آخر الأخبار

طلاب الجنوب اللبناني.. إصرار على التحصيل العلمي في زمن الحرب

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بيروت- بشغف وإصرار كبيرين، يتحضر الطالب عبد أبو شز لامتحانات الشهادة الثانوية الرسمية، التي انطلقت اليوم الأربعاء، ويجلس ساعات طويلة بين كتبه ودفاتره، للدراسة وتحصيل المعلومات الكافية لهذه الاختبارات، التي ستؤهله للانتقال للمرحلة الجامعية.

لكن وضع أبو شز ليس كباقي أقرانه في لبنان ، فهو ومعظم طلاب الجنوب اللبناني عانوا كثيرا خلال فترة الحرب الإسرائيلية التي اندلعت بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث أُرغموا على ترك منازلهم ومدارسهم، في مسلسل تهجيري لا يزال يعيشه -حتى اليوم- نسبة كبيرة من طلاب بلدات الشريط الحدودي.

ويتحدث أبو شز للجزيرة نت معبرا عن أسفه الكبير لتدمير ثانوية المربي محمد فلحة الرسمية، التي كان يلتحق بها قبل الحرب في بلدته ميس الجبل قضاء مرجعيون جنوب لبنان، حيث أقدم الاحتلال الإسرائيلي على تفجيرها، لكن ذلك لم يمنعه من متابعة دراسته عن بعد عبر الإنترنت، وهو ما عملت عليه إدارة المدرسة لمواصلة العامين الدراسيين المنصرمين، حفاظا على مستقبل الطلاب ولتهيئتهم لامتحانات الشهادة الثانوية.

مصدر الصورة الطالب عبد أبو شز تابع دراسته عن بُعد عقب تدمير ثانوية المربي محمد فلحة في ميس الجبل (الجزيرة)

إصرار ومثابرة

وكانت التحضيرات -حسب أبو شز- لهذه الامتحانات كبيرة جدا، فقد أمضى وقتا طويلا في الدراسة خلال فترة نزوحه، وهو اليوم يراجع المقررات ليكون على أتم الاستعداد لها.

ويقول "رغم النزوح الطويل عن بيوتنا ومدرستنا، ورغم كل الضغوط النفسية الصعبة التي عشناها، من قصف جنوني وأصوات جدار الصوت، وعبء النزوح، وحالة الإنترنت المتردية، أصرّينا على عدم ترك كتبنا، ومتابعة تحصيلنا العلمي لأنه سلاحنا في الأيام القادمة".

ونوّه أبو شز لجهود الكادر التعليمي وما بذله لإتمام المناهج التعليمية، وتعويض الطلاب عما فاتهم خلال فترة الحرب، وتقديم الدعم المعنوي لهم خلال كل المرحلة العصيبة التي مرّت عليهم، مؤكدا أنه لولا دور المعلمين ووقوف الأهالي بجانب أبنائهم لكانت الأمور صعبة للغاية.

مصدر الصورة الطالبة آية حمدان تركت منزلها قسرا وتابعت دراستها عن بعد ثم حضوريا بانتسابها لمدرسة أنصار (الجزيرة)

آية حمدان طالبة أيضا في الثانوية عينها، إلا أن حالتها مختلفة عن زميلها أبو شز، فقد اضطرت للالتحاق بمدرسة أنصار الرسمية قضاء النبطية حيث مكان إقامتها، فهي لا تزال خارج منزلها في ميس الجبل الذي دمّره القصف الإسرائيلي.

إعلان

وتقول حمدان للجزيرة نت "منذ اندلاع الحرب تركنا منزلنا قسرا، وتنقلنا بين عدة بلدات في لبنان، وتابعت دراستي عن بعد خلال مرحلة الثاني ثانوي، لكني لم أشعر بأن الدراسة بهذه الطريقة كافية، خاصة في ظل تقطع الإنترنت وغياب الكهرباء، ففضلت الالتحاق بثانوية أنصار حضوريا لإتمام الثالث ثانوي، لأنها مرحلة مفصلية، ولدينا امتحانات رسمية ينبغي التحضير لها جيدا".

وتؤكد حمدان أن الدراسة في زمن الحرب أمر في غاية الصعوبة، خاصة مع سماع أصوات الغارات والقصف، والأصعب من ذلك خسارة أقارب وأصدقاء، وهذا ما يضع كل أبناء لبنان لا سيما بمنطقة الجنوب في وضع نفسي صعب، ينعكس سلبا على تركيزهم في دراستهم.

وهذه الحالة غير الطبيعية التي عاشها طلاب الجنوب، لم تشفع لهم لدى وزارة التربية والتعليم العالي، فقد انتظروا كما انتظر كل طلاب لبنان أن يؤخذ بعين الاعتبار الوضعان الأمني والسياسي اللذان مرّ بهما لبنان، وكان متوقعا قيام الوزارة بإجراءات استثنائية كتلك التي حصلت في الأعوام الماضية، إذ قلّصت المناهج التعليمية، ومُنح الطلاب فرصة إجراء امتحانات بمواد يختارونها، وهو ما لم يحصل هذا العام، مما شكّل عبئا إضافيا لهؤلاء الطلاب.

وتقول حمدان إنهم كانوا يأملون أن تُأخذ ظروف طلاب الجنوب بعين الاعتبار، خاصة أن ما مروا به خلال العامين الماضيين لم يكن سهلا، وتضيف "درسنا عن بعد تحت قصف مخيف، ووسط انقطاع الكهرباء والإنترنت وضغوطات النزوح الكبيرة، نحن بوضع نفسي صعب، والوزارة زادت من هذه الضغوط، لكن ذلك لن يثنينا عن مواصلة دراستنا وإجراء امتحاناتنا التي انتظرناها طويلا، لكي ننجح ونحقّق طموحنا وأحلام ذوينا".

رغم التحديات

من جهته، يؤكد مدير ثانوية المربي محمد فلحة، فرَج بدران، أن الكوادر التربوية والتعليمية بذلت كل ما تستطيع في الظروف العصيبة التي عاشها لبنان، وكان الضغط الأكبر على الكوادر في المنطقة الجنوبية، وخاصة الحدودية.

ويقول بدران للجزيرة نت "تعرّضنا في الشريط الحدودي لكوارث، فقد خسرنا المنشآت التربوية بشكل نهائي بسبب التدمير، ولجأنا للتعليم عن بعد، وسعينا جاهدين وباللحم الحي لتأمين التعليم لكل طلابنا رغم الإمكانات الضعيفة، واستطعنا إنجاز ذلك بهمة الأساتذة والمعلمين، وطلابنا على أتم الاستعداد لخوض هذه الامتحانات والعودة بنتائج مميزة".

ويأسف بدران لعدم إجراء وزارة التربية الخطوات المفترض القيام بها من أجل الطلاب في الامتحانات الرسمية، لأن الظروف التي عاشوها لم تكن طبيعية مطلقا، وخاصة طلاب الجنوب، فنسبة كبيرة منهم لا تزال نازحة حتى اليوم.

ويوضح أن الوضع النفسي صعب وما زالوا يعيشونه جميعا كمعلمين وأهالٍ وطلاب، ففي الجنوب يشهدون يوميا القصف الإسرائيلي وأثره عليهم.

ويتابع أن وزارة التربية قامت بما عليها من ناحية إتمام العام الدراسي وإعطاء الدروس المطلوبة، ولكن كان مفترضا أن تأخذ بعين الاعتبار كل الظروف التي مروا بها، منبها إلى أنهم رفضوا عمل امتحانات استثنائية لطلاب الجنوب، مضيفا "بل قلنا، فلتكن امتحانات موحّدة لكل لبنان لكن مع بعض الإجراءات التي تشجّع الطلاب وتخفّف عنهم، كتحديد مواد اختيارية وتقليص للمنهج التعليمي، إلا أن ذلك لم يحصل".

مصدر الصورة ثانوية المربي محمد فلحة في ميس الجبل جنوب لبنان مدمرة بالكامل (الجزيرة)

إجراءات عادلة

من ناحيته، أكد عدنان الأمين مستشار وزيرة التربية والتعليم العالي في لبنان للجزيرة نت أن القاعدة التي اعتمدتها الوزيرة هي تمديد العام الدراسي وإنهاء المناهج وغيرها من الإجراءات التي تضمن للطلاب تحصيلهم العلمي والتربوي، مبينا أن الامتحانات ستكون عادلة وستؤخذ بعين الاعتبار الأوضاع التي مر بها لبنان.

إعلان

ولفت إلى أن الخسائر عندما تقع يجب أن يُعمل على تعويضها، وهذا ما سعت إليه وزارة التربية عبر تمديد العام الدراسي وتعويض الطلاب ما خسروه، مشددا على أن الامتحانات ستعقد في موعدها ووفق ما أكدته الوزارة، وأن الطلبة وعندما ينتهون منها سيشعرون براحة كبيرة بأنهم خاضوا هذه الاختبارات وسط كل الظروف الصعبة، وسيكونون جاهزين للعبور إلى المرحلة الجامعية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا