دبي، الإمارات العربية المتحدة ( CNN ) -- يزور وفد من صندوق النقد الدولي، مصر هذا الأسبوع، بهدف إجراء المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، قبل الموافقة على صرف مبلغ 1.2 مليار دولار، ضمن حزمة تمويلية قيمتها 8 مليارات دولار.
في وقت عقدت الحكومة اجتماعات عدة لبحث خطط بيع شركات حكومية وأخرى تابعة للجيش؛ لتوسيع قاعدة الملكية في البورصة المصرية، وتعظيم دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي .
وتعرض الاقتصاد المصري لصدمات خارجية أثرت سلبًا على معدلات النمو وقدرته على الاستدانة، وكذلك على توافر النقد الأجنبي في البلاد، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022 وموجة التضخم العالمي التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية المستوردة وأبرزها القمح وخروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة .
لتضطر الحكومة المصرية للعودة للاقتراض من صندوق النقد الدولي في عام 2022، وأبرمت اتفاقًا للحصول على 3 مليارات دولار مقابل تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يشمل إصلاحات هيكلية ومالية متعددة، تركز على زيادة مساهمة القطاع الخاص عبر برنامج للطروحات الحكومية لبيع أصول مملوكة للدولة في البورصة أو لمستثمر استراتيجي وخفض الدين، وصرفت من هذا القرض مبلغ 347 مليون دولار في ديسمبر/كانون الأول من نفس العام .
إلا أن تأخر الحكومة في تنفيذ بعض الإصلاحات عطّل استكمال صرف شرائح الصندوق خلال عام 2023، وبعدها وقعت صفقة استثمارية ضخمة مع الإمارات العربية المتحدة بقيمة 24 مليار دولار، لتطوير منطقة رأس الحكمة شمال البلاد على ساحل البحر المتوسط في فبراير/شباط 2024. شجعت الصفقة على تنفيذ توصيات الصندوق بتطبيق سعر صرف مرن للجنيه أمام العملات الأجنبية، لتعاود مصر التفاوض مع الصندوق وزيادة قيمة القرض إلى 8 مليارات دولار، هذا بخلاف مساعدات من دول خليجية وأوروبية .
وصرف صندوق النقد لمصر مبلغ 820 مليون دولار في مارس/آذار 2024 بعد الاتفاق الجديد، وبعدها بأربع أشهر صرف مبلغًا مماثلا، ثم أجرى مراجعة رابعة مطلع هذا العام وصرف 1.2 مليار دولار في مارس/آذار الماضي. ومن المقرر أن يجري مراجعة خامسة هذا الأسبوع لصرف مبلغ مماثل .
وقبل الزيارة المرتقبة لصندوق النقد، عقدت الحكومة اجتماعًا ركزت على برنامج الطروحات الحكومية. وكانت أبرز نتائجها توقيع اتفاقيات مع مجموعة من المكاتب الاستشارية المتخصصة المحلية والعالمية، بشأن إعادة هيكلة وإدارة طرح مجموعة من الشركات التابعة للجيش، تشمل الوطنية للبترول، وشل أوت، وسايلو فودز للصناعات الغذائية، وصافي، والوطنية للطرق، على أن يتم الانتهاء من طرح بعض من هذه الشركات خلال عام 2025 واستكمالها خلال عام 2026 .
بجانب شركات الجيش، تعتزم الحكومة طرح إدارة وتشغيل عدد من المطارات، مستعينة بمؤسسة التمويل الدولية، التي تعمل كمستشار لها لتنفيذ الطروحات. وجرى تنفيذ 33 عملية تخارج كلي وجزئي خلال الفترة من مارس/آذار 2022 حتى يونيو/حزيران 2024، وجمعت حصيلة بلغت 30 مليار دولار، وفق بيانات رسمية .
وقال رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية - إيكما، محمد ماهر، إن الحكومة اتخذت خطوات عدة خلال الفترة الماضية لطرح شركات مملوكة للدولة وللجيش بالبورصة المصرية، أبرزها الاستعانة بمؤسسة التمويل الدولية ومجموعة من المكاتب الاستشارية المتخصصة لهيكلة هذه الشركات قبل طرحها بالبورصة أو البيع لمستثمر استراتيجي، متوقعًا أن تسفر هذه الإجراءات عن بيع شركة أو اثنين خلال الثلاث شهور المقبلة .
وأوضح ماهر، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية يأتي ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، بهدف تقليص الاستثمارات العامة، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، مع إعطاء أولوية لبيع شركات الجيش بالبورصة، لعدم مزاحمة شركات القطاع الخاص، خاصة في ظل ما تتميز به الأولى من مزايا تفضيلية تؤثر بالمنافسة، لا سيما في الأنشطة التجارية التي تتواجد بها شركات عديدة .
وارتفعت استثمارات القطاع الخاص إلى 148.5 مليار جنيه (2.9 مليار دولار) بالأسعار الثابتة خلال الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، ما يمثل 53.3% من إجمالي الاستثمارات، وبمعدل نمو سنوي بلغ 35.4% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفق بيان رسمي .
توقع محمد ماهر، أن تطرح الحكومة شركات الجيش للبيع، سواء لمستثمر استراتيجي أو بيع بنسبة تتجاوز 30% بالبورصة المصرية، كما توقع أن تشهد هذه الشركات إقبالًا حال طرحها بسوق المال، خاصة بعد استيفاء الأوراق القانونية والمستندات اللازمة لبيعها من خلال البورصة .
من جانبه، قال قال خبير الاقتصاد والتمويل وعضو اللجنة الاستشارية المتخصصة للاقتصاد الكلي التابعة لمجلس الوزراء، مدحت نافع، إن الحكومة تضع ملف تخارج شركات الدولة من بعض الأنشطة الاقتصادية الرئيسية أولوية ضمن برنامجها للإصلاح الهيكلي، بهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، مطالبًا أن تتبنى الحكومة كافة الأساليب والأدوات المبتكرة لتنفيذ عملية التخارج، وعدم الاعتماد على الأدوات التقليدية وصندوق مصر السيادي وحده، وذلك بهدف تسريع وتيرة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية .
وأضاف نافع، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن شركات الجيش ستشهد إقبالًا مرتفعًا من المستثمرين أو من خلال الطرح في البورصة، خاصة أن معظمها تعمل في قطاعات رابحة مثل الصناعات التحويلية، غير أنه ربط نجاح هذه الطروحات بطرق عرضها على المستثمرين، مؤكدًا ضرورة أن تكون طريقة الطرح مقترنة بنشاط وحجم كل شركة ومؤشراتها المالية والتشغيلية، إضافة إلى قيمتها العادلة .