تعمل سلط الاشراف على تجذير تونس كبوابة افريقية، وذلك من خلال السعي الى تعزيز المبادلات وتطوير الشراكات مع جميع الدّول الإفريقية. وفي هذا الإطار، تتدعم الجهود الوطنية لدفع المعاملات مع بلدان القارة السمراء حيث ناهزت المبادلات التجارية مع دول القارة 14.4 مليار دينار طيلة سنة 2023، وذلك حسب آخر الإحصائيات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء.
توزعت هذه المبادلات بين صادرات نحو دول القارة بقيمة 6.5 مليار دينار وواردات الى تونس بما قدره 7.9 مليار دينار، علما ان المبادلات سجلت، حسب البيانات الاحصائية، تطورا السنة الفارطة مقارنة بسنة 2022 بقيمة 0.9 مليار دينار وبنسبة 7.3 بالمائة.
مشاركات متعددة
تبين المشاركات التونسية المتعددة في اللقاءات الاقتصادية الإقليمية القارية وانخراطها في مسار اتفاقيات التبادل الحر مع دول القارة، أن المقاربة الوطنية لتحقيق الاندماج الإقليمي والتكامل الاقتصادي بين دول المنطقة والمتمثلة في تسهيل التجارة البينية للسلع والخدمات ذات المنشأ الافريقي، وتطوير النقل واللوجستيك وخاصة الممرات البرية وإتاحة الفرصة أمام كافة فئات المجتمع للاستفادة من هذه السوق الإفريقية الواعدة، تتقاطع مع أهداف الاتفاقية الافريقية القارية للتبادل الحر والأجندة 2063 للاتحاد الإفريقي، مما يجعل تونس فاعلا أساسيا للتسريع في وضعها حيز التنفيذ.
في هذا الإطار وبتكليف من رئيس الجمهورية قيس سعيد، شارك محمد علي النفطي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، في أشغال الدورة العادية 19 للمؤتمر الوزاري والدورة العادية 23 لقمة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا) اللتان انعقدتا بعاصمة بورندي بوجمبورا من 29 إلى 31 أكتوبر 2024.
وتُمثل السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا، التي يعود تاريخ انشائها إلى ديسمبر 1994، أكبر مجموعة اقتصادية بإفريقيا من حيث حجم التجارة والاستثمار وتهدف الى إنشاء وحدة اقتصادية وتجارية كبيرة وتحقيق الازدهار الاقتصادي من خلال التكامل والاندماج الإقليمي. ومن الناحية الجغرافية، تُشكل السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا حوالي ثلثي مساحة القارة الأفريقية وتتألف من 21 دولة عضوا من بينها تونس ويفوق عدد سكانها 640 مليون نسمة وناتجها المحلي الإجمالي بقيمة 805 مليار دولار أمريكى ومعاملاتها التجارية تبلغ 324 مليار دولار سنويا ويقع مقر أمانتها العامة بالعاصمة الزمبية لوزاكا.
افاق تعاون واعدة
في هذا السياق، يُعتبر تجمّع السوق المشتركة لشرق وجنوب الإفريقي أحد التجارب المتميزة على درب تعزيز المسار الاندماجي في إفريقيا ومحطة عملية للانتقال نحو نموذج تنموي واقتصادي جديد على قاعدة تنويع الأنشطة الاقتصادية وتعزيز التجارة التضامنية والقيمة المضافة.
منذ 1 جانفي 2020، اتخذت تونس عديد الإجراءات لتنفيذ الالتزامات المُنجرّة عن انضمامها لهذه السوق في سبيل تطوير الصادرات التونسية إلى دول الكوميسا وتنويعها. وعقد الوزير، على هامش الأشغال، اجتماعات ثنائية مع نظرائه من الدول الأفريقية المشاركة لاستعراض العلاقات القائمة معها والتداول في مواضيع تتصل بالأمن والسلم في المنطقة. كما التقى بعدد من التونسيين أرباب الأعمال في بورندي.
هذا ولا يزال حجم التجارة التونسية مع دول القارة محدودا نسبيا من حجم التجارة الخارجية للبلاد سنويا، بينما تبلغ أكثر من 50 بالمائة مع دول أوروبا، وفق الاحصائيات الرسمية التي تفيد بان التجارة البينية بين الدول الأفريقية تقدر بنحو 16 بالمائة من إجمالي المبادلات التجارية، وان هناك قيمة تصديرية تفوق المليار دولار غير مستغلة. ويقوم هدف السلط على مضاعفة حجم التجارة البينية مع دول القارة مرتين للوصول الى نسبة 50 بالمائة وذلك بالعمل على الحد من الرسوم الديوانية على عدد من المنتوجات وعلى تسويقها في أفريقيا.
في نفس الإطار، تتوخى سلط الاشراف استراتيجية أكثر انفتاحا على أسواق القارة بعد دخولها السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (كوميسا) التي تضم 480 مليون نسمة. وتعد هذه السوق، التي انضمت إليها تونس صيف 2018، واحدة من أبرز الأسواق المشتركة التي تغطي 19 بلدا من دول شرق أفريقيا، وتنص الاتفاقية الإطارية على تحرير المنتوجات الزراعية والصناعية والخدمات بين الدول الأعضاء. ويتيح انضمام تونس إلى هذا التكتل الاقتصادي تصدير منتجاتها في قطاعات، كالصناعات الغذائية وصناعة الأدوية ومواد البناء، والإنشاء، والصناعات الميكانيكية، والكهربائية.