آخر الأخبار

لماذا تتواصل ظاهرة السلاح المنفلت في العراق؟

شارك

بغداد- عادت قضية السلاح المنفلت في العراق لتتصدر المشهد الأمني والاجتماعي من جديد، وذلك إثرالأحداث المأساوية التي شهدتها منطقة المعامل في العاصمة بغداد ، والتي تحولت إلى ساحة حرب مصغرة بعد نزاع عشائري مسلح، أسفر عن سقوط ضحايا وإصابة عدد من عناصر القوات الأمنية التي حاولت فض النزاع.

وتعهد وزير الداخلية عبد الأمير الشمري "بالضرب بيد من حديد على حاملي السلاح المنفلت" بعد الحادثة، حيث أطلقت الوزارة عملية أمنية واسعة في منطقتي السعادة والرشاد في قضاء الزوراء (المعامل سابقا) شرق بغداد، أسفرت عن اعتقال 166 شخصا من بينهم متهمون بجرائم قتل وحيازة أسلحة غير مرخصة، بالإضافة إلى ضبط 126 قطعة سلاح متنوعة.

وأكد العقيد عباس البهادلي، الناطق باسم وزارة الداخلية، أن الوزارة تواصل جهودها المكثفة لحصر السلاح بيد الدولة وتؤكد في الوقت نفسه "على حق المواطن في الدفاع عن نفسه".

حالات فردية

وأوضح البهادلي للجزيرة نت أن الحوادث الأخيرة التي شهدتها بعض المناطق في بغداد والمحافظات هي "حالات فردية لا يمكن اعتبارها ظواهر مستشرية"، مضيفا أنه "لا يوجد لدينا سلاح منفلت، بل حالات لسلاح غير مرخص يُستخدم بشكل غير صحيح ضد أجهزة الدولة وفي ترويع المواطنين".

وتعمل الوزارة -وفقا له- منذ 3 سنوات على تنفيذ برنامج متكامل يتماشى مع البرنامج الحكومي الهادف إلى حصر السلاح بيد الدولة. وكشف عن وجود 730 مكتبا مع فرق جوالة تعمل على مدار الساعة لتسجيل الأسلحة، داعيا المواطنين إلى التعاون معها باعتبارهم "الشريك الأساسي في صناعة الأمن المستدام".

كما شدد البهادلي على أن الإجراءات الأمنية مستمرة لمنع تكرار هذه الحالات، من خلال تكثيف الجهد الاستخباري وتفعيل التقنيات الحديثة والكاميرات.

مصدر الصورة البهادلي: الإجراءات الأمنية مستمرة لمنع تكرار حادثة المعامل (وزارة الداخلية)

وعن التحديات الأمنية، أشار إلى أن الوضع الأمني الحالي جيد جدا، وأن الحدود العراقية مع الدول المجاورة مؤمنة بشكل كبير وذلك بفضل الاتفاقيات والبروتوكولات المشتركة، موضحا أن التحديات الكبرى كانت في الماضي مع فتح الحدود بعد عام 2003 ودخول تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، "لكن الوضع اليوم مختلف تماما بفضل انتشار قواتنا وجهودنا الاستخبارية".

إعلان

من جهته، أكد قائد عمليات بغداد الفريق الركن وليد خليف التميمي أن أبرز التحديات التي تواجه القوات الأمنية في العاصمة هي "عدم تحمل بعض العشائر لمسؤوليتها في الحد من النزاعات"، وعدم تسجيل الأسلحة لدى وزارة الداخلية.

وقال التميمي للجزيرة نت إن الإجراءات التي تم اتخاذها بعد حادثة منطقة المعامل شملت إلقاء القبض على الفاعلين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم. ولفت إلى قيام القوات الأمنية بعمليات استباقية في عدة مناطق شرق المنطقة، أسفرت عن مصادرة أسلحة غير مرخصة، وإلقاء القبض على مطلوبين للقضاء، وحجز عدد من المركبات المسروقة وغير الأصولية.

مصدر الصورة التميمي: الحلول تشمل القيام بعمليات استباقية وتطبيق القانون ونشر الوعي المجتمعي (عمليات بغداد)

حلول

وشدد التميمي على أهمية دور شيوخ العشائر ووجهائها، مشيرا إلى عقد لقاءات معهم لتوجيههم بلعب دورهم في منع النزاعات العشائرية والسيطرة عليها. كما أكد على ضرورة توعية الشباب، وتوضيح العقوبات القانونية التي تطبق على المخالفين والمتسببين في إثارة النزاعات.

وتكمن الحلول لمواجهة هذه الظواهر -حسب التميمي- في ثلاثة محاور رئيسية تشمل القيام بعمليات استباقية، وتطبيق القانون، ونشر الوعي المجتمعي.

من جانبه، أكد أحمد الأنصاري عضو المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية على أهمية وضرورة حصر السلاح بيد الدولة، مشيرا إلى أن الجهود المبذولة في هذا الإطار تواجه تحديات كبيرة، لكنها أساسية لتحقيق الاستقرار والأمن الداخلي.

مصدر الصورة الأنصاري: الاستخبارات الفعالة هي الحل الأمثل لمواجهة تحدي السلاح المنفلت (صفحته على فيسبوك)

وقال الأنصاري للجزيرة نت إن الدولة تسعى جاهدة لحصر سلاح الفصائل والعشائر، لكن صعوبة هذا الأمر تكمن في وجود مساحات زراعية مفتوحة شاسعة يمكن استخدامها لإخفاء الأسلحة، معتبرا أن الاستخبارات الفعالة هي الحل الأمثل لمواجهة هذا التحدي عبر تدقيق هذه المناطق بشكل دقيق ومنظم.

وأكد أن الدولة اتخذت خطوات مهمة نحو تجريم هذه الأفعال وحصر السلاح المنفلت ليكون بيدها وحدها، باستثناء الأسلحة المرخصة وفق سياقات رسمية، لافتا إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب وقفة جادة من القوات الأمنية للسيطرة على السلاح الفردي.

ووفق الأنصاري، ولّدت الأزمات الأمنية السابقة لدى المواطن العراقي شعورا بالتهديد، مما دفعه إلى امتلاك السلاح للدفاع عن نفسه، مؤكدا أن الاستقرار الأمني الحالي وقوة القانون العراقي لا يجعلان المواطن بحاجة إلى السلاح للحصول على حقوقه، حيث إن القنوات القانونية متاحة للجميع لتقديم الشكاوى الرسمية في مراكز الشرطة المنتشرة في كل المدن.

وتطرق إلى ما اعتبرها "تدخلات إقليمية في إدخال الأسلحة إلى العراق"، واصفا هذا الموضوع بأنه "حساس جدا". وأكد أن موقع البلاد ضمن محور متوتر يجعلها هدفا لبعض الأطراف التي تسعى لزعزعة أمنها الداخلي عبر تسليح أطراف معينة للتأثير على المعادلة السياسية في البلاد.

مهمة صعبة

أما الباحث في الشأن السياسي أمير الساعدي فشدد على أن الدولة العراقية ماضية في عملية تثبيت سلطة القانون كقوة رئيسية، مشيرا إلى أن هذه المهمة ليست بالسهلة "في ظل وجود نفوذ لبعض الجهات السياسية والعشائرية يفوق نفوذ الدولة في مناطقها".

إعلان

وأوضح الساعدي للجزيرة نت أن المجتمع القبلي في العراق يعتمد بشكل كبير على الأعراف والتقاليد أكثر من اعتماده على القانون، وهو ما يشكل تحديا إضافيا، مشيرا إلى أن ضعف الدولة يدفع المواطن أحيانا إلى استخدام القوة المفرطة للحصول على حقوقه أو رفع المظالم.

بدوره، حذر الخبير القانوني علي التميمي من وجود "مشاكل قانونية" في قانون الأسلحة العراقي رقم (51) لسنة 2017، معتبرا أنها ساهمت في الانتشار المفرط للسلاح في البلاد، بالإضافة إلى ما خلفه "الاحتلال الأميركي".

وقال التميمي للجزيرة نت إن القانون "أجاز بيع الأسلحة في المحلات والشوارع"، واصفا ذلك بـ"أكبر خطأ تشريعي"، ومؤكدا أن "العراق ليس ولاية أميركية مثل تكساس حتى تُباع فيه الأسلحة بهذه الطريقة".

وأضاف أن عقوبة حيازة السلاح بموجب القانون الحالي هي "جنحة" لا تزيد مدة الحبس فيها عن خمس سنوات، وهو ما لا يحقق الردع المطلوب، برأيه.

واقترح التميمي أن يتم تشديد العقوبة لتصبح "جناية" تتجاوز 5 أعوام، وشراء الأسلحة من المواطنين بأسعار مرتفعة مع منح مهلة ثلاثة أشهر لتسليمها، وبعدها يتم تطبيق القانون بصرامة على كل من يحوز سلاحا دون ترخيص.

وأكد أن قانوني الأسلحة رقم (51) والمخدرات رقم (50) لسنة 2017 بحاجة ماسة إلى التعديل وتشديد العقوبات.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل حماس نتنياهو

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا