آخر الأخبار

تعجز عن دفع رواتبهم.. ماذا بعد تقليص الحكومة الفلسطينية دوام موظفيها؟

شارك





رام الله- بعد أن عجزت عن دفع أي جزء من رواتب موظفيها لشهرين متتاليين تتجه الحكومة الفلسطينية إلى تقليص عدد أيام الدوام في المؤسسات الرسمية، في محاولة منها للتخفيف عن نفسها والعبء عن موظفيها.

وجاء قرار الحكومة بعد حراك للنقابات، في ظل استمرار حجب إسرائيل أموال المقاصة الفلسطينية، وهي أموال ضرائب عن الواردات إلى السوق الفلسطيني تجيبها إسرائيل في المنافذ التي تسيطر عليها ويفترض أن تحولها للسلطة الفلسطينية، وتراكمت تدريجيا حتى بلغت نحو 2.7 مليار دولار.

كما جاء بالتزامن مع قرار أصدرته المحكمة الإدارية منتصف الشهر الجاري، ويقضي بالوقف المؤقت لتقليص الدوام، والذي كان أعلنه اتحاد نقابات المهن الصحية الفلسطينية كإجراء نقابي احتجاجي ضد عدم صرف الرواتب.

وبينما حذر نقابي فلسطيني في حديثه للجزيرة نت من تأثر الخدمات المقدمة للمواطنين -خاصة الخدمات الصحية- قال خبير سياسي إن الأزمة المالية تندرج ضمن مخطط لتغيير الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية.

تحذير من عجز

وفي الوقت الذي حذرت فيه الحكومة من مرحلة قد تعجز فيها المؤسسات الوطنية عن الاستمرار في تقديم خدماتها أعلن مكتب الاتصال الحكومي تقليص دوام الموظفين، وبالفعل أعلنت بعض القطاعات اقتصار دوام الموظفين على يومين، ومنها مديريات التربية والتعليم، وذلك بعد عام كامل اقتصر فيه دوام المعلمين في المدارس على 4 أيام في الأسبوع.

وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الفلسطيني أعلنت الأربعاء الماضي عن ترتيبات جديدة لمدة شهر تنظم دوام الموظفين العموميين في المؤسسات الحكومية "مرنة ومؤقتة تضمن استمرارية العمل وتقديم الخدمات، دون الإخلال بحقوق المواطنين أو عمل المؤسسات".

إعلان

وتنص التعليمات الجديدة على "منح رؤساء الدوائر الحكومية صلاحية تنظيم الدوام داخل مؤسساتهم، بما يتناسب مع طبيعة عمل كل موظف وظروف كل دائرة".

ووفق الخبير الاقتصادي سمير حليلة في مقال نشرته وسائل إعلام محلية، فإن فاتورة رواتب موظفي السلطة تبلغ 8.8 مليارات شيكل سنويا (نحو 2.6 مليار دولار)، موضحا أن قطاع الأمن يستحوذ على 37% من الرواتب، والتعليم 33%، والصحة 11%، في حين تستمر الأزمة المالية بلا أفق واضح للحل.

وفي رسائل إلى قادة العالم أول أمس الأحد قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن السلطة "تتعرض لحصار مالي واقتصادي غير مسبوق (..)، في محاولة واضحة لتقويض عمل الحكومة الفلسطينية وشل قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبنا".



لا قدرة على الاستمرار

وفي تعليقة على لجوء الحكومة إلى التقليص، قال أسامة النجار نقيب الطب المخبري رئيس اتحاد نقابات المهن الصحية للجزيرة نت إن الموظفين حاولوا التكيف مع الواقع الموجود بحيث يستمرون في تقديم الخدمة ويحافظون على حياتهم الكريمة على الأقل بالحد الأدنى، وذلك من خلال تقليص أيام العمل والدوام في أيام عمل أخرى مع عدم انقطاع الخدمة عن المواطنين.

لكنه أضاف أن "هذا الأمر لن يستمر طويلا، لأن قدرة الموظفين على الاحتمال وصلت الحد الأقصى، بعد مضي 45 شهرا لم يتلقوا فيها رواتبهم إنما أجزاء من الراتب، في ظل التزامات مالية متراكمة كبيرة جدا".

ولا يرى النجار أفقا لحل الأزمة في المدى المنظور "سواء لدى الحكومة أو لدى العالم بأجمعه في ظل استمرار إسرائيلي في حجز المقاصة وحربها على كل شيء فلسطيني".

وحذر النقابي الفلسطيني من أن استمرار الأزمة "يلقي بظلال سوداء وكبيرة جدا على وزارة الصحة والخدمات الصحية المقدمة للمواطنين أيضا".



مأساة حقيقية

وقال النجار "نحن مقبلون خلال فترة قريبة على مأساة حقيقة في القطاع الصحي إذا لم يتدخل العالم لحل هذه الأزمة وإعادة الأموال للشعب الفلسطيني، وعودة الخدمات الصحية بشكل منتظم ومستمر لشعبنا".

ولفت إلى أن الضائقة المالية جعلت موظفين في القطاع الصحي لا يجدون أجرة المواصلات إلى أماكن العمل أو ثمن علبة حليب لأطفالهم، مضيفا "حتى الطبيب في عيادته الخاصة لم يعد يزوره مرضى لعدم على دفع الكشفية لانعدام السيولة بين أيدي الناس".

وأشار النجار إلى أن فكرة تقليص الدوام بدأت في عهد حكومة محمد اشتية قبل سنوات، ولجأت إليه مختلف النقابات بحيث أصبح الدوام بواقع 3 أيام بدل 5 حتى لا تنقطع الخدمة عن المواطنين، وبالتالي التقليص أصبح واقعا موجودا، وتطالب الحكومة اليوم رؤساء الدوائر الحكومية بتنظيم الأمر بما يضمن استمرار تقديم الخدمات.

إعلان

وفي الخلاصة، قال النقابي الفلسطيني "نحن لا نعرف إلى متى سنستمر، وما الأفق الذي يمكن أن يستمر الصمود فيه إذا لم يجد تدخلا كبيرا جدا لحل هذا الموضوع بشكل إيجابي".

مصدر الصورة بشارات: حجب المقاصة مرتبط برؤية إسرائيلية لشكل العلاقة المستقبلية مع القضية الفلسطينية (الجزيرة)

دور ووظيفة السلطة

في قراءته للمشهد الفلسطيني في ظل هذه التقليصات والحد الأدنى من الدوام، يرجح المحلل السياسي سليمان بشارات أن تطول الأزمة الاقتصادية ومعها أزمة الرواتب، معتبرا أنها تتعلق بمستقبل السلطة الفلسطينية .

وأضاف بشارات أن افتعال الأزمة بحجب المقاصة "مرتبط برؤية إسرائيلية لشكل العلاقة المستقبلية مع القضية الفلسطينية ومع الفلسطينيين، والدور الوظيفي المستقبلي المطلوب من السلطة الفلسطينية القيام به".

ويوضح أن التوجه هو أن يكون دور السلطة في المستقبل المنظور "خاليا من أي مظلة سياسية أو مسمى سياسي، ويقتصر على دور خدماتي إداري بحت، ولهذا السبب ستعاني السلطة بشكل كبير جدا، وربما سترضخ تحت الضغوط الاقتصادية والمالية والسياسية وتحت عنوان الإصلاح وتلجأ إلى إعادة هيكلة الكثير من المؤسسات السياسية حتى تكون ضمن المطلب الذي يرغب فيه الإسرائيليون والغربيون والولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول العربية".

وقال إن "السلطة الفلسطينية بمفهومها السياسي على حافة التغيير، وإعادة بناء مسمى جديد للسلطة الفلسطينية خال من المظلة السياسية".

ولا يستبعد بشارات أن يكون غرض تقليص الدوام رسالة من الحكومة الفلسطينية للدول الأوروبية والداعمة للسلطة كي تفي بالتزاماتها والتدخل لسد العجز المالي.

وفي الوقت ذاته، يستبعد أن تؤدي إدارة الحكومة للأزمة إلى نتائج مرضية "لأنه حتى الموظف نفسه فقد الثقة بطبيعة ورؤية الحكومة".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل سوريا أمريكا دمشق

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا