أكدت فرزانه صادق، وزيرة الطرق والتنمية الحضرية في #إيران، خلال لقائها مع رشاد نبيأوف، وزير النقل والاتصالات الرقمية في جمهورية أذربيجان، اكدت على أن جمهورية ايران الاسلامية تتابع بشكل خاص تنفيذ التخفيضات الجمركية والتعريفية والتخطيط لتسيير رحلات سككية منتظمة على الطريق الغربي… pic.twitter.com/aDTGAx4S1c
— وكالة إرنا العربیة (@irna_arabic) October 13, 2025
طهران – في خضم التحولات الجيوسياسية المتسارعة في جنوب القوقاز، يبرز مشروع "ممر أرس" كخطوة إيرانية إستراتيجية لإعادة صياغة معادلات النقل والاتصال الإقليمي.
ففي عام 2024 أبرمت طهران وباكو اتفاقا لتطوير هذا الممر، الذي يمتد عبر شمال إيران ليصل بين أذربيجان و إقليم نخجوان ، مانحا طهران موقعا محوريا في شبكة الممرات العابرة بين القوقاز والشرق الأوسط.
ويُعد هذا الممر جزءا من البنية التحتية الإيرانية التي تهدف إلى ضمان استمرارية مشاركتها في المبادلات التجارية الإقليمية وتعزيز مكانتها الجيوسياسية.
يأتي المشروع في ظل توتر بين طهران من جهة، وباكو ويريفان من جهة أخرى بشأن ممر زنغزور ، الذي شهد تدخلا أميركيا عبر اتفاق يعرف بـ"السلام والتنمية"، والذي اعتبرته إيران محاولة لإقصائها من الممرات الإقليمية ومنعها من لعب دور إستراتيجي في القوقاز.
وحذر المسؤولون الإيرانيون من أن منح الإدارة الأميركية حق إدارة زنغزور لمدة 99 عاما يمكن أن يقلص نفوذ طهران في المعادلات الإقليمية. في المقابل، يُنظر إلى ممر أرس كخيار عملي وآمن يعزز موقع طهران ويخفف من مخاوفها بشأن الاستبعاد من المبادلات التجارية الإقليمية.
في هذا السياق، أكدت وزيرة الطرق الإيرانية فرزانه صادق، في مؤتمر صحفي، جدية بلادها في المضي قدما في المشروع، قائلة "سنربط أذربيجان بنخجوان عبر إيران من خلال ممر أرس". وأوضحت أن المسار الذي وصلت أرمينيا إلى تفاهمات بخصوصه مع الولايات المتحدة يمر عبر مرتفعات وعرة جدا، ومن غير المرجح أن يستكمل في المستقبل القريب.
وأضافت أن ممر أرس قائم ويعتمد على استكمال البنية التحتية وتوفير الموارد اللازمة، وأن التحديات الهندسية تشمل حفر أنفاق صعبة وبناء جسور في مناطق جبلية وعرة، لكن الهدف هو إنجاز الممر خلال عام واحد.
يكشف هذا التصريح عن توجه واضح لتكريس هذا الممر كبديل واقعي لزنغزور، ولتثبيت الدور الإيراني كممر رئيسي بين القوقاز والشرق الأوسط، مستفيدا من الاتفاق مع باكو لضمان استمرار مشاركة طهران في المبادلات التجارية الإقليمية.
Voir cette publication sur Instagram
من جانبه، أوضح مدير مركز دراسات العالم المعاصر في طهران شعيب بهمن للجزيرة نت أن ما يعرف اليوم بممر أرس ليس مشروعا مستحدثا، بل هو تطوير لممر قائم منذ عقود، غير أن التحولات السياسية في جنوب القوقاز جعلت منه مبادرة إيرانية بديلة لمشروع زنغزور الذي تسعى أطراف إقليمية ودولية إلى تمريره عبر الأراضي الأرمينية.
وأضاف أن إيران قدمته باعتباره خيارا عمليا وأكثر أمانا واستقرارا من الممر الأرميني، إلا أن كلا من أذربيجان وتركيا لا تبديان حماسا كبيرا لاستخدامه، إذ تميلان إلى المضي في مشروع ممر زنغزور لأسباب إستراتيجية بعيدة المدى تتعلق بمصالحهما المشتركة وبالتواصل مع الغرب.
وحسب شعيب بهمن، فإن مشروع زنغزور، أو ما يعرف في بعض الأوساط باسم "المسار الغربي"، في الأساس مدعوم من الغرب ويمكن أن يحمل انعكاسات سلبية على المصالح الإيرانية في المنطقة، لأنه يهدف إلى تقليص دور طهران كممر محوري بين القوقاز والشرق الأوسط.
وقال إن إيران، رغم استمرارها في فتح أراضيها لمرور أذربيجان نحو نخجوان وتركيا، تدرك أن بعض الأطراف الإقليمية تفضل البحث عن بدائل أخرى، مشيرا إلى أن التنافس على الممرات في جنوب القوقاز لا يتعلق فقط بالجغرافيا أو الاقتصاد، بل هو في جوهره صراع جيوسياسي على النفوذ ورسم خريطة الاتصالات الجديدة في المنطقة.
🇷🇺🇮🇷
أعلن وزير الطرق والبناء في إيران، فرزانه صادق، أن طهران سلمت لروسيا شريطًا من خط سكة الحديد الرشت-آستارا بطول 34 كيلومترًا.ويُعد هذا الإجراء بدايةً لتنفيذ مشروع الممر اللوجستي الشمال-جنوب، وهو طريق تجاري يربط روسيا وإيران والهند ودول الخليج، بهدف تجاوز طرق الشحن الغربية… pic.twitter.com/yjLRiWL5F8
— Arab-Military (@ashrafnsier) September 27, 2025
من جهته، قال الخبير الإيراني في الشؤون الدولية أشكان ممبيني للجزيرة نت إن هذا الممر، الذي يمتد عبر شمال إيران بمحاذاة نهر أرس، لا يربط فقط أذربيجان بإقليم نخجوان، بل يرسخ موقع طهران بوصفها جسرا محوريا في الممرات العابرة من الشرق إلى الغرب، في وقت يتصاعد فيه التنافس الدولي على السيطرة على طرق التجارة العالمية.
وأشار ممبيني إلى أن تنفيذ هذا الممر يضمن لإيران مكاسب اقتصادية وأمنية وسياسية مهمة، ويساعدها على تفادي أي عزلة جيوسياسية محتملة، وأن طهران، وبعد التطورات التي أعقبت حرب قره باغ الثانية لا يمكنها أن تغفل عن هذه الفرصة، لأن ممر أرس يمثل أداة فعالة لمواجهة المشاريع الإقصائية للقوى الخارجية مثل "واشنطن وتركيا وإسرائيل، التي تسعى إلى تجاوز الدور الإيراني في معادلات المنطقة".
وتتجاوز أهمية الممر -برأيه- كونه طريق نقل تقليديا، فهو قادر على زيادة حجم التجارة الإقليمية، وتقليص زمن عبور البضائع، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين دول الجوار. وأكد أن المشروع يقدم بديلا آمنا ومستقلا في مواجهة مشاريع مثل ممر زنغزور، الذي بات تحت تأثير الدول الغربية والقوى الإقليمية، ويشكل تهديدا مباشرا لمصالح إيران وروسيا.
كما يسهم -حسب ممبيني- في الحد من التوترات القومية والحدودية، ويعزز نفوذ طهران في القوقاز من خلال ربط مباشر بين أذربيجان ونخجوان عبر الأراضي الإيرانية، ويسهم أيضا في الحد من تمدد نفوذ حلف شمال الأطلسي ( ناتو ) وإسرائيل في آسيا الوسطى. ورأى أن تطويره سيجعل من إيران لاعبا أساسيا في شبكات النقل والتجارة العالمية.
وختم الخبير الإيراني بالقول إن الإسراع في تنفيذ وتشغيل ممر أرس يعد ضرورة وطنية تمكّن طهران من مواكبة التحولات الكبرى في الممرات الدولية للطاقة والتجارة. وأكد أن التركيز عليه لا يضمن فقط الأمن القومي الإيراني، بل يرسخ مكانة البلاد كقوة محورية في ربط الشرق بالغرب، ويحمي مصالحها الإستراتيجية من الضغوط والتحديات الخارجية.