آخر الأخبار

اليمن.. القضية الجنوبية وجذور الصراع

شارك

حتى نهاية ثمانينات القرن الماضي كان اليمن الذي نعرفه اليوم دولتان معترف بهما دولة في الجنوب استقلت عن الاستعمار البريطاني (1967) ودولة في الشمال استقلت عن الاحتلال العثماني (1918).

اليمن.. القضية الجنوبية وجذور الصراع / RT

وفي عام 1990 دخل البلدان في اتفاقية وحدة فيما بات يعرف بـ"الوحدة اليمنية"، في وقت شهد فيه العالم انهيارا متسارعا للنظام الدولي عقب نهاية الحرب الباردة.

ولكن مشروع وحدة اليمن لم يحقق النتائج المطلوبة، إذ اندلعت حرب بين الجنوب والشمال بعد أربع سنوات فقط، وأسفرت آنذاك عن مقتل 7 آلاف مدني.

واندلعت الحرب بعد موجة اغتيالات طالت اكثر من 157 من كبار قيادات اليمن الجنوبي في صنعاء فيما أصدر الجناح الإخواني في سلطة الشمال فتاوى لتكفير الجنوبيين نظرا للنظام الذي كان يحكم الجنوب قبل الوحدة (اشتراكي) وأكد استباحة قتلهم وسلب ممتلكاتهم.

واستعان الشمال آنذاك بـ12 ألف مقاتل من الأفغان العرب الذين شكلوا بعد سنوات قليلة ما عرف بتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن، وهناك استطاع الشمال بتحالف السلطة مع تنظيمي الإخوان القاعدة، السيطرة على الجنوب واحتلاله خلال تلك الحرب.

وتتالات الأحداث على الساحة اليمنية وصولا إلى العام 2017 حيث أعلن تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي، وهدفه تمكين الشعب الجنوبي من حقوقه الكاملة، وتمهيدا لاستعادة دولة الجنوب العربي ما قبل الوحدة.

وبعد سنوات من تواجد التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أعلنت قوات "المجلس الانتقالي" في الرابع من ديسمبر 2025، سيطرتها الكاملة على محافظة حضرموت شرق اليمن، أكبر المحافظات اليمنية والغنية بالنفط.

وجاء ذلك بعد سيطرة مسلحين قبليين بقيادة عمرو بن حبريش على مواقع نفطية مؤقتا ما هدد الملاحة العالمية والتجارة بالتوقف.

وردا على ذلك، شنت القوات الجنوبية عملية عسكرية مفاجئة وتمكنت من السيطرة على المنطقة العسكرية الأولى والتي كانت خاضعة لقوات محسوبة على الإخوان، حيث استخدمت للتهريب والإمدادات بالأسلحة.

كما سيطرت القوات الجنوبية أيضا على المنطقة العسكرية الأولى التي تتشكل من عدة ألوية عسكرية "شمالية" تتمركز في حضرموت منذ اجتياح 1994 ويعتبرها المجلس الانتقالي "قوات احتلال".

وتطورت الأوضاع مع تعرض القوات الجنوبية لغارة جوية يوم 26 ديسمبر 2025، قال إعلام الانتقالي إن الطيران الحربي السعودي شنها تزامنا مع اعتصامات شعبية في محافظات الجنوب.

- احتجاجات شعبية

وفي السياق، صرح القيادي في المجلس الانتقالي أنيس الشرفي بأن "مليونية سيئون وجهت صفعة قاسية لرشاد العليمي بعد مطالبته للتحالف العربي بالتدخل عسكريا ضد القوات الجنوبية في حضرموت".

وأشار أنيس الشرفي إلى أن "طلب العليمي للتحالف العربي بالتدخل استفز أبناء حضرموت ما دفعهم للخروج في مليونية للتأكيد على وقوفهم إلى جانب الرئيس الزبيدي والقوات الجنوبية وومثلهم الوحيد المجلس الانتقالي الجنوبي".

وتابع عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "ادعاء العليمي استفز أبناء حضرموت ودفعهم للخروج في هذا الحشد الميلوني، ليؤكدون أن المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي هو ممثلهم، وأن رشاد العليمي لا يمثلهم بل هو أحد خصومهم التاريخيين، وأن القوات المسلحة الجنوبية هي من تحميهم وهي المؤتمنة والموثوقة على أمن واستقرار حضرموت وسائر محافظات الجنوب لا سواها".

والأحد 28 ديسمبر 2025 شهدت مدينة سيئون بوادي حضرموت، مليونية غير مسبوقة تأكيدا لحق شعب الجنوب في تقرير مصيره، وتأييده لانتشار القوات المسلحة الجنوبية في الوادي لحماية أبنائه من بطش قوات الإخوان وإنهاء نهبهم للثروات الجنوبية على مدى عقود طويلة، بحسب ما أعلن المشاركون في الوقفة.

ورفع المشاركون أعلام الجنوب ولافتات عبّرت عن تمسكهم بالمشروع الوطني الجنوبي، مؤكدين وقوفهم إلى جانب القيادة السياسية للمجلس الانتقالي، ودعم خطواته لإعلان دولة الجنوب.

وفي الصدد، ذكر رئيس الهيئة التنفيذية المساعدة لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت محمد عبد الملك الزُبيدي، أن "المليونية تُعد الأولى التي يعبر فيها أبناء حضرموت عن تطلعاتهم الوطنية بحرية كاملة، دون قيود أو ممارسات تعسفية"، مؤكدا أن المشاركة الواسعة تعكس حجم الالتفاف الشعبي حول مشروع استعادة الدولة.

وأضاف أن هذه المليونية تمثل رسالة واضحة للعالم بأن مطلب استعادة الدولة الجنوبية هو خيار شعبي ثابت، مشددا على ضرورة حماية المنجزات العسكرية والأمنية التي تحققت في وادي وصحراء حضرموت.

من جهتهم، أصدر المشاركون في الاحتجاجات بيانا أكدوا فيه تجديد التفويض الشعبي للقيادة السياسية الجنوبية، والتمسك ببقاء القوات المسلحة الجنوبية والنخبة الحضرمية في وادي وصحراء حضرموت، إلى جانب دعوة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن عيدروس الزبيدي لاتخاذ الخطوات السياسية اللازمة لإعلان دولة الجنوب العربي وحماية المكتسبات الوطنية.

وووفق المحللين والمراقبين لم يكن هذا الزلزال الشعبي وليد اللحظة، بل هو تراكم من الغضب الشعبي ضد محاولات الإقصاء والتهميش والاحتلال المقنّع.

وتعد محافظة حضرموت التي تضم سبعة قطاعات منتجة وأكثر من 110 حقول نفطية ونحو 1500 بئر مع احتياطي تقديري يصل إلى عشرات المليارات من البراميل، إحدى أهم المناطق اليمنية ومحور صراع اقتصادي وأمني في آن واحد.

وتشير تقارير إلى أن عدم استقرار المحافظة قد يؤثر بشكل مباشر على أحد أهم شرايين الملاحة والطاقة في العالم، فالمحافظة تضم حقولا نفطية استراتيجية مثل المسيلة وعطوف وحلقوظ، يتم تصدير إنتاجها عبر ميناء الضبة (الشحر) المطل على بحر العرب والمتصل مباشرة بخطوط الملاحة المؤدية إلى باب المندب وقناة السويس.

كما ذكرت تقارير إعلامية أن تنظيم القاعدة يحاول العودة إلى المحافظة بعدما طردته القوات الإماراتية سنة 2016 من مدينة المكلا، بعد سيطرة استمرت لعام واحد استولى خلالها على العائدات النفطية.

- عامل استقرار في منطقة جغرافية حيوية

وتعد منطقة جنوب اليمن جغرافيا هامة، حيث تطل على البحر الأحمر وخليج عدن، وتشكل ممرا حيويا للتجارة العالمية والملاحة الدولية.

وعلى عكس المناطق الشمالية الخاضعة للحوثيين، لم يمثل الجنوب تحت سيطرة المجلس الانتقالي أي تهديد للاستقرار أو الملاحة خلال السنوات الماضي، فقد حقق المجلس استقرارا ملحوظا في الجنوب، من خلال عمليات عسكرية ناجحة ضد الإرهاب، مثل "عملية سهام الشرق" في محافظة أبين عام 2022 والتي تعد معقلا تقليديا لتنظيم القاعدة منذ عقود، بالإضافة إلى "عملية حاسمة" في ديسمبر 2025 التي أدت إلى طرد عناصر إرهابية وتعزيز الأمن.

المصدر: RT

شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا الإمارات اليمن السعودية

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا