آخر الأخبار

خطة ترامب: عامان من المفاوضات أسفرت عن وقفات قصيرة للقتال في غزة

شارك
مصدر الصورة

في صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنّت حركة حماس هجوماً مفاجئاً على جنوب إسرائيل. ووفق الرواية الإسرائيلية، قُتل نحو 1200 إسرائيلي وأُسر حوالي 250 شخصًا في الهجوم. في المقابل، وعلى الفور، ردّت إسرائيل بقوة، وأطلقت حملة عسكرية موسّعة على قطاع غزة.

منذ تلك اللحظة، وبينما دخلت غزة مرحلة صراع عسكري مدمّر على وقع قتال كثيف ودمار واسع في أنحاء القطاع، مع إغلاقٍ كامل لجميع منافذ المساعدات لعدة شهور خلال الصراع الذي استمر عامين حتى الآن، بدأت عملية التفاوض على الهدنة والتبادل.

هدنة إنسانية مؤقتة في نوفمبر تشرين الثاني 2023

مع تزايد الضغط الدولي وتفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، تدخلت مصر وقطر والولايات المتحدة في أواخر نوفمبر 2023 للتوسّط في هدنة إنسانية. وكانت النتيجة اتفاقًا مؤقتًا استمر عدة أيام، وتم تمديده بموافقة الأطراف. وتم خلال تلك الهدنة:

• الإفراج عن أكثر من 100 رهينة إسرائيلي مقابل نحو 240 أسيرًا فلسطينيًا.

• دخول كميات محدودة من المساعدات.

• توقّف مؤقت للضربات العسكرية.

لكن الهدنة لم تدم طويلًا. ففي مطلع ديسمبر 2023، انهارت الهدنة، وعادت العمليات العسكرية بوتيرتها، مع اتهامات متبادلة بانتهاك الالتزامات. وسعت إسرائيل من استهدافها للبنية التحتية في غزة، واجتاحت المزيد من المدن والبلدات، لا سيما مدينة رفح في جنوب القطاع، قبل أن تسيطر على محور فلاديلفي الملاصق للحدود مع مصر، ومعه سيطرت على معبر رفح بين غزة ومصر منذ مايو/أيار 2024.

مصدر الصورة

جولات تفاوض متعثّرة

في عام 2024، ووسط استمرار الحرب والضغوط المتصاعدة، جرت عدة جولات تفاوض في عواصم مثل باريس، الدوحة، والقاهرة، تحت رعاية وساطة مصرية وقطرية وأمريكية. وقد قام وزير الخارجية الأمريكي في إدارة الرئيس السابق بايدن بعشر زيارات مكوكية إلى المنطقة بهدف التوسّط لوقف إطلاق النار. وكان المطروح على الطاولة في تلك الأثناء، ضمن بنود أخرى:

• وقف إطلاق نار على مراحل.

• تبادل للأسرى والرهائن.

• انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة.

• فتح ممرات إنسانية لدخول المساعدات.

• مناقشة دور حماس في الحكم بعد أي حل.

لكن المفاوضات كثيرًا ما تعثّرت بسبب خلافات كبيرة حول:

• هوية وعدد الأسرى والرهائن الذين يُفترض أن يُفرَج عنهم، وتوقيت ذلك بدقة.

• مدى الانسحاب الإسرائيلي من غزة والمناطق التي سيبقى فيها.

• ضمان دخول المساعدات دون عوائق، ومن يتحكّم بالممرات.

• المستقبل السياسي لحماس في غزة — هل تُدمَج في الحكم، أو تُستبعد، أو يُطلب منها التفكيك؟

• الانقسامات الداخلية في إسرائيل، والضغوط التي تمارسها التيارات المتشددة على الحكومة الإسرائيلية في كل جولة تفاوض.

بالإضافة إلى ذلك، توقّف التفاوض مؤقتًا في مناسبات عدة، إثر استهداف إسرائيل لقيادات أو شخصيات بارزة، مثل اغتيال إسماعيل هنية في طهران، ثم إعلان مقتل محمد الضيف، وأطراف أخرى مثل حسن نصرالله في لبنان، مما أشعل جبهات ثانوية وأعاق المسارات التفاوضية.

في مارس 2024، تبنّى مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2728، الذي دعا إلى هدنة فورية خلال شهر رمضان، وإطلاق سراح جميع الرهائن دون قيد أو شرط. ومع ذلك، لم يُترجم القرار إلى وقف فعلي شامل على الأرض.

في مايو 2024، على سبيل المثال، قدّم الوسطاء خطة من ثلاث مراحل في القاهرة، مقسّمة إلى هدنة أولى قصيرة، تليها مرحلة انتقالية، ثم تفاهم دائم ينتهي بالإفراج الكامل عن جميع الرهائن الإسرائيليين، مقابل انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع وإنهاء الحرب.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي رفض، طيلة الوقت، أي مقترح لإنهاء الحرب دون "نزع سلاح حماس" أو انسحابها الكامل من غزة، كما رفض التراجع من مواقع محددة على الحدود مع مصر. ومن ثم، لم ترسل إسرائيل وفدًا للمفاوضات الرسمية في بعض الجولات، وكانت ترفض الالتزام الفوري بخطة طويلة الأمد، معتبرةً أنها تقيّد خياراتها الأمنية.

في يونيو 2024، أقرّ مجلس الأمن القرار رقم 2735، الذي دعم اقتراحًا ثلاثي المراحل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، داعيًا حركة حماس إلى قبوله. لكن الخلافات حول التفاصيل بقيت عقبة أمام تنفيذه.

في المقابل، وعلى صعيد الساحة الفلسطينية، جرت محاولات لإعادة ترتيب الصف الداخلي. ففي 23 يوليو 2024، وُقّع "إعلان بكين" بين عدة فصائل فلسطينية، من بينها حماس وفتح، دعمًا للوحدة الوطنية. ومع ذلك، لم يُسهم ذلك كثيرًا في تسهيل التفاوض مع إسرائيل بشأن غزة تحديدًا.

مصدر الصورة

اتفاق ثلاثي المراحل تحت إدارة بايدن

مع اقتراب نهاية إدارة الرئيس جو بايدن، وفي يناير 2025، وبعد نحو 15 شهرًا من الحرب المستمرة، وافق المجلس الوزاري الإسرائيلي على اقتراح هدنة من ثلاث مراحل، بوساطة مشتركة من قطر ومصر والولايات المتحدة.

المرحلة الأولى، التي استندت إلى هدنة مدتها 42 يومًا، تضمنت:

• إطلاق سراح النساء والأطفال من الرهائن، ولاحقًا النساء المجندات اللواتي احتُجزن لدى الفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى بعض الجثامين.

• انسحاب إسرائيلي من المناطق الأكثر كثافة سكانية في غزة.

• زيادة دخول المساعدات الإنسانية.

• مقابل ذلك، أفرجت إسرائيل عن نحو ألف أسير فلسطيني، وسمحت بعودة بعض النازحين، وتحسّنت نسبيًا ظروف المساعدات.

لكن المشهد كان هشًّا منذ البداية. اتهمت حماسُ إسرائيلَ بعرقلة الدخول الفعلي للمساعدات أو التباطؤ في الانسحاب الكامل، بينما اتهمت إسرائيلُ حماسَ بمحاولة تأخير تسليم بعض الرهائن، أو وضع شروط مسبقة، واحتجت على مشاهد إطلاق سراح الرهائن.

ومع انتهاء المهلة الزمنية للمرحلة الأولى، فشل الانتقال إلى المرحلة الثانية، وعاد القتال بقوة في 18 مارس 2025.

مصدر الصورة

مفاوضات فاشلة وجولات جديدة

في الشهور التي تلت ذلك، جرت محاولة أخرى في الدوحة بوساطة مشتركة، لكن المفاوضات انتهت إلى طريق مسدود، بسبب ما تردد عن غياب صلاحيات كافية لدى الوفد الإسرائيلي لقبول ما يُطرح، وإدخال إسرائيل شروطًا جديدة مفاجئة، مثل نزع سلاح حماس وطرد عناصرها، أو أن يغادر الفلسطينيون بعض القطاع، ورفض إسرائيل الانسحاب من بعض المحاور، خصوصًا في المناطق الحدودية مع مصر.

كما تسبب تجدد القتال أحيانًا أثناء انعقاد المفاوضات، ولا سيما بين إسرائيل ولبنان، وكذلك بين إسرائيل وإيران، في تعثر المفاوضات مرحليًا خلال تلك الفترة.

كذلك، لم يجد إفراج حماس عن الرهينة الكسندر عيدان على هامش زيارة الرئيس ترامب الخليجية، أو قبولها مقترحات متوالية لمبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف، صدى لدى الطرف الإسرائيلي، الذي أصر في الشهور الأخيرة على تهجير الفلسطينيين خارج القطاع، وخصص آليات لذلك، لكنها لم تفلح في تحقيق غايتها.

نفذت إسرائيل في سبتمبر/أيلول عمليات موسعة في مدينة غزة وطردت سكانها إلى الجنوب والوسط، في إطار خطة للسيطرة على القطاع، قبل أن تقوم لاحقًا باستهداف قادة حماس في الدوحة بغارات جوية، ما تسبب في تجمّيد المفاوضات.

خلال تلك الفترة، استضافت الأمم المتحدة مؤتمرات، بقترحات سعودية وفرنسية، أدت إلى اعتراف نحو 150 دولة في العام بالدولة الفلسطينية.

وفي ظل ظروف الحصار والجوع الذي وصفته الأمم المتحدة بمراحل المجاعة، وتصاعد مزاعم ارتكاب جرائم حرب، زاد الضغط على الولايات المتحدة لإيجاد مخرج دبلوماسي.

مصدر الصورة

خطة ترامب – 29 سبتمبر 2025

في 29 سبتمبر 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة مفصلة من 20 نقطة لوقف النزاع في غزة، وذلك في مؤتمر مشترك مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. تمثل الخطة أكثر محاولة طموحة حتى الآن لكسر الجمود، وتشمل:

• وقفًا فوريًا لإطلاق النار.

• إطلاق جميع الرهائن الإسرائيليين (سواء الأحياء أو من الجثامين) خلال 72 ساعة من قبول حماس.

• انسحابًا مرحليًا للقوات الإسرائيلية إلى مواقع محددة داخل غزة.

• نزع سلاح حماس سياسيًا وعسكريًا، أو تفكيك أدواتها العسكرية.

• إدارة انتقالية لغزة بقيادة لجنة فنية فلسطينية، خاضعة لإشراف "مجلس سلم" ("Board of Peace") برئاسة ترامب، وبعض الشخصيات مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.

• منح العفو للمقاتلين الذين يخلّون سلاحهم، أو يقبلون العمل بسلمية.

• فتح ممرات إنسانية ضخمة، واستئناف إعادة الإعمار، مع إشراف دولي.

• الشروع في إعادة بناء غزة وتطهيرها من الأسلحة، وتأهيلها لتكون قطاعًا "خاليًا من الإرهاب"، ولكن دون التركيز على قضيّة الدولة الفلسطينية في هذه المرحلة الأولى.

أعلن ترامب أن إسرائيل قد وافقت على "خط الانسحاب المبدئي"، وأن تنفيذ الهدنة سيبدأ فور تأكيد حماس للخطة.

من جهة حماس، أعلنت أنها تقبل "بأجزاء" من الخطة، ووافقت على إطلاق جميع الرهائن (أحياء وجثامين) وفق الصيغة المقترحة، مع طلب مفاوضات فورية حول التفاصيل. لكنها لم ترد صراحةً على بند نزع السلاح.

ورغم أن ترامب طلب من إسرائيل التوقف عن القصف فورًا، استمرت إسرائيل في توجيه ضربات في بعض مناطق غزة، مما أسفر عن سقوط ضحايا. وهو ما شكّل اختبارًا لمدى الالتزام على الأرض، حتى في ظل الاتفاقات النظرية.

وفي مساء السادس من اكتوبر 2025، وعشية الذكرى الثانية لإنطلاق الحرب الحالية في غزة، بدأت في مدينة شرم الشيخ المصرية على ساحل خليج العقبة بالبحر الأحمر، أولى جولات المفاوضات في ضوء خطة ترمب بحضور وفدي اسرائيل وحماس برعاية الوسيطين المصري والقطري.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا