آخر الأخبار

تفاؤل حذر بنجاح عميد المحامين الجديد في تونس

شارك

تونس- طوت انتخابات هيئة المحامين بتونس، مساء أمس السبت، صفحة الهيئة السابقة المنتهية ولايتها، المتهمة بالانحياز ومجاراة الرئيس قيس سعيد ، رغم ما يتسم به الوضع العام في البلاد من تصاعد التضييق على الحريات وتواتر سجن المحامين والمحاكمات السياسية، بحسب العديد من المحامين.

وفاز في الولاية الجديدة التي تمتد من عام 2025 إلى 2028 عضو هيئة الانتخابات السابقة التي أشرفت على انتخابات المجلس التأسيسي عقب الثورة في 2011، المحامي بوبكر بالثابت، سليل التيار القومي، وسط ترحاب كبير من عموم المحامين، رغم تحفظات البعض عليه.

وفاز بالثابت بمنصب عميد المحامين، في سباق شارك فيه 8 محامين بينهم امرأة، كان منهم حسان التوكابري أمين مال الهيئة السابقة، والذي يراه البعض منحازا للرئيس سعيد، وعبد الرؤوف العيادي المدعوم من الإسلاميين، واليساري محمد الهادفي.

وشارك في الانتخابات نحو 4 آلاف محام من أصل 10 آلاف يحق لهم التصويت، أي بنسبة 40%، وفاز بالثابث في الانتخابات من الدور الأول بعد حصوله على الأغلبية المطلقة (50%+1)، بعدد 2193 صوتا، وذلك بفضل ثقة أغلبية المحامين ببرنامجه وشخصه.

ويتساءل العديد من المراقبين إن كان انتخاب العميد الجديد سيشكل منعرجا حاسما في علاقة هيئة المحامين بالسلطة لتستعيد مهنة المحاماة ثقلها التاريخي كأحد صمامات الأمان للديمقراطية في تونس ، أم أن حجمها سيتضاءل تدريجيا وسيتقلص نفوذها أمام السلطة.

مصدر الصورة عميد المحامين الجديد بالثابت أعلن في مواقف سابقة تكريس أهدافه لخدمة المحاماة كمستقل (الصحافة التونسية)

من هو بالثابت؟

ينحدر بالثابت من مدينة دوز بالجنوب التونسي، وهو محام لدى محكمة التعقيب، قومي الفكر والانتماء، وتقلد بعد ثورة 2011 منصب الكاتب العام لهيئة الانتخابات، وفي الانتخابات الماضية بلغ الدور الثاني أمام العميد السابق المنتهية ولايته حاتم المزيو.

إعلان

وبعد تصاعد حملة الاعتقالات ضد السياسيين والمحامين والصحفيين في ظل حكم الرئيس قيس سعيد، شارك بالثابت في الدفاع عن زملائه المحامين المسجونين، مثل سنية الدهماني، ورئيسة "الحزب الدستوري الحر" عبير موسي، والقيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري.

ويؤكد العديد من المحامين الذين صوتوا لبالثابت وحاورتهم الجزيرة نت أن العميد الجديد "قادر على طي صفحة العميد المنتهية ولايته، وتعديل الكفة مع السلطة، ومقارعتها دفاعا عن كرامة المحامين واستقلال القضاء والحريات" وفق تقديرهم.

مصدر الصورة المحامي الهمامي: العميد الجديد سيواجه تحديات كبرى بسبب الوضع العام في البلاد (الجزيرة)

انتصار للمحاماة

يقول المحامي والناشط الحقوقي العياشي الهمامي للجزيرة نت، إن فوز بوبكر بالثابت هو "انتصار للمحاماة المستقلة ولاستقلال القضاء، وذلك بالنظر إلى برنامجه ومواقفه"، مبينا أن وقوف عموم المحامين في صفه يهدف لإعادة الثقة في العدالة.

وبشأن انتمائه للتيار القومي الذي انحاز إلى مسار الرئيس قيس سعيد، رغم اتهام الأخير بوأد الديمقراطية وتركيز حكم فردي وتصفية المعارضين، يقول الهمامي للجزيرة نت إن "بوبكر بالثابت أعلن في مواقف سابقة ابتعاده عن هذا التيار، ليكرس أهدافه لخدمة المحاماة كمستقل".

ويؤكد أن العميد الجديد سيواجه تحديات كبرى، بسبب الوضع العام في البلاد المتسم بالتضييق على كل الأجسام الوسطية، كالأحزاب والمنظمات والهيئات، وهيمنة السلطة على القضاء، والزج بالمعارضين والمحامين والصحفيين في السجون على خلفية مواقفهم السياسية.

ويعلق الهمامي كغيره من المحامين آمالا كبرى على العميد الجديد، في تعديل الكفة مع السلطة وحلحلة القضايا الكبرى المتعلقة بالدفاع عن استقلالية المحاماة واستقلالية القضاء، وفرص المحاكمة العادلة، والدفاع عن الحقوق والحريات، وتحسين الأوضاع المهنية والمادية للمحامين.

كما انتقد أداء عميد المحامين السابق حاتم المزيو بسبب "خذلانه المحاماة في الدفاع عن الحريات واستقلال القضاء، ورفض المحاكمات السياسية الجائرة في حق المعارضين والنشطاء، وعدم مناصرة القضاة الذين عزلهم الرئيس سعيد، ورفض ترسيمهم بالمحاماة".

مصدر الصورة المحامي العيادي يرى أن توجهات المحامين لم تذهب نحو اختيار عميد لديه استقلالية (الجزيرة)

تهميش المحاماة

يتفق معه في هذا التقييم المحامي والنائب السابق بالمجلس التأسيسي والمترشح لانتخابات عمادة المحامين عبد الرؤوف العيادي حيث يقول للجزيرة نت، إن أداء العميد المتخلي "اتسم بالرضوخ للسلطة، وتهميش الدور التاريخي للمحاماة، والتركيز على المسائل الإدارية للمحامين".

ويرى أن هيئة المحامين السابقة "لم تكن في مستوى الدفاع عن منتسبيها وعن عموم الشعب" باعتبارها منظمة وطنية تشكل خط الدفاع الأول عن الحريات، وذلك "بسبب صمتها عن كل التجاوزات، في ظل تفاقم سجن المحامين والمعارضين، وضرب استقلال القضاء".

لكنْ رغم احترامه لأغلبية آراء المحامين الناخبين، يعتبر العيادي أن توجهات المحامين لم تذهب نحو اختيار "عميد جديد لديه استقلالية ومقاربة حقيقية في الدفاع عن القضايا الكبرى"، مثل الحريات والمحاكمات العادلة، وإنما ذهبت نحو اختيار شخص مقرب من التيار القومي.

إعلان

ويؤكد العيادي أن التيار القومي، الذي عرف بمباركته لمسار الرئيس قيس سعيد، حاول التموقع في جسم المحاماة، مبرزا أن العميد الجديد "استعمل وسائل دعائية كبيرة في حملته الانتخابية"، مستبعدا أن يكون العميد الجديد في مستوى حلحلة التحديات الكبيرة.

إضعاف المحاماة

يرى بعض المحامين أن انتخاب العميد الجديد بوبكر بالثابت بأغلبية مطلقة من الدور الأول يعكس ثقتهم في قدرته على الدفاع عن مهنة المحاماة، غير أن منشوراتهم على منصات التواصل كشفت أيضا عن شكوك حيال أدائه وخشيتهم من مزيد إضعافٍ للمهنة.

ولعبت هيئة المحاماة أدوارا تاريخية كبرى في دفاعها عن الحريات، منذ زمن الاستعمار الفرنسي وبعد الاستقلال في مختلف المحطات المفصلية في البلاد، وفازت ب جائزة نوبل بفضل نجاح الحوار الوطني في تونس عام 2013 إلى جانب اتحاد الشغل والرابطة ومنظمة أرباب الأعمال.

لكن مراقبين يعتقدون أنه مهما بلغت ثقة المحامين في عميدهم الجديد، فإن هامش تحرك الهيئة سيبقى مرتهنا بسلوك السلطة نفسها، التي تواصل تهميش الأجسام الوسيطة وإضعاف مكونات المجتمع المدني، وهو ما قد يقيّد قدرة المحاماة على فرض حضورها كقوة ضغط مستقلة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا