آخر الأخبار

هل خسرت الحركات الإسلامية جيل زد؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

ضمن جغرافيا العالمين العربي والإسلامي، وفي زمن الفضاءات المفتوحة وحرية المعلومات وسيادة الحقيقة المجردة، ولد " جيل زد " الذي يبحث عن العدالة ولا يثق في المؤسسات التي ترفع شعارها.

وتبدو دراسة جيل زد وعلاقته بالتغيير والتدين من القضايا المعقدة، لأنه لم يولد في حقبة الوعظ والمنابر، بل في زمن الخوارزميات والشاشات، كما أنه لم يكوّن وعيه في حلقات الدروس أو في ساحات التنظيم، وإنما تربى على إتاحة المعلومة والابتعاد عن التلقين.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 كيف تسهم الانتخابات النيابية في إعادة بناء الدولة السورية؟
* list 2 of 2 عدد جديد من مجلة "لباب" يرصد تحولات التوازنات الإقليمية والدولية end of list

وبينما كانت الحركات الإسلامية تنشغل بقضاياها الداخلية أو بصدامها مع الأنظمة، كان هذا الجيل يتربى بعيدا عنها، ويرى الإسلام من خلال عدسة الإعلام، ويسمع عن "المشروع الإسلامي" من خصومه، كما يسمع من دعاته.

وبوصفه جيلا يحمل في داخله قيم النهضة الإسلامية حيث يركز على الحرية والعدالة والانتماء للأمة، فإنه خليق بأن تبنى معه جسور للتواصل ليتم تحويله إلى قوة تغيير حيوية تمتلك مفاتيح المستقبل.

وحول طبيعة جيل زد وفجوته مع الحركات الإسلامية التقليدية، وآليات انجذابه نحو الخطاب الإسلامي، نشر مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية ورقة تحليلية، ضمن سلسلة أوراق التحول الشعبي والوعي الجمعي، حملت عنوان "جيل زد والحركات الإسلامية: بين النفور والانجذاب.. نحو استعادة الجسر المفقود بين التدين والتغيير".

جيل زد.. العصر الرقمي وزمن التحولات

يمثل جيل زد حلقة وصل بين عالمين متباينين: عالم الثورة الرقمية، وعالم ما قبلها، وتبدو ملامحه بشكل أوضح في كونه يعيش في عصر السرعة، ولا يؤمن بالتراتبية ولا يثق في المؤسسات، ولا يعطي قيمة للانتماء مقابل البحث عن الذات، ومن أبرز سماته:


* الذكاء الرقمي الفائق، لقدرته الفائقة على الوصول إلى المعلومة وتوظيفها.
* النزعة النقدية، إذ لا يقبل المسلمات، ولا يخضع للسلطة السياسية والدينية التقليدية.
* النزعة الكونية، حيث يرى نفسه جزءا من العالم، لا من حدود الدولة القُطرية، وينتمي إلى قضايا عابرة للحدود ( فلسطين ، المناخ، العدالة، المساواة).
* ونبهت الورقة التحليلية على أن هذا الجيل لا يمكن احتواؤه بالأساليب القديمة، وإنما بخطاب يستوعب حساسيته المعنوية.

صورة الحركة الإسلامية عند الجيل الجديد

وتبدو صورة هذه الحركات في ذهن الجديد متذبذبة أو متناقضة، إذ تدور بين الإعجاب بمشروع الآباء وقيمهم، وبين الخيبة من النتائج التي تم تحقيقها، ولذلك تبدو الحركات الإسلامية في نظره ما زالت عالقة في الماضي.

إعلان

ومن أبرز ملامح هذه الصورة ما يلي:


* التأثر بالحمولة السلبية التي صنعها الإعلام العالمي عن الحركات الإسلامية بوصفها رمزا للفشل والعنف.
* تجربة الحكم بعد الربيع العربي التي أدت إلى فقدان الثقة في قدرة الإسلاميين على إدارة الدولة الحديثة.
* غياب التجديد، إذ ظلت الحركات الإسلامية عاكفة على تكرار الرموز والأدبيات والخطاب، بينما تغيرت أسئلة الجيل واهتماماته.

وبالإضافة إلى ذلك، لم تنجح الحركات الإسلامية في نظر الجيل الجديد في خلق قادة لهم القدرة على مخاطبة الشباب بلغة قريبة من وعيهم.

ومع ذلك، فإن الجيل الجديد لا يرفض قيم الإسلام ذاتها، بل يرفض أن يُحتكر أو يوظف سياسيا دون إجابة عن أسئلته الكبرى: الحرية، العدالة، الكرامة، المساواة، والعلاقة بالدولة الحديثة.

الفجوة والتقارب وآليات الانجذاب

وبالنظر إلى عمق الإشكال بين الجيل الجديد والحركات الإسلامية فإنه سيتبين أن الفجوة بينهما تعود إلى عدة أسباب أهمها أن الخطاب الإسلامي التقليدي لا يتماشى مع طموحات الجيل الجديد الذي يبحث عن القيم الكبرى الباحثة عن العدالة والكرامة.

ومن جذور الفجوة بين الطرفين أن الحركات الإسلامية لا تزال تركز على الحكم والسياسة الشرعية، بينما ينشغل الجيل بقضايا العدالة الاجتماعية، المناخ، المرأة، وحرية التعبير.

كما أن الأساليب المعتمدة من كلا الطرفين مختلفة، إذ تعتمد الحركات على التلقين والوصاية، بينما يعيش الجيل الجديد على ثقافة الحوار والنقاش، والبحث عن الإقناع.

وإذا أرادت الحركات الإسلامية أن تجذب نحوها هذه القوة الجديدة، فإنها لا بد أن تتحرك إلى الفضاءات الرقمية لتصنع جسورا للتواصل، وتعمل على سردية تربط الإسلام بالحرية وليس بالقهر.

ومن شأن الاهتمام بالفن والثقافة والفنون المرئية أن تزيد من آليات انجذاب الجيل الجديد نحو قيم الإسلام وارتباطه بالحركات الإسلامية وخطابها.

مصدر الصورة جيل زد يمتلك قوة الضغط التي تتيح له عرض القضايا العادلة على الرأي العام (الجزيرة)

جيل زد كقوة تغيير

أشارت الورقة التحليلية إلى أن جيل زد كقوة تغيير قوية صاعدة لا ينبغي أن يهمل، بل يجب أن يحاور ويقنع، لأنه يمتلك من الأدوات والوسائل ما لم يكن متاحا للأجيال السابقة، إذ له قدرة فائقة على التواصل والتنظيم الذاتي والتعبئة الرقمية.

وتبرز قوة الجيل الجديد في كونه يمتلك من الطاقات ما يعادل ما تتمتع الحركات التقليدية من تجارب، كما أن ما ينقصها من القدرة على التفاعل الجماهيري، يملك الجيل أيضا القدرة على إحداثه.

وتبرز مظاهر القوة التي يتمتع بها جيل زد في ما يلي:


* قوة الوعي، إذ امتلك الكثير من الفهم عبر الفضاء الرقمي الأمر الذي وسّع من إدراكه ونشاطه.
* امتلاك قوة الضغط، ويتجلّى ذلك من خلال قدرته على عرض القضايا العادلة على الرأي العام.
* قوة البناء، وذلك من خلال القدرة على تطوير المشاريع التنموية
* قوة الربط، إذ يمتلك قدرة على ربط الناس بالدين والسياسة بالقيم.

وانطلاقا من ذلك نوّهت الدراسة إلى أن جيل زد يمكن أن يتحول إلى جيل المقاومة الحضارية الذي يواجه التغريب والاستبداد والاحتلال معا، ويفتح الباب أمام مشروع التغيير الإسلامي المتجدد.

واختتمت الدراسة قراءتها بمجموعة من التوصيات أهمها:


* إعادة تعريف العلاقة بين الدين والتغيير.
* إطلاق المبادرات الشبابية التي تعبر عن روح الإسلام المتجددة.
* اعتماد إستراتيجية العودة إلى الناس بدل التمركز حول الصراع مع الأنظمة.
إعلان

واعتمادا على هذه المعطيات فإن جيل زد لا يعتبر خصما للإسلام، وإنما عاصر الحاجة إلى ضرورة تجديده، ولذلك يمكن أن يعيد تعريف العلاقة بين الإيمان والحرية، وإن لم تسايره الحركات الإسلامية في ذلك فستجد نفسها خارج التاريخ.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا