في مقال تحليلي نشرته صحيفة هآرتس، يرى المحلل السياسي تسفي برئيل، أن إسرائيل التي دمّرت قطاع غزة، تعرضت هي نفسها لانهيار داخلي، يمكن تسميته "النكبة الإسرائيلية" من الداخل.
ويستعيد برئيل، في مستهل مقاله، تصريحا أدلى به وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر عام 2023، وصف فيه الدمار الذي حلَّ بالقطاع الفلسطيني، أنه "نكبة غزة" رغم توبيخ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – له، معتبرا المصطلح الذي اجترحه "ضارا".
ويشير الكاتب إلى أن ديختر برّر لاحقا استخدامه المصطلح، "إنّ الإسرائيليين يمكنهم تبنّي نفس المصطلحات التي يصوغها العرب"، مضيفا "ليس لدينا ما يدعو لاختراع كلمات عبرية".
ويوافقه برئيل الرأي "إن الوزير كان محقاً في الذي ذهب إليه، لأن مصطلح النكبة الفلسطينية، الذي لطالما سعت إسرائيل إلى محوه من معجمها اللغوي، ليس كلمة تحتاج إلى تعريف قاموسي".
وللمفارقة، فإن الكاتب ينفي أن تكون غزة قد شهدت نكبة بالمعنى التاريخي للكلمة، إذ يدّعي أن سكان القطاع لم يُطرَدوا من وطنهم.
وفي تعليله للنفي، يقول المحلل السياسي "إن الفلسطينيين بقوا في غزة، ورغم الخسائر الهائلة التي طالتهم في الأرواح واضطرارهم إلى النزوح من منازلهم ازداد تمسّكهم بطموحاتهم الوطنية لإقامة دولتهم المستقلة التي حصلت على اعتراف دولي أوسع من أي وقت مضى".
وفي المقابل، تشهد إسرائيل شكلا من الدمار الداخلي أعمق مما تعرض له قطاع غزة، حسب زعمه.
وأوضح منذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، استغلّ قادة إسرائيل الحرب غطاءً لتفكيك الأسس الديمقراطية للدولة، فكان أن سُحقت الحرية الأكاديمية بأيدي السياسيين، وتحولت المحكمة العليا إلى "عدوّ للنظام"، وتواجه المؤسسات الثقافية والفنية تهديدات بالرقابة والخنق المالي إن لم تلتزم بخط النظام.
المحكمة العليا تحولت إلى "عدوّ للنظام"، وتواجه المؤسسات الثقافية والفنية تهديدات بالرقابة والخنق المالي إن لم تلتزم بخط النظام
أما القيم الديمقراطية الجوهرية -كالمساواة والعدالة وحرية التعبير وحقوق الأقليات وفصل السلطات وتحديد صلاحيات الحكومة- فقد قوضتها "عصابة لا تعرف القيود".
ويعتبر الكاتب أن الحكومة تسعى إلى إعادة صياغة السرد الوطني لإخفاء مسؤوليتها عن كارثة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لا سيما مسؤولية نتنياهو، بخلق وعي زائف يُقنع الإسرائيليين بأنهم يعيشون مرحلة "الخلاص" لا الانهيار.
بهذه الطريقة -يقول برئيل- تبيع الحكومة الإسرائيلية لشعبها الوهم ذاته الذي باعته للفلسطينيين، أن الوطن الذي تحلمون به لم يوجد يوماً، وإن لم تندمجوا في "الدولة الجديدة"، فستظلون لاجئين إلى الأبد.