آخر الأخبار

تراجع المساعدات الإنسانية يهدد جهود مكافحة الجذام في اليمن

شارك

في قلب المعاناة اليمنية الممتدة منذ أكثر من عقد، يعيش مرضى الجذام في مواجهة 3 أعداء: حرب لا تنتهي، ونقص قاتل في الأدوية، ونظرة اجتماعية قاسية تحاصرهم بالوصمة والعزلة.

ومع تراجع الدعم المحلي والدولي، يحذر البرنامج الوطني للتخلص من الجذام من خطر عودة انتشار المرض بعد سنوات من التراجع، مما يهدد بمضاعفة المعاناة الإنسانية والطبية لمئات المرضى وعائلاتهم، ويضع مستقبل جهود المكافحة أمام تحديات غير مسبوقة.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 أطباء بلا حدود: أزمة لبنان الإنسانية مستمرة رغم مرور عام على الحرب
* list 2 of 2 كيف يصمد أطباء غزة بلا طعام وسط حرب الإبادة؟ end of list

وفي هذا الحوار مع "الجزيرة نت"، يكشف الدكتور عبد الصمد القباطي مدير البرنامج الوطني لمكافحة الجذام في اليمن ، عن تفاصيل الواقع المأساوي لهؤلاء المرضى، والصعوبات اليومية التي تعيق علاجهم وإدماجهم في المجتمع، والمسارات الممكنة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.


*

ما وضع مرضى الجذام في اليمن وما خريطة انتشاره؟

استوطن مرض الجذام في اليمن منذ القدم وانتشر في كل المحافظات تقريبا، وقبل نحو 35 عاما عندما بدأ الاهتمام بمكافحة المرض، وكانت نسبة انتشاره عالية نسبيا، فقد سجلت الإحصائيات 5 مرضى بين كل 10 آلاف شخص، مع ما صاحب المرض من التشوهات وبتر الأطراف، وكان ألم ومعاناة المرضى مضاعفا بسبب النظرة القاصرة من المجتمع لهم بسبب طبيعة المرض التي تفرض تغيرات على أعضائهم.


*

وما خريطة المرض وحجم الإصابات حاليا؟

بشكل إجمالي منذ بدء عمليات علاج المصابين والتعامل مع المرض تم تسجيل 14 ألفا و800 حالة مرضية في عموم اليمن، وعلى عكس النسب المثبتة السابقة فإن النسبة الحالية هي 7 حالات، وخلال العام الجاري تم تسجيل قرابة 350 حالة، في حين سجلنا في العامين الماضيين 2023 و2024 قرابة 200 حالة.

ونعتقد أن هذا الرقم لا يعبر عن الواقع الحقيقي لانتشار المرض في اليمن، خاصة وأن هناك مناطق بعيدة عن الرصد، يصعب الوصول إليها بسبب وعورة الطرق أو خطورتها بسبب الحرب، لكن يمكن القول بأن المناطق الحارة والرطبة في البلاد تشهد أعلى المعدلات في الإصابة.

مصدر الصورة مرضى في أحد مراكز علاج الجذام في اليمن (الجزيرة)
*

ما حجم النقص في العلاج والرعاية التي يحتاجها هؤلاء المرضى؟

إعلان

خلال الفترة الماضية كان يتم توزيع أدوية خاصة بالمرض قدمتها منظمة الصحة العالمية إلى برنامج الجذام والذي بدوره يوصلها إلى المرضى مجانا، ولكن تعذر وصول الدواء إلينا منذ العام الماضي وسط مخاوف من عدم وصوله مستقبلا بفعل الحرب والسياسات العقيمة في التعامل مع المرضى.

كما أن هناك نقصا حادا في الأدوية المساعدة التي يحتاجها المرضى بعد توقف المانح الوحيد لها وهي منظمة جلارا بعد حدوث خلل في وصول الدعم إلى مستحقيه منذ العام الماضي، وللأسف الشديد لا يوجد أي دعم حكومي أو من أي جهة أخرى للتعامل مع مرضي الجذام بالبلاد.


*

ما ملامح جوانب الأذى التي يتعرض لها هؤلاء المرضى؟

يتعرض مرضى الجذام لأقصى أنواع المعاناة الإنسانية فهناك الوصمة الاجتماعية أو العيب الذي يتعرضون له جراء الإصابة بالمرض والذي ظل مفهوما شائعا في أوساط المجتمعات في اليمن، مما يدفع بالمريض الى الانكسار والانعزال والمعاناة الاجتماعية والاقتصادية في الكثير من الأحيان وخاصة الحالات المعاقة والمشوهة حيث يتعرض الفرد إلى النبذ أو الطرد من مجتمعه أو عدم تقبل الاختلاط والتعايش معه وأحيانا إلى الاعتداء عليه إذا لم ينفذ أوامرهم وهذه عادة تؤدي إلى الاكتئاب والعزلة والعداوة تجاه الآخرين.


*

من جانبكم ما هي الخدمات التي تقدمونها لهؤلاء المرضى؟

نقدم العديد من الخدمات من خلال البرنامج مثل التشخيص والمعالجة ومتابعة الحالات التي تأكد تشخيصها بالجذام، وكل ذلك بشكل مجاني، ويعتمد الاكتشاف على الأعمال النشطة الحركية للبرنامج في المناطق الريفية أو حيث تتواجد الحالات في أي منطقة باليمن.

كذلك، نتخذ كافة الإجراءات الوقائية للأسر والمجتمع في المناطق التي تتواجد بها تلك الحالات مع تقديم معالجات للمضاعفات الناتجة عن الإصابة وتقديم التأهيل الجسدي لهم، ومحاولة تقديم خدمة التأهيل الاجتماعي والنفسي والاقتصادي للحالات المعاقة والمنبوذة والفقيرة.

كذلك نقوم بعمل ندوات وأنشطة للتثقيف الصحي والتأهيل للكادر الطبي وإكسابهم مهارات الاكتشاف المبكر للحالات والعناية بها، وفي عملنا نتبع كافة إجراءات الإستراتيجية العالمية للتخلص من الجذام.

مصدر الصورة ترميم دار الرعاية في مستشفى الجذام باليمن بجهود خيرية (الجزيرة)
*

ما هي العقبات التي تواجهكم في عملكم وتعوق الوصول للآخرين؟

أكيد أن الحرب والوضع الأمني الصعب عقبات تواجه الجميع لكن أهم العقبات التي تواجهنا حاليا هي عدم وجود داعم أو موازنة تمكن البرنامج من تنفيذ أعماله حسب المخطط لها في عموم البلاد وخصوصا في مرحلة ما قبل التخلص أو قطع سلسلة انتقال المرض.

وقد تسبب غياب الدعم المالي في إضعاف الجانب الفني والتنفيذي وأوقف الكثير من الأعمال ومنها وصول الأدوية إلى المرضى وعدم حصول العاملين على مرتباتهم مما أدى إلى توقف العمل وإضرابات متعددة وانتقال بعض العاملين بالبرنامج لمجالات أعمال أخرى فهؤلاء لديهم التزامات عائلية يحتاجون إلى تلبيتها.


*

ما رؤيتكم لواقع ومستقبل المرض وحجم الاحتياجات الطبية والإنسانية التي تحتاجونها؟

هدفنا حاليا الوصول إلى رؤية صفر جذام، صفر إعاقة، صفر الوصمة، صفر التمييز، وقطع سلسلة انتقال المرض بحدود 2030، ولكن الأمر معقد للغاية ويحتاج إلى تكثيف الجهود والارتقاء بخدمات التخلص من المرض وتوسيعها في كل اليمن، لكن في ظل عدم وجود دعم مالي حالي لهذا الجانب يبدوا الأمر حاليا في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا في ظل الأوضاع الراهنة إلا إذا توفر:

إعلان

* دعم مالي يمكن البرنامج من تنفيذ أنشطته الميدانية.
* توفير الأدوية الخاصة بمعالجة الجذام ومضاعفاته والأجهزة الحديثة.

وإذا لم تتوفر هذه المتطلبات ولم يستمر الدعم للسنوات الخمس المقبلة على الأقل ستكون هناك عودة وارتفاع في مستويات الإصابة وتشوهاتها مستقبلا في عموم اليمن، لا قدر الله.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا