آخر الأخبار

من المنبر إلى قيادة الطائفة العلوية في زمن ما بعد الأسد.. من هو الشيخ غزال؟

شارك

فرض الشيخ غزال نفسه كقائد روحي وسياسي للعلويين، مستفيدا من الفراغ الذي خلفه نظام الأسد بعد تغييب أي مرجعية روحية للطائفة، ليصبح ملاذهم في زمن الضياع والخوف.

يرى أبناء الطائفة العلوية أن مرجعية غزال نجحت من خلال دعوتها للتظاهر والاعتصامات السلمية في إرباك سلطة دمشق غير مرة متكئة على مراكمة الأخطاء والمقاربة القاصرة من قبلها لملف العلويين، فضلا عن نسج علاقات داخلية صريحة مع "شركاء آخرين في الوطن والهدف وآخرى خارجية ألمح إليها الشيخ غزال حين أشار إلى وجود دول تدعم التوجه نحو اللامركزية الإدارية والفيدرالية التي ينادي بها في سوريا.


* من هو الشيخ غزال غزال ؟

لم يقطع الشيخ غزال غزال مع السلطة الجديدة في دمشق منذ لحظة وصولها إلى الحكم بل تعامل معها بحذر شديد قبل أن يسمها بأنها "منظومة كاملة من الإرهاب" بعد الأحداث الدامية التي شهدها الساحل السوري في آذار من هذا العام وراح بعد ذلك ينادي بالفيدرالية والحكم اللامركزي والتف حول دعوته جمهور معقول من العلويين.
والشيخ غزال غزال هو رجل دين ينتمي إلى عائلة دينية معروفة في الساحل السوري وهو يترأس اليوم "المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر" درس الشريعة الإسلامية في دمشق ولندن وعمل مدرسا وإماما وخطيبا في اللاذقية.
وكانت ولادته في العام 1962 في قرية تلا بمنطقة الحفة في اللاذقية لأب هو رجل الدين وهيب غزال الذي كان بيته أول مركز للتعليم الديني في المنطقة حيث نشأ غزال وتلقى علومه التي ساهمت في بلورة خلفية فكرية ساعدته لاحقا على التحول إلى خطيب وواعظ ديني سيترك أثره على المجتمع المحلي في ريف اللاذقية .
وتلقى غزال تعليمه الإبتدائي والاعدادي في مدارس القرية قبل أن يتم تعليمه الثانوي في اللاذقية ثم التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق قبل أن ينتقل إلى لندن حيث درس في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية ليحوز فيها على درجة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية .
وبعد العودة إلى سوريا عمل غزال في مديرية أوقاف اللاذقية مدرسا في ثانويات المدينة ثم تحول إلى مفت للطائفة العلوية في منطقة اللاذقية بالتوازي مع كونه خطيبا ومدرسا وإماما في جامع الإمام محمد الباقر.
للشيخ غزال عدد من الكتب والمخطوطات منها "القلب الإنساني في القران والسنة" ومخطوط حمل عنوان "وسائل المعرفة في القرآن والسنة" كما تمت دعوته إلى العديد من المؤتمرات الإسلامية الأمر الذي ساهم في تسليط المزيد من الضوء على شخصيته الفكرية.


* بعد سقوط النظام

عقب سقوط نظام الأسد طرح الشيخ غزال معادلة تسليم العلويين للسلاح مقابل الحفاظ على أمنهم وطالب أن يكون التسليم بتوجيه من قادتهم مشددا على رفضه الشخصي لحمل السلاح.
مواقف استدعت منه إجراء العديد من اللقاءات مع مسؤولين في حكومة دمشق الجديدة قبل أن يعود اسمه إلى الواجهة بقوة مع تأسيس "المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر" في شباط من العام 2025 الذي عين رئيسا له وفق البيان التأسيسي الذي أشار إلى أن المجلس يمثل "إطارا جامعا لأبناء الطائفة العلوية ويعبر عن تطلعاتهم في مرحلة ما بعد سقوط الأسد" .
ومع حصول مجازر الساحل في آذار الماضي ورفض الشيخ غزال لعمل اللجنة الحكومية لتقصي الحقائق التي أعلنت عنها دمشق قطع الشيخ غزال بشكل نهائي مع الحكومة داعيا إلى تدخل دولي من أجل حماية العلويين الذين كانوا ولا زالوا يعانون من عمليات قتل وخطف وتنكيل بشكل شبه يومي بعد سقوط الأسد قبل أن يدفعوا ثمنا جماعيا باهظا من الضحايا في أحداث آذار.

ليصبح مطلب الشيخ غزال الرئيسي بعد ذلك إقامة دولة علمانية تعددية لا مركزية مشددا على أن الفيدرالية هي الضامن الحقيقي لحقوق جميع المكونات في دستور سوريا المستقبلي.
وتجاوب قسم من العلويين مع الاعتصامات التي دعا اليها الشيخ غزال عقب هجوم عشائر بدوية على أحياء العلويين في مدينة حمص مطالبا بالامركزية وإطلاق سراح المعتقلين العلويين ومشددا على حق جميع المكونات في الحكم ورفض "استخدام المكون السني كأداة سياسية"

وعقب تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب وارتقاء عدد من العلويين الذين كانوا يأمونه أثناء صلاة الجمعة وتبني تنظيم "أنصار السنة" الداعشي للاعتداء دعا الشيخ غزال في بيان مصور إلى "تحرك شعبي سلمي واسع" يهدف إلى إيجاد حلول سياسية جذرية لما وصفها بـ"الأزمة المتفاقمة" محذرا من مخاطر الانزلاق إلى اقتتال داخلي، مشددا على أن دعوته لا تهدف إلى إشعال حرب أهلية إنما تهدف إلى إقامة "فيدرالية سياسية تضمن حقوق المكونات المختلفة".
وكما في المرة السابقة فقد لبى قسم كبير من العلويين دعوة الشيخ غزال للتظاهر لكن حصيلة هذا التظاهر كانت مكلفة هذه المرة مع سقوط عدد من الضحايا في المظاهرات ومعهم عنصر من الأمن العام وعشرات الجرحى المدنيين.
مواقف حولت الشيخ غزال من وجه دعوي له تأثير محلي في منطقته إلى مرجعية سياسية وروحية تملك حيثية وازنة لدى العلويين الذين بحثوا عمن يقودهم في مرحلة الفراغ السياسي قبل أن يجد قسم منهم ضالته في الشيخ القادم بقوة إلى عالم السياسة.


* جزء من المشهد ولا يحتكره

يرى المحلل السياسي فراس خليل أن الشيخ غزال غزال لا يجتهد في السياسة بمقدار ما يمارس دورا مرسوما له بعناية من أجل ضرب الوحدة الوطنية السورية والإنزياح بالساحل السوري نحو التقسيم.

وفي حديثه لـRT أكد خليل أن غزال غزال والهجري ومظلوم عبدي يمارسون دورا وظيفيا يراد منه إرباك الحكومة السورية التي تسعى إلى توفير الأمن والاستقرار في البلاد والتفرغ من المشاكل السياسية وصولا الى حل القضايا الاقتصادية والمعيشية التي ترهق كاهل المواطن السوري، مشيرا إلى أن حلف الأقليات هذا ينحو باتجاه الاستعانة بالخارج ضد أبناء الوطن الذين احتفلوا قبل أيام قليلة على نحو عظيم بالذكرى الأولى لسقوط الأسد.
وحمل المحلل السياسي الشيخ غزال مسؤولية الدم الذي أريق بالأمس في الساحل من قبل عناصر الأمن والمتظاهرين على السواء، مشيرا إلى أن إمكانية تجنبه كانت واردة لو لم يقم الشيخ غزال بالدعوة إلى التظاهر تحت ذرائع واهية تتعلق بتفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حمص، في حين أن الحكومة السورية كانت أكبر المتضررين من التفجير وباشرت على نحو السرعة في التحقيق من أجل الوصول إلى المجرمين.
وفيما يتعلق بمطالب اللامركزية الإدارية والفيدرالية التي دعا إليها الشيخ غزال ودفع جمهورا عريضا من العلويين للنزول إلى الشارع من أجل المطالبة بها، أشار خليل إلى أن محاولة أقلية فرض شروطها على الأكثرية هو أمر يدعو للغرابة والاستفزاز فغالبية السوريين من وجهة نظره يريدون دولة قوية وعزيزة لا مكان فيها للمشاريع الانفصالية التي تهدد وحدة المجتمع وتذهب بريح الدولة وقوتها.

ولفت إلى أن الشعارات التي أطلقت في المظاهرات تعكس المزاج الطائفي عند الفلول الحالمين بعودة الأسد إلى سدة الحكم مجددا ليذيق السوريين من الحديد والنار الذي اكتووا به لعقود طويلة.

ورفض المحلل السياسي الفكرة التي تقول بأن غزال غزال يمثل العلويين مشيرا إلى أن قسما كبيرا منهم يرفض دعوته للفيدرالية ويفضل التعامل مع لجان السلم الأهلي التي أنشأتها الدولة وجعلت منها قناة اتصال بين الدولة وأبنائها الذين يرفعون شكواهم إليها وهم يأملون بأن هذه الشكاوى ستلقى لديهم آذانا صاغية.


* لم تحترموا هواجسهم

من جانبه يرى المحلل السياسي عباس علي أن التعامل مع العلويين من منطلق أن لا شيء يستدعي احتجاجهم وخروجهم للتظاهر رغم النزيف اليومي الذي يلقونه على يد من يدورون في فلك السلطة هو أمر عجيب ويتنافى مع أبسط الحقوق المشروعة للمواطنين في أي مكان في العالم.

وفي حديثه لموقع RT أشار علي إلى أن الشيخ غزال غزال بما يمثله من حيثية شعبية عندهم ربط تحرك العلويين بأحداث جسام استهدفتهم في أمنهم وتجاوزت عليهم إلى الحد الذي لم يعد معه السكوت مجديا سيما وأن مناطق العلويين تشهد وفق قوله قتلا وخطفا وانتهاكات يومية تتعامل معها الحكومة بالإنكار أو برفع العتب والتجاهل في أغلب الأحيان.

وأشار إلى أن اجتياح عشائر البدو لأحياء العلويين في حمص بدعوى قيامهم بارتكاب جريمة لم يثبت تورطهم فيها بأي شكل من الأشكال يستدعي خروجهم للانتفاضة لكرامتهم وينسحب الأمر كذلك على تفجير مسجد لهم بالمصلين الذين يؤمونه.
وعاب المحلل السياسي على الحكومة سرديتها التي تقول بأن كل شيء على ما يرام فلا حاجة للتظاهر مشيراً إلى أن كل مكون يملك الحق في المطالبة بنوع الحكم الذي يرغب أن يعيش في كنفه وأن اتهام الدولة لمكونات بأكملها بالخيانة لمجرد أنهم خرجوا يطالبون بحق الحياة الكريمة ينبئ عن سلوك خطير وغير محسوب العواقب ويهدد السلم الأهلي.

وأكد علي أن الشيخ غزال غزال لا يمثل كل العلويين لكن الكثيرين منهم مستعدون لتسليمه زمام مصيرهم بسبب غياب المرجعية السياسية والروحية لديهم منذ زمن الأسدين وعدم تبلور مشروع جامع داخل الطائفة يتكفل بحمل لواء الدفاع عنها في ظل ما يتهددها من خطر وجودي.

ولفت إلى أن من الظلم والتجني القول بأن العلويين رفعوا شعارات طائفية لمجرد أنهم هتفوا "يا علي" وهو يمثل ما يمثله من قيم عظيمة لعموم المسلمين والإنسانية جمعاء فيما الحقيقة تقول بأن الشعارات التي رددودها من قبيل الدعوة إلى الكرامة واللامركزية الإدارية والفيدرالية يمكن وصفها بأنها شعارات وطنية بامتياز لأن أيا من أنظمة الحكم هذه لا تدعو إلى التقسيم وتحض على وحدة البلاد مع مراعاة الخصوصيه الثقافية والاجتماعية لكل منطقة فلا يمكن لوطن أن يكون عزيزا في جو تتفاوت فيه محصلة الكرامة الوطنية بين طائفة وآخرى. ومواطن وآخر.

وختم المحلل السياسي حديثه لـRT بالإشارة إلى أن تسلط الحكومة الحالية ساهم في تعزيز شعبية الشيخ غزال لدى العلويين الذين تقوم بنية مجتمعهم على العلمانية مع احترام كبير للدين في ظل الاحتكام للعقل بيد أن هؤلاء وفي ظل وجود قيادة واضحة عند السوريين الدروز ومثلهم عند السوريين الأكراد لم يترددوا في التفكر بدعوة الشيخ غزال لهم للتوحد خلفه ما دام أن قائداً جاء بعد غياب ليعيد ترتيب البيت الداخلي عند الطائفة على النحو الذي يضم في أيديها ما يمكنه من أوراق القوة.

المصدر: RT

شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب أمريكا روسيا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا