القاهرة، مصر (CNN)-- وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الحكومة بـ"اتخاذ كل الاحتياطات المالية والسلعية"، في ظل التطورات الجارية وحالة التصعيد التي تشهدها المنطقة.
وأكدت الحكومة أن المخزون من السلع المختلفة "آمن ومطمئن، وأنه يتم توفير كل الاحتياجات المطلوبة من العملة الأجنبية للقطاعات الصناعية المختلفة، وكل مستلزمات الإنتاج" .
ومنذ بدء تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران، شكلت الحكومة لجنة تحت مسمى "لجنة أزمات"، معنية بالاستعداد لأية مستجدات بمختلف القطاعات، ووضع كل السيناريوهات المحتملة، في الوقت نفسه عقد رئيس الحكومة مصطفى مدبولي اجتماعات دورية مع كل وزير فيما يخصه من ملفات تتعلق بتلك الأزمة، والإجراءات التي تتخذها وزارته في هذا الشأن، وفق تصريحات صحفية .
كما عقد مدبولي اجتماعًا مع أعضاء اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي، الأحد، استعرضوا خلاله المخاطر والتحديات والسيناريوهات المطروحة منهم للتعامل مع الأحداث الإقليمية الجيوسياسية الحالية، لاسيما فيما يتعلق بملفات مهمة مثل أمن الطاقة، وسلاسل الإمداد، والموازنة العامة، واستقرار سعر الصرف، وإيرادات قناة السويس، ومعدل التضخم، وغيرها من الملفات، وفق بيان رسمي .
وقال أعضاء اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي، إن الأزمة الجيوسياسية الإقليمية تتطلب مراقبة دقيقة للأسواق ومحاربة التضخم الخفي، وتحسين كفاءة الطاقة واستمرار سياسات الانضباط المالي وتنويع مصادر توريد الطاقة، وترشيد الاستهلاك، وتعزيز صيانة المحطات، مع ضرورة التنسيق المحكم بين الحكومة والبنك المركزي بما يُسهم في الإبقاء على سعر صرف مستقر والحفاظ على مرونة سعر الصرف، بحسب البيان الرسمي .
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب فخري الفقي إن تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، وعزم الأخيرة غلق مضيق هرمز، قد يتسبب في زيادة أسعار الوقود عالميًا مما يشكل ضغطًا على الموازنة العامة للدولة، وهو ما يتطلب من الحكومة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لزيادة مخزونها الحالي من الوقود .
وأوضح الفقي، في تصريحات خاصة لـ "CNN بالعربية"، أن وزارة المالية قدرت سعر برميل النفط عند مستوى 75 دولارًا للبرميل الواحد بالموازنة التقديرية للسنة المالية الجديدة 2025/2026، والمقرر أن تبدأ مطلع الشهر المقبل، وحال زيادة سعر البرميل بمقدار دولارًا واحدًا لمدة 12 شهر سيكلف الموازنة العامة 80 مليار جنيه (1.6 مليار دولار)، وفي ظل توقعات زيادة سعر برميل النفط إلى مستوى 100 دولار قد يكلف الموازنة العامة نحو تريليون جنيه مما يضغط على العجز .
وأشار فخري الفقي إلى مخاوف تعرض الاقتصاد العالمي لموجة تضخمية جديدة نتيجة زيادة أسعار الشحن واختناق سلاسل الإنتاج مما يرفع من أسعار السلع، وبالتالي يتأثر الاقتصاد المصري والذي يستورد معظم احتياجاته من الخارج، مما قد يؤجل خطط الفيدرالي الأمريكي وكذلك البنك المركزي في خفض سعر الفائدة، والتي تؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي بسبب ارتفاع تكلفة تمويل المشروعات .
وخلال اجتماع لجنة الأزمات الاثنين، عرض وزير البترول، السيناريوهات الخاصة بأسعار الطاقة عالميا، وفقًا لتقديرات مؤسسات مالية عالمية مُختصة، مؤكدا أن هناك 3 سيناريوهات للتأثير المتوقع لأسعار الطاقة وفق درجات التصعيد، من محدود إلى متوسط إلى عالي التصعيد، وخاصة النفط، والزيت الخام، وذلك بالنظر إلى تقديرات طول أمد الصراع، أو اتساع دائرته ونطاقه إقليميًا .
غير أن الفقي أبدى تفاؤله بشأن أداء الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، مستندا على توقعات بعودة تدفقات من استثمارات خليجية ضخمة خلال الفترة المقبلة لاستغلال الاستقرار الاقتصادي والأمني في البلاد، وكذلك المزايا التنافسية وعلى رأسها استهلاكي ضخم يخدم أكثر من 107 ملايين نسمة بخلاف الوافدين على أراضيها، وهذه الاستثمارات الخليجية قد تعوض الخروج المتوقع للاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وتسهم في استقرار سعر صرف الجنيه .
وقال أستاذ التمويل والاستثمار مصطفى بدرة إن الحكومة تسعى للتحوط من مخاطر تصاعد التوترات في المنطقة من خلال تعزيز احتياطاتها من السلع الاستراتيجية والأدوية، خاصة في ظل قرب موقع مصر الجغرافي من الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، مما قد يؤثر سلبًا على حجم المعروض من السلع بسبب صعوبة الاستيراد، أو ارتفاع تكلفة الشحن، نتيجة المخاطر الملاحية في قناة السويس .
وأضاف بدرة، في تصريحات خاصة لـ "CNN بالعربية"، أن اتساع دائرة المواجهات وطول أمدها، قد يؤثر على ارتفاع أسعار السلع عالميًا، مما يرفع من مصروفات العامة للدولة، موضحًا أن زيادة سعر برميل النفط بمقدار دولار يرفع من عجز الموازنة، كما أن زيادة سعر الوقود يرفع من أسعار كل السلع؛ لأنه يعد أحد العناصر الرئيسية في مدخلات الإنتاج بمعظم السلع أو في نقلها .