قالت صحيفة لوفيغارو إن الرئيس التونسي قيس سعيد ، منذ توليه السلطة عام 2019 وإعادة انتخابه في أكتوبر/تشرين الأول عام 2024، شرع، على غرار جمهوريات الموز، في حملة استبدادية مجنونة، مهاجما المعارضين وأسس دستور البلاد.
وذكّرت الصحيفة -في تقرير بقلم نادية شيريجي- بالأحكام الأخيرة التي أصدرها القضاء التونسي قبل نحو أسبوعين، وقالت إنها مبالغ فيها، وتشهد على التصعيد الاستبدادي للرئيس الذي واصل منذ انتخابه عام 2019 انتهاك الحريات، بدءا من حريات الأصوات المعارضة.
وتراوحت أحكام هذه المحاكمة التي وصفتها الكاتبة بأنها ذات صبغة ستالينية، بين 13 و66 عاما سجنا، واتهم 40 شخصا، معظمهم من الصحفيين والمحامين ورجال الأعمال والمثقفين والناشطين الذين يعتبرون من الرموز المعارضة للحكومة، في قضايا مثل "مؤامرة ضد أمن الدولة"، و"المشاركة في تأسيس منظمة إرهابية بهدف زعزعة الأمن الداخلي والخارجي لتونس"، وأعمال "إرهابية"، و"التحريض على الحرب الأهلية"، و"إثارة الاضطرابات".
واستغربت الكاتبة أن يصدر حكم غيابي بالسجن 33 عاما على الكاتب والفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي بعد توجيه اتهام يجمع بين نظريات المؤامرة المحيطة ب الماسونية والحجج المليئة ب معاداة السامية ، مما يعني -حسب الكاتبة- أن هذه المحاكمة تشكل نقطة تحول رئيسية في المسار الاستبدادي الذي بدأه الزعيم التونسي المهووس بنظريات المؤامرة الوهمية، لإسكات كل الانتقادات.
ورغم أن سعيد انتخب رئيسا للبلاد على أساس وعود بالتغيير وغد أفضل، بعد عقد من الفوضى أعقب الربيع العربي في تونس، ورغم أنه كان أكاديميا متخصصا في القانون الدستوري، فقد انتهك القانون بشكل منهجي منذ انتخابه الأول ليمنح نفسه سلطات كاملة في البلاد.
واستغل سعيد وضعا سياسيا معقدا مرتبطا بجائحة كوفيد-19، فحل البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء وعدل الدستور، الذي ضمن منذ عام 2014 الإدارة البرلمانية للحياة العامة، وحرص على تركيز السلطة في يده، قبل أن يعاد انتخابه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بنسبة مشكوك فيها -حسب الكاتبة- بلغت 90% من الأصوات.
وفي الوقت الذي تغرق فيه تونس في أزمة اقتصادية، وتسعى للخروج من المأزق الذي تردت فيه منذ كوفيد-19، يضاعف سعيد هجماته اللفظية لشرح أن هذه الصعوبات نتيجة لمؤامرات حشدتها جماعات الضغط الأجنبية، دون أن يجد المجتمع الدولي طريقة للرد، كما تقول الكاتبة.
ورغم هذه الظروف، فقد نجح سعيد في وضع نفسه كمحاور رئيسي في قضية تدفقات الهجرة غير النظامية ، ووقع اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي تنص على زيادة التعاون في هذه القضية، وتعهد بالعمل على الحد منها مقابل تمويل بقيمة 105 ملايين يورو.