"فوزه يشكل دعما لمعاداة السامية".. السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام يهاجم زهران ممداني بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي على منصب عمدة نيويورك pic.twitter.com/14a6BHZx4r
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 26, 2025
واشنطن- لم يتردد المدير التنفيذي ل مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) نهاد عوض في استعمال عبارة "زلزال سياسي" لوصف الاختراق الكبير الذي حققه المرشح المسلم زهران ممداني (33 عاما) بتصدر الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي ، تمهيدا لخوض الجولة الحاسمة في السباق نحو منصب عمدة مدينة نيويورك.
"ممداني ذو الأصول الهندية الذي قدم لأميركا وهو في سن السابعة، وحصل على جنسيتها عام 2018، يمثل نموذجا لجيل جديد من المسلمين المنخرطين في العمل السياسي والواثقين بأنفسهم"، يقول عوض متحدثا عن هذا التطور السياسي غير المسبوق في تاريخ نيويورك، بما تمثله من ثقل اقتصادي وسياسي وإعلامي.
وأشار عوض -في حديث للجزيرة نت- إلى أن ممداني تميز بين الجيل الجديد من المسلمين الشباب المتحمسين للعمل السياسي بأسلوبه السياسي الخاص، وبقدرته على التواصل مع قطاعات واسعة من القواعد الانتخابية الغاضبة من قيادات الحزب الديمقراطي المتورطة في قضايا فساد مالي وأخلاقي.
واكتسح ممداني الانتخابات التمهيدية للحزب لرئاسة بلدية (عمدة) نيويورك، متقدما على وجوه بارزة من الحزب، منها حاكم نيويورك السابق أندرو كومو ، رغم الدعم الذي حصلت عليه من الأوساط المالية واللوبيات السياسية التقليدية ومن شخصيات رمزية كبيرة في الحزب.
واستمال ممداني -وهو عضو في المجلس التشريعي لولاية نيويورك ، ويفضل أن يقدم نفسه سياسيا بصفة اشتراكي ديمقراطي- ناخبي المدينة من خلفيات اجتماعية ودينية واقتصادية متباينة ببرنامج سياسي ذي نكهة اجتماعية واضحة.
ووعد في حملته الانتخابية، التي اعتمد فيها كثيرا على منصات التواصل الاجتماعي واستعان بفريق واسع من المتطوعين الشباب، بجعل تكاليف الحياة بنيويورك في متناول أكبر قدر من السكان، بتوفير حافلات مجانية ورياض الأطفال ومنع زيادة إيجارات الشقق التجارية وزيادة الضريبة على من يفوق دخلهم السنوي مليون دولار.
ووجد ذلك البرنامج الانتخابي صدى واسعا لدى المسلمين في المدينة، الذين يقدر عددهم بنحو مليون نسمة، وهو ما جعلهم يتحمسون للإدلاء بأصواتهم بكثافة غير معهودة مقارنة بالانتخابات التمهيدية في بلدية نيويورك.
وبحسب "كير"، فإن أكثر من 350 ألف مسلم في نيويورك مسجلون في اللوائح الانتخابية، لكنهم عموما لا يُقبلون بكثافة على التصويت في الانتخابات البلدية، إذ أدلى نحو 12% فقط منهم بأصواتهم في الاستحقاقات البلدية الأخيرة.
وكان ممداني -المتزوج حديثا من فنانة من أصول سورية- قريبا من مسلمي المدينة في المساجد والمراكز الاجتماعية الإسلامية، وحريصا على مشاركتهم كثيرا من المناسبات الدينية، مثل أجواء شهر رمضان والاحتفاء بعيدي الفطر والأضحى، وأبدى في مناسبات كثيرة وعيه باحتياجاتهم على غرار باقي السكان.
وأبدى العديد من المسلمين الأميركيين في نيويورك وفي مدن أخرى إعجابهم بالإنجاز السياسي الكبير الذي حققه ممداني، ورأى كثيرون أنفسهم ممثلين في تجربة أول مسلم يخطو هذه الخطوات الجبارة في الطريق إلى منصب عمدة المدينة.
وفي إحدى ضواحي العاصمة واشنطن، عبّر المسلم الأميركي ذو الأصول العراقية "ع. حسن" (31 عاما) عن فخره الكبير بما سماه "الفوز العظيم" الذي حققه ممداني، ودعا له بالفوز في الجولة النهائية وبأن يصبح أول مسلم يتولى منصب العمدة في نيويورك.
وأوضح في حديث للجزيرة نت، قرب مركز إسلامي في المنطقة، أن التصويت الكثيف للمرشح ممداني الداعم للقضية الفلسطينية يعكس مدى تبرم الناس من الخطابات المؤيدة لإسرائيل.
وأشار المتحدث إلى أن هناك حاجة لمزيد من المسلمين المشاركين في العمل السياسي وتوقع أن يواجه ممداني صعوبات وتحديات كثيرة قبل الجولة الحاسمة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وخاصة من الأوساط المناوئة له التي ستضخ أموالا كثيرة لتشويه سمعته ولدعم خصومه، لكنه أعرب عن أمله في أنه سيفوز بهذا المنصب.
فاز زهران ممداني، المرشح لمنصب عمدة مدينة #نيويورك – وهو ديمقراطي تقدمي وأول مسلم يخوض هذا السباق على الإطلاق.
رغم حملة صهيونية مكثفة استهدفته، ورغم وجود نحو مليون يهودي في الأحياء الخمسة لمدينة نيويورك، لم يتمكنوا من هزيمته. وقد أنفقوا ملايين الدولارات للإطاحة به
وهو بالمناسبة… pic.twitter.com/uXF7XGcU8p— نظام المهداوي – Nezam Mahdawi (@NezamMahdawi) June 25, 2025
وبشأن تداعيات هذا الإنجاز، قال نهاد عوض، إن ممداني يمثل صوت الضمير المتنامي داخل الولايات المتحدة، وإن الاختراق الذي حققه في واحدة من المعاقل الداعمة لإسرائيل يثبت أن السيطرة "الصهيونية" على سردية الصراع العربي الإسرائيلي ليست مطلقة.
وذكّر عوض بأن الساسة المسلمين في أميركا لهم القدرة على كسر الحواجز ويفاجئون العالم في أحلك الأوقات، وساق نموذج المحامية رشيدة طليب ، ذات الأصول الفلسطينية، التي أصبحت عام 2018 أول مسلمة في الكونغرس ، إلى جانب الناشطة إلهان عمر ، ذات الأصول الصومالية.
وأضاف أن طليب وعمر حققتا تلك المكاسب السياسية الكبيرة وصنعتا التاريخ رغم الحملة التي كان تشنها الأوساط المحافظة على الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة.
وفي رأي عوض، فإن الاختراق الحالي الذي يحققه ممداني، رغم الإبادة الجماعية التي تقترفها إسرائيل في قطاع غزة ، يبعث رسائل قوية للمجتمع الأميركي ويعكس غضب الأوسط الشبابية بالحزب الديمقراطي من قيادته "المنفصلة عن الواقع"، كما أنه يمثل صحوة أخلاقية وضميرية في البلاد.
ويشير أحدث دليل أصدره "كير" عام 2023 عن المسؤولين المسلمين الأميركيين المنتخبين، إلى أن 235 مسلما أميركا انتخبوا في الهيئات التمثيلية أو القضائية في المدن والبلديات وعلى مستوى الولايات وعلى الصعيد الفدرالي.
ولاحظ "كير" أن عدد المسؤولين المسلمين الأميركيين المنتخبين في عام 2023 ارتفع بنسبة 19.5% مقارنة بعام 2022، حيث كان عددهم في حدود 189 شخصية، وهو ما يؤكد أنهم بصدد تشكيل سرديتهم الخاصة في تزايد من خلال قيادتهم وانخراطهم في العمل العام.