في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بعد استهداف إسرائيل لقيادة من حركة حماس في الدوحة، دخلت جهود الوساطة القطرية مرحلة غامضة ومعقدة. فرئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن شدد بداية على أن بلاده لن تتخلى عن دورها، لكن ما لبث أن تحدث عن “إعادة تقييم” هذا الدور، بل وحتى مستقبل وجود قادة حماس في قطر.
هذا التناقض في المواقف أثار تساؤلات واسعة: هل كانت الضربة موجهة فقط إلى قيادات حماس، أم أنها جاءت أساسًا لتقويض مسار الوساطة وإبعاد قطر ومصر عن الملف؟
أوضح رئيس تحرير صحيفة الشروق المصرية عماد الدين حسين خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية" أن تصريحات الشيخ محمد بن عبد الرحمن تمثل تحولا لافتًا؛ فمن التأكيد على التمسك بالوساطة، انتقل الخطاب إلى مراجعة هذا الدور. هذا التحول يفتح بابًا للتأويل، خاصة إذا وضع في سياق الضربة الإسرائيلية التي لم تستهدف حماس فقط، بل ضربت الثقة في مسار التهدئة ذاته.
الدوحة اليوم أمام خيارين: إما الاستمرار رغم الضغوط، أو التراجع الجزئي الذي قد يربك جهود وقف الحرب. وفي الحالتين، تظل قطر في قلب المعادلة، خصوصًا وأنها تملك قناة اتصال مباشرة مع حماس ومع الأمريكيين.
إسرائيل.. استراتيجية إبعاد الوسطاء
بحسب حسين، لا يسعى نتنياهو إلى المفاوضات بقدر ما يراهن على “الحل الأمني”. هدفه الواضح هو القضاء على حماس أو على الأقل تحييدها، مع إبقاء السيطرة على غزة من الخارج، دون تحمل تبعات الاحتلال المباشر.
الضربة في الدوحة – برأي المحلل – لم تكن فقط لإصابة قادة الحركة، بل لإضعاف الوسطاء، خاصة مصر و قطر، وإجبار الملف على الانزلاق إلى معادلة إسرائيلية صِرفة، قوامها القوة العسكرية بدل المسار السياسي.
نتنياهو، كما وصفه حسين، “لاعب سياسي استهلك كل الحيل”، لكنه ما زال يناور بخطاب التهديد العابر للحدود: “سنصل إلى أي شخص في أي مكان”. رسالة أراد بها القول للدوحة: إن لم تطردوا قادة حماس، فسنعالج الأمر بأنفسنا.
حماس.. بين مأزق الميدان وضغط المفاوضات
في المقابل، تجد حماس نفسها في وضع بالغ الصعوبة. وفدها كان يجتمع للرد على المقترح الأميركي حين جاء الهجوم على الدوحة، ما أوحى بأن إسرائيل تريد نسف اللحظة التفاوضية.
الحركة تدرك أن أي تهدئة الآن قد تعني تثبيت واقع الاحتلال، لكنها أيضا لا تستطيع تجاهل ثمن التصعيد على المدنيين في غزة.
الموقف الأميركي
يرى حسين أن واشنطن تمارس لعبة مزدوجة: بيان البيت الأبيض حمل إدانة مبطنة للضربة، لكنه في الوقت نفسه أقر بأن القضاء على حماس هدف "مشروع".
الأمر يعيد إلى الأذهان أسلوب ترامب في التعامل مع إيران، حين كان يعلن مهلاً تفاوضية قبل أن يذهب إلى التصعيد العسكري.
معادلة الأطراف الثلاثة
• قطر: تبحث عن الحفاظ على دورها كوسيط، لكنها تواجه معضلة أمنية وسياسية بعد الضربة.
• إسرائيل: تسعى لإبعاد الوسطاء وفرض حل أمني بحت يقوم على السيطرة دون تحمل الكلفة.
• حماس: عالقة بين ضغط الميدان ورغبة في كسب مكاسب تفاوضية تمنع تصفية وجودها.
فرص استئناف التهدئة
برأي حسين، فرص التهدئة باتت أضعف مما كانت قبل الهجوم. فإسرائيل لا تريد وساطة سياسية، وقطر باتت أكثر حذرا، وحماس تترنح بين شروط قاسية وميدانية خانقة.
الهجوم على الدوحة لم يكن حدثا عابرا، بل ضربة استراتيجية استهدفت المفاوضات بقدر ما استهدفت قادة حماس. وفي ظل هذه المعادلة الثلاثية المعقدة، تبدو فرص استئناف التهدئة ضئيلة، إلا إذا قررت الأطراف العربية إعادة التموضع بقوة أكبر في معركة الوساطة، بما يوازن بين الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، وبين الحاجة الإنسانية الملحة لوقف نزيف الدم في غزة.