قالت هيئة تابعة للأمم المتحدة مسؤولة عن مراقبة الأمن الغذائي، للمرة الأولى منذ بداية الحرب، إنّ حدوث مجاعة في مدينة غزّة أمرّ مؤكد. فيما وصفت إسرائيل هذا التقرير بأنه "كاذب ومتحيز".
صرّح مايكل فخري، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، لقناة بي بي سي أن نتائج تقرير التصنيف المرحلي المتكامل تؤكد أن إسرائيل تنتهج سياسة تجويع متعمد في غزة.
ويقول إن إسرائيل "تدمر النظام الغذائي في غزة بلا هوادة". ويضيف فخري أن إسرائيل تستخدم المساعدات كتكتيك عسكري، "تستدرج المدنيين ثم تطلق النار عليهم وتقتلهم". تنفي إسرائيل وجود سياسة تجويع متعمد.
صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم: "إسرائيل لا تنتهج سياسة تجويع. إسرائيل لديها سياسة منع المجاعة".
قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن منهجية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) تغيرت.
وذكر بيان للوزارة: "بشكل غير معقول خالف التصنيف قواعده وتجاهل المعايير لمجرد توجيه اتهامات باطلة لإسرائيل".
لكن الخبير العالمي في المجاعة، أليكس دي وال، يؤكد لبي بي سي أن هذا الاتهام غير صحيح.
يقول المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي: "لم تتغير الإجراءات والحدود".
في غزة، نظراً لعدم توفر بيانات كاملة، استُخدم محيط منتصف الذراع (MUAC)، وهو إجراء معياري، وليس حداً أدنى مُخفّضاً أو جديداً.
يطالب التصنيف بتحسين البيانات منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، ويطالب إسرائيل بالسماح بإجراء مسوحات أفضل.
"لا تسمح إسرائيل بجمع البيانات الإنسانية، ثم تشكو من جودة البيانات"، وفق دي وال.
يأتي تأكيد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بحدوث مجاعة في مدينة غزة في الوقت الذي يُبلغ فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جنوده بموافقته على خطط عسكرية للسيطرة على المنطقة.
وحذّرت المتحدثة باسم اليونيسف، تيس إنغرام، عبر بي بي سي، من أن السكان الجائعين في أكثر مناطق غزة اكتظاظاً بالسكان لن يجدوا مكاناً يلجأون إليه إذا نُفذت الخطة.
وقالت: "نحن نتحدث عن تصعيد عسكري محتمل في منطقة صُنّفت مؤخراً على أنها منطقة مجاعة. الناس هناك منهكون للغاية، لا يملكون القدرة على الحركة".
وحذّرت إنغرام من احتياج عشرات الآلاف من الأطفال الآخرين الذين يحتاجون إلى علاج منقذ للحياة جراء سوء التغذية الحاد - أو مواجهة خطر الموت، إذا لم تستجب المنظمات الدولية لتقرير التصنيف.
أعلن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، الجمعة أن هناك مجاعة في غزة.
وهذه هي المرة الخامسة في السنوات الأربعة عشرة الماضية التي يحدد فيها التصنيف المرحلي حدوث مجاعة، والمرة الأولى التي يؤكد فيها وجود مجاعة خارج أفريقيا.
وسبق أن خلص التصنيف إلى تفشي المجاعة في مناطق من الصومال في عام 2011، وفي جنوب السودان في عامي 2017 و2020، وفي السودان في عام 2024.
وانتقد البعض التصنيف بسبب بطئه الشديد في الاستجابة للكوارث الإنسانية الخطيرة.
ووجد التصنيف في غزة صعوبات في الحصول على البيانات، واعترضت إسرائيل على النتائج التي توصل إليها.
وبالرغم من أن تصنيف المجاعة لا يؤدي إلى أي استجابة رسمية، فقد يجتذب اهتماماً عالمياً.
انتقد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو التقرير الذي استندت إليه الأمم المتحدة لإعلان المجاعة رسمياً في غزة، معتبراً أنه "كذب صريح".
وقال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه إن "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو كذب صريح"، في إشارة الى تقرير هيئة الخبراء المدعومة من الأمم المتحدة.
أضاف "إسرائيل لا تعتمد سياسة تجويع"، مشيراً إلى أن المساعدات بقيت تدخل القطاع خلال الحرب.
قالت امرأة من غزة: "بالنسبة لما قاله الاحتلال بأن ننزح مجدداً من مدينة غزة، فهو أمر صعب جداً ويكاد يكون مستحيلاً".
وأوضحت: "الأمور صعبة ومقلقة جداً والكل يشعر بخوف شديد، ولكن نأمل بشدة من الله تعالى أولاً ومن الشعوب العربية والضغوط الأمريكية والقطرية والجهود المصرية بالضغط عليهم جميعاً بإيقاف ما سيحدث لنا، من مجاعة محتمة ومن قتل وإبادة مستمرة لأطفالنا ونسائنا في قطاع غزة".
من جهته، قال رجل من سكّان غزة: "يمكننا القول إنّ أكثر من 70% منّا قد يضطرّ إلى النزوح. كما اختبرنا في حالات النزوح السابقة، إذ نزحنا ما يزيد على 13 مرّة من مكان إلى آخر".وأضاف: "نتوقّع أن يكون النزوح هذه المرّة أصعب وأقسى من السابق، لأنّه لم تبقَ أماكن في غزّة نلجأ إليها، بعد أن احتُلّ تقريباً كامل قطاع غزّة، وبالتالي لم يعد هناك وجهة يمكن أن نذهب إليها."
بدورها أكدت امرأة ثانية من أهالي غزة أن "هذا الموضوع أثقل كواهل السكان هنا في قطاع غزة، بخاصة أن الموضوع مكلف للغاية".وتابعت: "اليوم نتحدث عن وسائل المواصلات في ظل شح الوقود، هي مكلفة للغاية. أنت بحاجة لمبالغ طائلة لمجرد الانتقال من منطقة لأخرى".كما أشارت إلى أنه "أيضاً التأسيس لحياة جديدة في مناطق قد تكون معدمة من الخدمات، هذا أيضاً أمر مرهق ومكلف".
من جهته، قال رجل آخر: " أصعب ما يمكن أن يواجهه الإنسان في حياته أن يصله اتصال من ضابط إسرائيلي، أو أن يسقط عليه منشور من السماء يأمره بإخلاء المنطقة التي يعيش فيها والانتقال إلى وادي غزّة أو جنوب القطاع. هذا يعادل خروج الروح من الجسد".وأضاف: "لقد جرّبنا في بداية الحرب النزوح عندما خرجنا إلى الجنوب. تخيّل أن تضطر إلى السير على الأقدام، بلا سيارات ولا أي وسيلة، لمسافة تتجاوز 40 كيلومتراً.وتبيت ليالي في الشارع، غير قادر على قضاء حاجتك، ولا على الأكل أو الشرب، بينما يرافقك أطفال صغار. إنّها قمّة البؤس وقمّة الإذلال للإنسان".وتابع: "والآن، أن يُطلب منّا مرة أخرى أن نُهجَّر ونُخرج من بيوتنا، تخيّل أن نُجبر مجدداً على السير 40 كيلومتراً نحو الجنوب ومعنا أطفال صغار، وقد نموت في الطريق من العطش. والأمر ليس كما كان في السابق، فقد كان هناك طعام، أمّا الآن فلا يوجد، فنحن في الأصل نموت من الجوع.فما بالك بإنسان يموت من الجوع والعطش، ثم يُطلب منه أن يسير 40 كيلومتراً لينزح من جديد؟".
أعربت السعودية، الجمعة، عن "قلقها البالغ" بعد ساعات من إعلان الأمم المتحدة رسميا المجاعة في غزة، حيث يعاني 500 ألف شخص من جوع بلغ مستوى "كارثياً" وفق خبرائها، مؤكدة أن هذا سيبقى "وصمة عار".
وقالت الخارجية السعودية، في بيان على منصة إكس، "تعرب وزارة الخارجية عن قلق المملكة العربية السعودية البالغ في ضوء تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وإعلان حالة المجاعة رسمياً في قطاع غزة".
وأضاف البيان "تؤكد المملكة العربية السعودية أن تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة... ستظل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي ما لم يسارع بالتدخل الفوري لإنهاء المجاعة ووقف حرب الإبادة والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني".
يعيد إعلان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، الجمعة أن هناك مجاعة في غزة، الضوء على الظروف التي يعيشها الأطفال الذي يواجهون الجوع وسوء التغذية الحاد.
وللوقوف على تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة الأطفال الذين يموتون جوعاً يقول الطبيب أحمد الفرا رئيس قسم الأطفال في مجمع ناصر الطبي في قطاع غزة لبي بي سي، إن الجسم "يبدأ بأكل نفسه ويتغذى على النسيج الشحمي تحت الجلد".
وبعد استهلاك النسيج الشحمي تحت الجلد، يلجأ الجسم للعضلات، فلا يتبقى من جسد الطفل المريض سوى العظام التي تكسو الجلد، وهنا يحصل مشهد الأطفال كهياكل عظمية، ويصل الجسم إلى مرحلة من الجفاف الشديد، وفق الفرا.
وكذلك يحدث تراجع العينين إلى الداخل، وتتحول نظراتها إلى ما يُطلق عليه بلغة الطب "miserable" أو "misery look" أي نظرة مأساوية.
ويضيف: "يميل الطفل إلى الاكتئاب، ويحدث لديه إسهالات بسبب قلة الإنزيمات التي يفرزها البنكرياس للهضم، وتنخفض درجة حرارة الجسم، وينخفض الضغط، وينخفض عدد ضربات القلب، ويدخل الجسم في مرحلة من الكمون أو السكون".
وفي هذه المرحلة يصل جهاز المناعة إلى أدنى مستوياته، ويحدث انتفاخ شديد في البطن، واختلال في أملاح الدم، وبطء شديد في ضربات القلب، وقد يحدث التهاب بكتيري في الدم نظراً لضعف المناعة لدى الطفل.
وبعد مرور الجسم بكل هذه المراحل يدخل في غيبوبة لمحاولة الحفاظ على ما تيسر من تغذية إلى الدماغ، وما لم يحدث تدخل في هذه اللحظة تتوقف عضلة القلب إلى الأبد، بحسب الطبيب.
قالت مديرة الإعلام في منظمة "أنقذوا الأطفال"، شيماء العبيدي،إنه "من الصعب جداً الجلوس هنا وإخباركم أن هذا الإعلان (المجاعة) ليس مفاجئاً".
وفي حديثها لبي بي سي، أوضحت أنها كانت في غزة عندما انقطعت المساعدات فجأة خلال شهر رمضان، في 2 مارس/آذار.
في اليوم السابق، تقول العبيدي: "ساد جوٌّ من الحماس في المكتب لدرجة أن الخس كان أخيراً في السوق، وكان هناك نقاش حول نوع السلطة التي سيُحضّرونها لإفطارهم في ذلك اليوم".
وتضيف: "في غضون أيام، لم يعد أي نوع من البروتين، ولا اللحوم، متوفراً. وفي غضون أسابيع، لم تكن هناك فواكه أو خضراوات طازجة، وفي غضون شهر، انقطع الدقيق، وإذا كان متوفراً، كان سعره ثلاثة أضعاف السعر المعتاد".
"الناس كانوا يأكلون العشب، وكانوا يأكلون الأوراق"، مشيرة إلى أن الأطفال أخبروها "أنهم يتمنون الموت حتى يتمكنوا من الذهاب إلى الجنة وتناول الطعام".
قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن المجاعة التي يعانيها أهالي غزة وأعلنت الأمم المتحدة أنها واقعة رسمياً الجمعة، "فضيحة أخلاقية" و"كارثة من صنع الإنسان".
وأضاف لامي في بيان "إن تأكيد المجاعة في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها أمرٌ مروعٌ على نحو صارخ، وكان تفاديه ممكنا بالكامل".
"رفض الحكومة الإسرائيلية السماح بدخول مساعدات كافية إلى غزة تسبب في هذه الكارثة التي هي من صنع الإنسان. إنها فضيحة أخلاقية"، وفق لامي.
رفعت اليوم لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) - تابعة للأمم المتحدة- قطاع غزة على مقياس انعدام الأمن الغذائي الحاد، إلى المرحلة الخامسة، مما يصنف القطاع رسمياً بأنه في حالة مجاعة.
في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدء مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن، وقال الجيش الإسرائيلي إنه اتخذ الخطوات الأولى من عملية "للسيطرة على مدينة غزة" واستدعاء عشرات الآلاف من قوات الاحتياط. وقام فريق بي بي سي لتقصي الحقائق بتحليل صور الأقمار الاصطناعية لمدينة غزة.
قارنا صوراً التقطت في 9 و19 من أغسطس/آب.
تبين الصور أعلاه اختفاء خيام النازحين كما هو محدد باللون الأحمر.
كما تبين الدوائر البيضاء مبان دمرت أخيراً في مدينة غزة.
وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة في 19 أغسطس/آب أيضاً وجود مركبات إسرائيلية في المنطقة المجاورة مباشرة لمخيم نزوح سابق، كما هو موضح في الدوائر السوداء.
ومن خلال مطابقة معالم مثل أشكال المباني، يمكننا أن نؤكد أن هذه اللقطات من الغارة الجوية الإسرائيلية تم تصويرها من نفس مكان الخيام.
ما زالت ردود الأفعال إزاء تقرير مبادرة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (آي بيه سي) بشأن غزة تتوالى منذ صدوره في وقت سابق اليوم.
ووصفت رئيسة منظمة أكشن أيد في المملكة المتحدة، طاهرة غازي، الوضع الراهن في غزة بأنه "وصمة عار على جبين البشرية جمعاء".
وقالت طاهرة: "دعونا نقول بلا مواربة إننا إزاء مجاعة مصنوعة بشكل تام وإنها نتيجة مباشرة للحصار المتعمّد الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية ويحول دون وصول الغذاء والماء وغيرها من المساعدات الإنسانية إلى غزة، بمخالفة للقانون الإنساني الدولي".
أما المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رامز الأكبروف، فرأى أن تأكيد المجاعة "ليس مجرّد صيحة إيقاظ" ولكنه نذير بـ "ما قد يضرب عاجلاً أجزاء أخرى من القطاع".
فولكر تورك، مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان، بدوره يصف الوضع بأنه "جريمة حرب"، مشيراً إلى استخدام التجويع كسلاح وما يترتب على ذلك من وفيات.
وقال أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، لبي بي سي إن المجاعة في غزة "لا مثيل لها من قبل، لجهة كونها من صُنع البشر وليست كارثة طبيعية".
ورفض الشوا بيان إسرائيل بشأن تقرير مبادرة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (آي بيه سي)؛ حيث وصفت إسرائيل التقرير بأنه منحاز.
وقال الشوا إن وسائل الإعلام الدولية تحتاج إلى أن يُسمَح لها بتغطية الأوضاع في غزة ميدانياً.