استوثقت بي بي سي من عدة مقاطع فيديو تُظهر غارتين إسرائيليتين على مستشفى ناصر في خان يونس جنوبي قطاع غزة، أسفرتا عن مقتل 20 فلسطينياً على الأقل، بينهم خمسة صحفيين.
وقال فريق بي بي سي لتقصي الحقائق إن أحد هذه المقاطع، تم تصويره عبر بث مباشر على قناة الغد، أظهر عدداً من رجال الطوارئ وهم يهبون لنجدة ضحايا الغارة الأولى بالقرب من الطابق العلوي من مستشفى ناصر، بينما يلتقط عدد من الصحفيين في الخلفية المشهد.
وظهر في الفيديو سُلم يقف عليه الصحفيون عادة لمشاهدة مدينة خان يونس، قبل أن تصيب غارة أخرى مباشرة عمال الطوارئ والصحفيين، مما أدى إلى تصاعد الدخان وتناثر الحطام في الهواء. وظهرت جثة واحدة على الأقل في أعقاب الغارة.
فيما يُظهر مقطع آخر، التُقط من نفس الدَرَج، آثار الغارة، يُمكن من تلك الزاوية رؤية عدة جثث على الدرج، بينما يتعامل عمال الطوارئ مع آثار الهجوم.
ويرصد مقطع ثالث صُوّر من خارج المستشفى، دخاناً يتصاعد من الطابق العلوي، بينما صاح الصحفيون الذين يُصوّرون بأن مستشفى ناصر استُهدف "مرة أخرى".
وأوضح المكتب الحكومي الإعلامي في غزة أن الصحفيين الأربعة هم مصوران لدى رويترز والجزيرة، بالإضافة إلى الصحفي معاذ أبو طه الذي نفت شبكة "إن بي سي" الأمريكية أنه يعمل لديها.
كما قُتلت الصحفية مريم أبو دقة التي تعمل لوسائل إعلام دولية عدة، من بينها إندبندنت العربية وأسوشييتد برس، وأعربت الأخيرة عن صدمتها إزاء مقتل صحفيتها ذات الـ 33 عاماً.
وتقلت وكالة "وفا" الفلسطينية الرسمية للأنباء أن الصحفي الخامس هو أحمد أبو عزيز، الذي يعمل مراسلاً لشبكة "قدس فيد" الفلسطينية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ غارة في منطقة مستشفى ناصر بخان يونس بغزة، مضيفاً أنه سيجري "تحقيقاً أولياً" بعد القصف.
وجاء في بيان الجيش: "في وقت سابق من اليوم، نفذت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي غارة جوية على منطقة مستشفى ناصر في خان يونس. وأمر رئيس هيئة الأركان العامة بإجراء تحقيق أولي في أقرب وقت ممكن".
وأضاف الجيش أنه "يأسف لأي ضرر لحق بأفراد غير متورطين، ولا يستهدف الصحفيين في حد ذاتهم".
وأكدت رويترز مقتل أحد صحفييها، وهو المصور حسام المصري، وإصابة مصورها حاتم خالد، معربة عن صدمتها.
كما أكد المتحدث باسم قناة الجزيرة القطرية مقتل أحد مصوريها، ويدعى محمد سلامة، في الهجوم، ليرتفع بذلك عدد قتلى الصحفيين في حرب غزة إلى 244 صحفياً فلسطينياً منذ اندلاع الحرب في 2023، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
في حين أفاد الاتحاد الدولي للصحفيين بمقتل 212 صحفياً وعاملا في مجال الإعلام على الأقل، خلال المواجهات العسكرية المتواصلة بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة.
ويضم الاتحاد الدولي للصحفيين صوته لنقابة الصحفيين الفلسطينيين في إدانة عمليات القتل والهجمات المستمرة في حق الصحفيين، ويدعو إلى إجراء تحقيق فوري في مقتلهم.
وقالت فرانشيسكا ألبانيز، مقررة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية، إن الدول الأوروبية لم تقم بما يكفي للضغط على إسرائيل، مطالبة بحماية الصحفيين والمستشفيات والأطباء.
ودعت ألبانيز إلى فرض عقوبات وحصار على صفقات الأسلحة لإسرائيل، وتكثيف الضغط للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة.
وأدان بيان المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة ما وصفه بـ "الجريمة المروعة" بمقتل الصحفيين الفلسطينيين بشكل "ممنهج"، محملاً المسؤولية لـ "الاحتلال الإسرائيلي" والإدارة الأمريكية والدول التي يقول البيان إنها مشاركة في "جريمة الإبادة الجماعية" مثل المملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا.
ووفقاً لمصادر محلية، فقد استهدف الجيش الاسرائيلي الطابق الثالث بمبنى الاستقبال لمجمع ناصر الطبي بالمدينة الواقعة جنوبي القطاع. ووقع أيضاً ضحايا بين صفوف الدفاع المدني، في غارة ثانية حينما سارعت فرق الإنقاذ وصحفيون إلى الموقع لمحاولة إنقاذ الضحايا.
وقال الدفاع المدني في غزة إن الغارة أسفرت أيضاً عن مقتل سائق الإطفاء، عماد عبد الكريم الشاعر، وإصابة 7 آخرين من طواقم الدفاع المدني، وصفت جراح ثلاثة منهم بالخطيرة.
وأضاف البيان أن حصيلة قتلى طواقم الإسعاف، ارتفعت منذ اندلاع حرب غزة لتصل إلى 139 قتيلاً و343 مصاباً.
وأدانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين الغارات الإسرائيلية، قائلة إنها تُمثل "حرباً مفتوحة على الإعلام الحر، بهدف إرهاب الصحفيين ومنعهم من أداء واجبهم المهني في كشف جرائمها للعالم".
وأضافت النقابة في بيانها أن "إسرائيل تتعامل مع الصحافة الفلسطينية كخطر استراتيجي يجب القضاء عليه، في محاولة فاشلة لطمس الحقيقة وإسكات الشهود".
وجاء في البيان أن إسرائيل تسعى إلى "تجريم العمل الصحفي الفلسطيني برمته، عبر شيطنة الصحفيين ووصمهم بالتحريض، في محاولة لإقناع العالم أن الكاميرا أخطر من البندقية وان الصحافة الفلسطينية خطر استراتيجي وجب القضاء عليها بكل الأشكال بما فيها الاعتقال والاغتيال".
وكانت مصادر طبية فلسطينية قد أفادت بمقتل أربعة وستين شخصاً في قصف استهدف شمال ووسط وجنوب القطاع، من بينهم 30 من طالبي المساعدات.
ورصدت رويترز تصاعد دخان كثيف فوق مدينة غزة يوم الاثنين، عقب الغارات الإسرائيلية.
كما رصدت وكالة فرانس برس دخاناً كثيفاً وحطاماً جراء الغارة على الأرض خارج المستشفى. وهرع الفلسطينيون لمساعدة الضحايا، حاملين جثثاً ملطخة بالدماء وأشلاء ممزقة إلى المجمع الطبي.
وشوهدت جثة تتدلى من الطابق العلوي للمبنى المستهدف بينما كان رجل يصرخ في الأسفل.
وكان من بين المصابين امرأة ترتدي زياً طبياً ومعطفاً أبيض، نُقلت إلى المستشفى على نقالة، وساقها ملفوفة بضمادات ثقيلة، والدماء تغطي ملابسها.
من ناحية أخرى، أفادت تقارير واردة من إسرائيل بأن رئيس أركان الجيش حثّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على قبول صفقة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة.
وأوضحت التقارير أن إيال زامير صرّح بأن الجيش الإسرائيلي قد هيأ شروط الصفقة، وأنها الآن في يد نتنياهو. ومن المقرر أن يناقش مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي هذه القضية يوم الثلاثاء.
وقد وافقت حماس على مقترح تفاوض عليه وسطاء إقليميون.
وكانت إسرائيل قد وافقت على خطة هذا الشهر للسيطرة على مدينة غزة، واصفة إياها بأنها المعقل الأخير لمسلحي حماس.
وتعهد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأحد، بالمضي قُدُماً في الهجوم على المدينة التي أُعلِنت فيها المجاعة، الأمر الذي أثار القلق في الخارج والاعتراضات في الداخل.
وقال كاتس إن مدينة غزة ستُدمر ما لم توافق حماس على إنهاء الحرب بشروط إسرائيل وإطلاق سراح جميع الرهائن.
وقالت حماس في بيان يوم الأحد إن خطة إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة أظهرت أنها غير جادة بشأن وقف إطلاق النار.
وقالت إن اتفاق وقف إطلاق النار هو "السبيل الوحيد لإعادة الرهائن"، محملة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولية حياتهم.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة في إحصائها اليومي، ارتفاع عدد ضحايا الحرب إلى 62.744 قتيلاً و158.259 مصاباً منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023.