آخر الأخبار

"قرية الأيتام" مخيم إيواء بغزة خاص بأرامل الشهداء وأطفالهن

شارك

غزة- أثار افتتاح مركز "قرية الأيتام" في مدينة غزة شعورا بالارتياح لدى النساء، وذلك لأنه يقتصر على الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن خلال الحرب، كونه لا يسمح بإقامة الذكور الذين تتجاوز أعمارهم 12 عاما.

وتبرّر إدارة المركز هذا القرار بالرغبة في توفير قدر أكبر من الخصوصية والحماية للفئة الأكثر هشاشة بين النازحين.

ويتكوّن المركز، الذي يقع في حي الشيخ رضوان وسط مدينة غزة، من نحو 80 خيمة، إلى جانب مرافق خدماتية متعددة، ويوفر الماء والطعام يوميا للأرامل وأطفالهن، وخصصت إدارة القرية غرفة لاستقبال الضيوف الرجال من أقارب المقيمات، ولا تسمح بالدخول سوى لاثنين من العاملين، لتقديم الخدمات الأساسية.

مصدر الصورة هنا تحاول الأرامل إعادة بناء حياة جديدة ويجد الأطفال مكانا يخفف عنهم ثقل الفقد (الجزيرة)

نِعمة الخصوصية

ورغم إقامتها في خيمة داخل المركز عبرت نداء الحمادين عن شعورها بنوع من الراحة لسببين: الأول أنها تنعم بقدر من الخصوصية في غياب الرجال، والثاني تحسّن مزاج أطفالها نتيجة غياب الشعور بالغيرة من أقرانهم غير الأيتام.

وقد فقدتْ نداء زوجها في مارس/آذار 2024، عندما توجه لإحضار بعض الأغراض من منزلهم المدمّر في بيت حانون ، فاستهدفه قنّاص إسرائيلي. ومنذ ذلك الحين، تُعيل المواطنة الفلسطينية 3 أطفال أكبرهم يبلغ 8 أعوام، دون أي مصدر دخل.

وبعد 4 أيام فقط على إقامتها في المركز، بدأت نداء تلمس الفرق الكبير بينه وبين مراكز الإيواء المختلطة التي تنقلت بينها خلال العامين الأخيرين.

فكانت النساء في المراكز السابقة تفتقدن الخصوصية بشكل شبه كامل، ويضطررن لارتداء الملابس الكاملة معظم الوقت، وكن يخفض أصواتهن بسبب تلاصق الخيام ووجود الرجال في المكان نفسه.

مصدر الصورة نداء الحمادين وجدت مكانا يحترم خصوصيتها ولا يذكّر أطفالها بأنهم فقدوا أباهم (الجزيرة)

أقل وجعا

وثمّة فائدة أخرى لإقامة نداء في المخيم، فأطفالها كانوا يعانون من غيرة موجعة حين يرون مشاهد استقبال الآباء لأبنائهم واحتضانهم لهم.

إعلان

وتروي الأرملة الفلسطينية أن طفلتها التي لا تتجاوز 4 سنوات سألتها يوما "هل أستطيع أن أنادي خالي محمد: بابا؟" وحين رفضت الأم، سألت الصغيرة مجددا "طيب، هل أقول بابا لجدي؟".

وبدأ هذا الألم يخف في "قرية الأيتام" وتقول نداء "نحن هنا شريحة واحدة، نساء وأرامل، ومعاناتنا واحدة، وهذا يخفف عنا الكثير ويُبعد المشاكل" وترى أن معاناة أرامل الحرب بالغة القسوة، خصوصا مع غياب مصادر الدخل والمساعدات، مما يضطرهن للانعزال بأطفالهن حتى لا يضاعفن أحزانهم.

مصدر الصورة إيمان الجرجاوي وجدت في مركز الأيتام و الأرامل مساحة آمنة تحفظ خصوصيتها (الجزيرة)

احتياجات خاصة

أما إيمان الجرجاوي، فذاكرتها مثقلة بالذكريات المزعجة التي خلفها العيش في مراكز الإيواء المختلطة، وتقول إن النساء، وخاصة الأرامل، يعانين بشدة بسبب الافتقار للخصوصية، سواء كانت المراكز مدارس أو خياما عشوائية.

وتشير لوجود احتياجات خاصة لدى النساء لا تراعيها بيئة المخيمات المختلطة، مشيدة بالإجراءات التنظيمية داخل هذا المخيم، مثل منع دخول الرجال، وتوفير غرفة مخصصة للزيارات، وإغلاق المخيم مساء، وتوفير حراسة ليلية.

واعتبرت إيمان أن هذه التفاصيل الصغيرة تمنح النساء شعورا بالأمان طال افتقادهن له.

مصدر الصورة وسام الجزار جاءت للمخيم بحثا عن مأوى وبقيت لأنها وجدت نظاما يحمي خصوصيتها (الجزيرة)

مأوى وأمان

أما وسام الجزار، وهي أم طفلين، فكان دافعها الأول للانتقال إلى "قرية الأيتام" هو البحث عن مأوى بعد فقدان زوجها ومصدر دخلها، ومنحها النظام المتبع في المخيم طمأنينة لم تعهدها في مراكز الإيواء السابقة.

وتقول إن تخصيص مكان منفصل للقاء الأقارب الرجال أمر غير مزعج، بل يساعد الأرامل على نيل قدر من الخصوصية، وعلى الرغم من تحفّظ عائلتها في البداية، إلا أنها شجعتها لاحقا على البقاء في المخيم لما وجدته من أمان ونظام.

وتشاركها رُدينة المصري الشعور ذاته، فقد عانت مشقة النزوح الأخير إلى وسط القطاع، واستشهد زوجها أثناء خروجه لإحضار الماء للأسرة، تاركا لها 3 أطفال أصغرهم في الرابعة.

وتقول رُدينة إنها مكثت شهرا كاملا في مكان بلا سقف ولا فراش ولا خيمة، قبل أن تضطر للعودة إلى شمال القطاع مشيا مع أطفالها لعدم امتلاكها أجرة المواصلات.

واليوم، ورغم أيامها القليلة داخل مخيم الأيتام والأرامل، إلا أنها تشعر بفائدة "الخصوصية" معتبرة أنها حاجة أساسية للمرأة، خاصة حين تكون أرملة وتعتني بأيتام في ظروف معيشية قاهرة.

لكنها ترى أن غياب مصدر دخل ثابت لأرامل الحرب يبقى المشكلة الأكبر، وتأمل أن تجد المؤسسات الرسمية والإغاثية حلا مستداما لها.

مصدر الصورة فكرة المخيم جاءت من الاحتكاك المباشر مع النازحات (الجزيرة)

مساحة خاصة

بدأت جمعية الأدهم للتنمية والتطوير إقامة هذا المخيم مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وافتتحته قبل أسبوع.

وتوضح رئيسة مجلس إدارة الجمعية فداء النونو أن فكرة المخيم جاءت من الاحتكاك المباشر مع النازحات، ولا سيما الأرامل منهن، اللواتي افتقدن الخصوصية في مراكز الإيواء المختلطة.

وتقول إن الهدف الأساسي هو دعم أرامل وأيتام الحرب، ومنح الأرملة مساحة من الحرية والشعور بالوجود بعد فقدان الزوج وتحمل مسؤولية الأطفال.

إعلان

وتشير إلى أن المخيم المموَّل من مؤسسة "يودار" التركية لا يسمح بدخول الرجال أو الأطفال فوق 12 عاما، موضحة أن الزيارات مسموحة في أماكن مخصصة، وأن المركز يقدم الماء والطعام يوميا للأسر المقيمة.

وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمخيم 80 عائلة، وصل منها فعليا 35، ويُتوقع وصول بقية العائلات الأيام القادمة من وسط وجنوب القطاع.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا