أعلنت اللجنة الانتخابية في الكاميرون فوز الرئيس بول بيا بولاية جديدة بعد انتخابات وُصفت بأنها الأكثر إثارة للجدل في تاريخ البلاد الحديث.
وجاء الإعلان في وقت تشهد فيه العاصمة ياوندي وعدد من المدن الكبرى احتجاجات عنيفة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، وسط اتهامات واسعة بالتزوير ورفض المعارضة الاعتراف بالنتائج.
وأكدت اللجنة أن بيا، الذي تجاوز الـ90 من عمره، حصل على أكثر من 60% من الأصوات، ما يضمن له البقاء في السلطة لولاية ثامنة.
لكن المعارضة سارعت إلى رفض هذه النتائج، معتبرة أنها ثمرة تزوير ممنهج وهيمنة كاملة على العملية الانتخابية.
مراقبون محليون ودوليون أشاروا بدورهم إلى انتهاكات واسعة شملت التضييق على الحملات الانتخابية، وغياب الشفافية في عمليات الفرز، وهو ما زاد من حدة الشكوك حول نزاهة الاقتراع.
فور إعلان النتائج، خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في ياوندي ودوولا، رافعين شعارات تطالب بـ"رحيل بيا" وإنهاء عقود من الحكم.
ومع تصاعد الغضب الشعبي، تدخلت قوات الأمن مستخدمة الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المحتجين.
وأسفرت المواجهات عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، وفق مصادر طبية، بينما اعتُقل المئات من أنصار المعارضة في مختلف أنحاء البلاد.
يحكم بول بيا الكاميرون منذ عام 1982، ويُعد أحد أطول القادة بقاء في السلطة على مستوى العالم.
وخلال هذه العقود، واجهت البلاد أزمات متشابكة، أبرزها النزاع المسلح في المناطق الناطقة بالإنجليزية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وتصاعد الغضب الشعبي من الفساد المستشري.
وترى المعارضة أن استمرار بيا في الحكم يفاقم الانقسامات الداخلية ويهدد الاستقرار السياسي، في وقت تتطلع فيه شرائح واسعة من المجتمع إلى انتقال سلمي للسلطة.
مظاهرات لأنصار المعارضة عقب إعلان فوز بيا (رويترز)
أثارت التطورات الأخيرة قلقا واسعا في الأوساط الدولية. فقد دعا الاتحاد الأفريقي إلى التهدئة والحوار بين الأطراف، بينما طالبت منظمات حقوقية بفتح تحقيق مستقل في أعمال العنف التي رافقت إعلان النتائج.
كما أعربت بعض العواصم الغربية عن "قلق عميق" إزاء ما يجري، وحثت السلطات الكاميرونية على احترام حق التظاهر السلمي وضمان سلامة المواطنين.
مع تمسك بيا بالسلطة ورفض المعارضة الاعتراف بالنتائج، تبدو الكاميرون مقبلة على مرحلة حرجة قد تحدد مستقبلها السياسي.
وبينما يزداد الضغط الداخلي والخارجي لإيجاد مخرج للأزمة، يظل التساؤل مطروحا حول ما إذا كانت البلاد ستشهد حوارا وطنيا شاملا يوقف دوامة العنف، أم أنها ستنحدر نحو مزيد من الاضطراب وعدم الاستقرار.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة