آخر الأخبار

موقع إسرائيلي: طالب فلسطيني يكتب كلمات وداعه الأخير لغزة

شارك

في نص ينضح وجعا وصدقا، يروي الشاب الفلسطيني عبد الله الجزّار لحظات مغادرته غزة إلى أ يرلندا حاملا معه حقيبة صغيرة وأثقالا من مشاعر الذنب والحب والذكريات، بعد حصوله على منحة دراسية، تاركا خلفه أمّه وإخوته ومدينة تغتالها الحرب وتنهشها المجاعة.

منذ الوهلة الأولى في حكايته التي كتب تفاصيلها نصا بمجلة (+972) الإسرائيلية الإلكترونية، يتجلى الصراع بين الأمل والخجل، بين حلم النجاة والشعور بالذنب.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 موقع إيطالي: حفتر اشترى مروحيات من جنوب أفريقيا رغم الحظر
* list 2 of 2 إندبندنت: لهذا سترسل بريطانيا جنودها إلى إسرائيل end of list

هناك، بين صالون الحلاقة المتواضع وخيمته في منطقة المواصي ، تبدأ رحلة الفراق حيث اختلق "كذبة صغيرة" لحلاقه أخبره فيها أنه سيتقدّم لخطبة فتاة يحبها، فقط ليقنع الحلاق بالاهتمام بقصَّ شعره لكي يبدو في مظهر أنيق عندما يغادر في يوم الوداع الأخير.

يروي الجزار، وهو فلسطيني من غزة، أن الحكومة الأيرلندية اتصلت به في يوم ثلاثاء من أغسطس/آب الماضي لتبلغه بأن عليه الاستعداد لمغادرة غزة إلى أيرلندا حيث "تستعد جامعة مايوث لاستقبالك".

مصدر الصورة عبد الله الجزار أمام خيام في المواصي (حساب الجزار في إنستغرام)

عبارة فقدت معناها

ويقول: "كنت، طوال أكثر من عام، أتدرّب على مغادرة بيتي في غزة، كما يتدرّب أخي الصغير على الطيران بطائرته الورقية. والآن انتهى التدريب، وحان الموعد الحقيقي".

ويضيف: "كانت لديّ خطط كبيرة، لكن كيف يمكن للمرء أن يترك حياته؟ كيف يتخلى عن بيته؟ أردت أن أغادر وظهري مستقيم، وكرامتي محفوظة".

ويردف قائلا إنه لم يُرد أن يشعر كأنه يهرب، "لكن الرحيل بكرامة عبارة فقدت معناها منذ زمن".

المرة الأولى

حين نظر في المرآة رأى وجه أخيه نور، "الشرطي المفقود" منذ قصف خان يونس ، وكأنه يستأذنه للمغادرة. كانت المرة الأولى التي يصبح فيها هو "الراحل"، بعد أن اعتاد أن يكون هو "من بقي" في غزة.

وبين خوفه من أن يمنعه جندي إسرائيلي التوجه إلى معبر كرم أبو سالم ، كان منظر غزة المدمرة يمر أمام ناظريه.

إعلان

وفي مشهد مفعم بالعاطفة، يصف الجزار لحظة الوداع قائلا: "استأجرت سيارة أجرة بدل عربة يجرّها حمار لتنقلني من المواصي إلى دير البلح في وسط القطاع، ومنها بحافلة إلى المعبر".

في تلك الأثناء أدرك أنها ربما تكون لحظة الوداع الأخير. ودّع أمه التي لا تعرف الكراهية رغم أن الحرب سلبتها أحبتها، وقال لأخيه الصغير علي: "اعتنِ بنفسك وبأمك، حسنا؟".

عبد الله الجزار: لم ألتفت لأرى عائلتي مرة أخرى. كنت أشعر بالخجل. كنت أغادر نحو السلام، بينما يبقون هم أسرى الحرب والجوع.

شعر بالخجل

"كانت هذه كلماتي الأخيرة إلى غزة. لم ألتفت لأرى عائلتي مرة أخرى. كنت أشعر بالخجل. كنت أغادر نحو السلام، بينما يبقون هم أسرى الحرب والجوع".

وعند معبر كرم أبو سالم، بين دخان السجائر التي أشعلها المسافرون كأنها بخور الرحيل، بدأ يذوب بين المنفى والمجهول.

وعلى الجانب الإسرائيلي من المعبر، بدا موظفو السفارة الأيرلندية -في نظره- كأنهم ملائكة يقدّمون الماء والطعام للمسافرين، في حين تأشيرة واحدة تُخرجه من الجحيم. ورقة واحدة فصلت بينه وبين موطنٍ يتداعى إلى الرماد.

يراه في أحلامه

في الطريق إلى دبلن عاصمة أيرلندا، ظلّ طيف أخيه نور يزوره في الحلم، يقول له: "احملني معك، لا كعبء، بل كجناحين". ويضيف: "في الليل، أراه في أحلامي يبحث عني. أناديه: أراه في أحلامي يبحث عني. أناديه: أنا في أيرلندا، حبيبي. كل شيء هنا أخضر وجميل".

ويتابع مخاطبا نزر في حلمه: "انتقلت إلى سكني في مايوث، غرفة واحدة لكنها تتسع لاثنين. احتفظت بمكان لك قرب النافذة. فقط قل لي أين أنت يا حبيبي، وسآتي لأخذك".

كيف ينجو من وطنه

حمل الجزار أخاه نور في قلبه، وهو يستعيد أطلال بيت ومصنع ومزرعة التهمتها الحرب. حتى حين أُعلن عن وقف إطلاق النار، لم يشعر بالسكينة، بل بالحيرة: كيف ينجو المرء من وطنه؟ وكيف يُشفى ممن يحبّ؟

ثم جاء الخبر السعيد. وعن تلك اللحظة، كتب يقول: "نور حيّ. أسيرٌ، لكنه حي"، قبل أن ينهار باكيا كما لو أن القلب تذكّر نبضه بعد طول صمت.

في دبلن، يدرس عبد الله الجزار حاليا لنيل درجة الماجستير في جامعة مايوث بأيرلندا، حيث يشغل منصب منسّق برنامج الطلاب الفلسطينيين القادمين من غزة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا