آخر الأخبار

كيف قرأ المغاربة خطاب الملك محمد السادس؟

شارك





الرباط – دعا الملك المغربي محمد السادس إلى إعطاء الأولوية لبرامج التنمية المحلية لاسيما تلك المتعلقة بتوفير فرص العمل والنهوض بقطاعي الصحة والتعليم، مشددا على ضرورة محاربة كل الممارسات التي تضيّع الوقت والجهد والإمكانات.

جاء ذلك في خطاب ألقاه مساء يوم الجمعة بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الأخيرة من الولاية الحكومية الحالية أمام البرلمان المغربي بمجلسيه.

واتجهت الأنظار إلى خطاب الملك بعد أسبوعين من احتجاجات شهدتها عدد من مدن المغرب ، قادها شباب من حركة أطلقت على نفسها اسم "جيل زد 212" تشكلت على منصة " ديسكورد " عقب مظاهرات في مدينة أغادير منتصف سبتمبر/أيلول الماضي إثر وفاة 8 حوامل في مستشفى المدينة الحكومي.

لحظة مهمة

وأكد الملك في خطابه ضرورة التركيز على المناطق الأكثر هشاشة، خاصة الجبال والواحات، مشيرا إلى أنه "لا يمكن تحقيق تنمية ترابية منسجمة بدون تكامل وتضامن فعلي بين المناطق والجهات".

ودعا الحكومة والبرلمان إلى إعادة النظر في تنمية المناطق الجبلية التي تغطي 30% من تراب البلاد، وتمكينها من سياسة عمومية مندمجة تراعي خصوصياتها ومؤهلاتها الكثيرة، معتبرا أن "العدالة الاجتماعية ومحاربة الفوارق المجالية ليست مجرد شعار فارغ أو أولوية مرحلية قد تتراجع حسب الظروف"، وأنها توجه إستراتيجي على جميع الفاعلين الالتزام به ورهان مصيري ينبغي أن يحكم مختلف السياسات التنموية.

وأضاف الملك أنه "لا ينبغي أن يكون هناك تناقض أو تنافس بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية ما دام الهدف هو تنمية البلاد وتحسين ظروف عيش المواطنين أينما كانوا"، مؤكدا أن "التحول الكبير الذي نسعى إلى تحقيقه على مستوى التنمية الترابية، يقتضي تغييرا ملموسا في العقليات وطرق العمل، وترسيخا حقيقيا لثقافة النتائج، بناء على معطيات ميدانية دقيقة، واستثمارا أمثل للتكنولوجيا الرقمية".

إعلان

وقال أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول في سطات عبد الحفيظ اليونسي إن خطاب افتتاح السنة التشريعية يشكل "لحظة دستورية مهمة" في الثقافة المؤسساتية المغربية، مشيرا إلى أن نسقه لم يخرج عن المضمون العام للخطب الملكية السابقة التي تجمع بين البعدين التوجيهي والتقريري.

وأضاف، في تصريح للجزيرة نت، أن الخطاب الملكي ذكّر الأحزاب السياسية بوظيفتها الأساسية في التأطير والدفاع عن الوطن ومصالحه العليا، وشدد على ضرورة تحقيق التنمية المحلية الملموسة على أرض الواقع لما لها من أثر مباشر على حياة المواطنين، كما أشار إلى أهمية تغيير العقليات واعتماد مقاربات تدبيرية جديدة في إدارة الشأن العام.

مصدر الصورة كلمة الملك المغربي تشكّل الإعلان الرسمي لانطلاق الموسم السياسي في المغرب (الجزيرة)

إطار دستوري

من جهته، أوضح أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس أمين السعيد أن الخطاب يندرج ضمن التزام منصوص عليه في الفصل 65 من دستور 2011، مشيرا إلى أنه يشكل الإعلان الرسمي لانطلاق الموسم السياسي في المغرب، ويخاطب أعضاء مجلسي البرلمان والحكومة بشكل مباشر.

وأوضح للجزيرة نت أن فهم الخطاب الملكي يقتضي إدراك إطاره الدستوري الذي يهدف أساسا إلى توجيه العمل البرلماني في علاقته مع الحكومة، سواء على مستوى التشريع أو مراقبة العمل الحكومي أو تقييم السياسات العمومية، وصولا إلى ما سماها "الوظيفة الدبلوماسية للبرلمان".

ووفقا له، رسم الخطاب خريطة طريق لتصحيح النموذج السياسي للبرلمان في علاقته بالحكومة والجماعات المحلية، قائلا إنه أعاد التذكير بالقضايا الكبرى التي سبق أن شدد عليها الملك في خطاب العرش الأخير، وعلى رأسها رهان العدالة المجالية، وضرورة إطلاق جيل جديد من البرامج التنموية التي تستهدف القضاء على الفوارق وتشجيع المبادرات المحلية.

وعلى خلاف التوقعات التي كانت تنتظر تفاعلا مباشرا مع الأحداث والمطالب الأخيرة التي رفعها شباب حركة "جيل زد"، قال عبد الحفيظ اليونسي إن الدولة اختارت تقديرا خاصا في التعاطي مع هذه القضايا يقوم على الحفاظ على استمرارية التوجهات الكبرى للدولة مع الحفاظ على استقرار المؤسسات في إطار حياة دستورية وسياسية لا يتوقع منها إحداث انعطافات حادة.

وأشار إلى أن الخطاب تفاعل مع بعض مطالب الشباب خاصة تلك المتعلقة بتحسين خدمات قطاعي الصحة والتعليم وفرص العمل، لكن نقطة القوة هي الحديث عن آثار ذلك على أرض الواقع.

تفاعل ضمني

من جانبه، أوضح أمين السعيد أن تحليل مضامين الخطاب الملكي يظهر تقاطعا واضحا بين توجهاته والمطالب الاجتماعية التي رفعها الشارع المغربي، خصوصا فيما يتعلق بالنهوض بقطاعات التعليم والصحة والتأهيل المحلي، وعدم التناقض بين المشاريع الكبرى والبرامج الاجتماعية ما دام الهدف المشترك هو تحقيق التنمية الشاملة.

وأكد أن الخطاب تفاعل بشكل ضمني مع المطالب الشعبية من خلال تركيزه على العدالة الاجتماعية والمجالية باعتبارها من أبرز رهانات وانتظارات المغاربة في المرحلة الراهنة.

وكانت حركة "جيل زد" قد أعلنت تعليق احتجاجاتها يوم الجمعة بدافع "الاحترام للمؤسسة الملكية وتقديرا لرمزية الخطاب الملكي"، مؤكدة أن ذلك "لا يعني تراجعا عن المطالب المشروعة بل هو تعبير عن الانضباط والوعي والمسؤولية".

إعلان

وأمس الخميس، نشرت الحركة ملفا مطلبيا على منصة "ديسكورد" وباقي منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، جددت فيه مطالبها بإقالة الحكومة، وإصلاح قطاعي الصحة والتعليم، ومحاربة الفساد، وإطلاق سراح المعتقلين، وتوفير فرص العمل.

كما تضمنت المطالب فتح تحقيق قضائي مستقل في جميع الانتهاكات التي شابت التعامل مع الاحتجاجات، والإفراج عن الشباب المعتقلين على خلفية مشاركتهم في المظاهرات السلمية.

وقال المتحدث باسم الحكومة مصطفى بايتاس الخميس إن "الحكومة استمعت إلى مطالب هؤلاء الشباب، لكن الحوار كما تعرفون يحتاج إلى طرفين"، وأضاف "نتمنى أن يكون الطرف الآخر موجودا لكي نستمع إلى مقترحات نعالج من خلالها هذا الموضوع بشكل مشترك".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا