات الإنتاجية ومزيد تطوير النظام الضريبي بما من شأنه أن يجعل من الممكن الحد من عجز الميزانية. وبلغ، حسب المؤشرات الرسمية، قائم الدين العمومي (ما بقي مستحقا خلاصه على الدولة التونسية من أقساط ديون داخلية وخارجية) 127.4 مليار دينار نهاية جوان الفارط وهو أدنى معدل زيادة منذ الجائحة الصحية.

ضمن هذا الإطار، أوصى المرصد التونسي للاقتصاد بضرورة أن تدعم السلط استراتيجية شاملة تتضمن اعادة هيكلة الديون بشكل فعال وتطوير سياسات مالية تأخذ في الاعتبار الأولويات الاجتماعية والتنموية.

تحديات إدارة الديون

لاحظ المرصد في تقرير نشره، في هذا الصدد، يوم 11 ديسمبر الجاري، أن تونس تبقى في مواجهة تحديات فيما يخص ادارة الديون حيث تمثل خدمة الدين (أعباء الدين الخارجي والداخلي، أي سداد أقساط الديون ككل اصلا وفوائد) عبئا على ميزانية الدولة وضغطا على نفقاتها حيث بلغت خدمة الدين 32 بالمائة من ميزانية الدولة للسنة المالية 2024، في ظل توقعات الحكومة بانخفاض خدمة الدين العمومي متوسط وطويل الأمد في سنة 2025 بنسبة 1.1 بالمائة مقارنة بسنة 2024، أي بتخفيض يعادل حوالي 276 مليون دينار الا ان المبلغ الجملي للخدمة سيصل الى 6ر24 مليون دينار، وفق تقرير الميزان الاقتصادي 2025.

وقد طرأت بعض التغيرات في التعامل مع مسألة ادارة الديون من ناحية طرح خيار التعويل على الذات عبر الية تمويل الدين الخارجي من خلال استخدام احتياطي العملة الأجنبية مع الالتجاء إلى إصدار سندات جديدة من البنك المركزي، حسب المرصد.

وتعد مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين التابعة لمجموعة العشرين والتي تأسست إثر أزمة كوفيد أحد المبادرات المهمة لتخفيف أعباء التداين في العالم. علما أن تقارير تبين ان اعادة هيكلة الدين الخارجي لن تكون فعالة بشكل كبير في التخفيف من عبء الديون التونسية ذلك أن جزء كبيرا من الديون الخارجية مرتبط بجهات دائنة متعددة الأطراف لا تقبل عادة بإعادة التفاوض حول الدين، لكن 20 بالمائة من ديون تونس هي ديون ثنائية مما يفتح الباب امام امكانية التفاوض مع دول بعينها لتحقيق تخفيف في عبء الديون، وفق المرصد.

تجاوز اختبار تغطية الاحتياجات من التمويل الخارجي

في جانب اخر، تمكن الاقتصاد الوطني هذا العام من تجاوز الاختبار القوي لتغطية احتياجاته من التمويل الخارجي بنجاح وذلك دون خيار اللجوء للهيئات المالية الدولية الدائنة. واستطاعت البلاد اجمالا من سداد ديونها الخارجية بعنوان العام الحالي بالكامل، مستفيدة من رصيد العملة الذي وفره القطاع الخارجي ولا سيما عائدات قطاعي السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج وصادرات زيت الزيتون.

هذا وغطت عائدات السياحة والعمل، خدمة الدين الخارجي، بنسبة 107 بالمائة، إلى تاريخ 30 نوفمبر 2024، وفق ما أظهرته المؤشرات النقدية والمالية، الصادرة مؤخرا عن البنك المركزي التونسي. وزادت عائدات السياحة والعمل، على التوالي، بنسبة 6،7 بالمائة (6،8 مليار دينار) وبنسبة 4 بالمائة (7،3 مليار دينار) خلال الأشهر 11 الأولى من 2024 مقارنة بالفترة ذاتها من 2023. وبلغت القيمة الاجمالية للمداخيل 14،2 مليار دينار.

وسجّلت خدمة الدين الخارجي نهاية نوفمبر الفرط، ارتفاعا بنسبة 22،4 بالمائة لتتحوّل قيمته من 10،8 مليار دينار، موفي نوفمبر 2023 الى 13،3 مليار دينار، اواخر نوفمبر 2024.

في نفس السياق، تمكنت البلاد من الإيفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين وسط التقليص من الاعتماد على التمويل الخارجي للدولة التي تمكنت من إصلاح ماليتها العامة وهو ما تؤكده معطيات تراجع عجز الميزانية هذا العام. وتعتمد السلط في إدارة الدين الخارجي على السياسات ذاتها التي نفذتها السنة الماضية، وذلك عبر استعمال مداخيل القطاع الخارجي من عائدات السياحة والتصدير وتحويلات التونسيين بالخارج إلى جانب التحكم في التوريد وعجز الميزان التجاري.

كما عولت السلطات بشكل متزايد على موارد التمويل الداخلية في إطار التقيد بمعايير الحذر المالية وذلك بالخصوص بالاستناد الى موارد الجباية وآليات الاقتراض الداخلي لا سيما من خلال تعبئة الموارد المتأتية من القرض الرقاعي الوطني والبنوك وتدخل البنك المركزي لتمويل الميزانية بصفة استثنائية، تجنبا للشروط المجحفة للتمويل الخارجي، وأدى هذا التحول إلى تدارك مواطن الضعف في النظام المالي، دون مزاحمة السلط المالية للقطاع الخاص على الاقتراض من البنوك.

الرقمية المصدر: الرقمية
شارك الخبر


إقرأ أيضا