سوار عاشور، رضيعة لم تُكمل شهرها الخامس، وُلدت بملامح بريئة كأنها ملاك نازل من السماء، لكن الحصار والجوع وسوء التغذية سرقوا منها طفولتها في أيام… في الصورة الأولى كانت زهرة، في الثانية أصبحت ظلًا ناحلًا لجسد يُحتضر.. صدرها النحيل بارز كقفص من العظم، وملامحها اختفت تحت وجع… pic.twitter.com/OpDqPOULOo
— أدهـم ابراهيم أبـو سلميـة (@pal00970) April 29, 2025
في مشهد يهزّ الضمير الإنساني، يتصدر وسم " غزة تموت جوعا" منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتداول ناشطون عرب وأجانب صورًا ومقاطع فيديو تدمي القلوب، تُظهر أطفالا ونساء وشيوخا يتزاحمون على أبواب الجمعيات الخيرية بحثا عن بقايا طعام تسدّ رمقهم.
لليوم الـ60 على التوالي، يواصل الاحتلال الإسرائيلي سياسة الحصار والتجويع الممنهجة بحق سكان قطاع غزة، بينهم أكثر من مليون طفل من مختلف الأعمار يعانون من الجوع اليومي، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية.
لم تعد هذه الجرائم مجرد أرقام أو تقارير، بل تحولت إلى مشاهد دامية ومأساوية تنقلها عدسات الهواتف، تتضمن صرخات الأطفال الجوعى التي تخترق الصمت العالمي المخزي.
وقد وصف مدير مكتب المفوضية الأممية لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية أجيت سونغاي ما يجري في قطاع غزة بأنه غير مسبوق، وقال للجزيرة إن إسرائيل لا تفي بالتزاماتها بموجب القانون.
وأكد للجزيرة أن وضع غزة هو الأسوأ منذ 18 شهرا حيث لا مياه نظيفة ولا أغذية يتم توزيعها، وقال "منذ 60 يوما لم تدخل حبة قمح أو أي من المساعدات الإنسانية والطبية ولوازم السكن"، مذكّرا بإعلان برنامج الغذاء العالمي أنه لم يعد لديه ما يوزعه في القطاع الفلسطيني.
من بين القصص التي هزّت مشاعر العالم، قصة الطفلة الرضيعة "سوار عاشور" التي لم تُكمل شهرها الخامس ووُلدت بملامح بريئة كأنها ملاك نازل من السماء، لكن الحصار والجوع وسوء التغذية سرقوا منها طفولتها خلال أيام.
وقارن مغرّدون صورتين للطفلة سوار خلال فترة قصيرة؛ في الأولى -قبل تفشّي المجاعة- بدت زهرةً متفتحةً بالحياة، أما في الثانية فتحوّلت إلى ظل عظمٍ نحيف يحتضر، وصدرها بارز كقفص فارغ، وملامحها اختفت تحت وجع الجوع والمرض.
وتساءل بعض المغردين "أي ذنب اقترفته هذه الطفلة لتُعاقب بهذا الشكل؟ أنقذوا سوار، أنفاسها تتناقص أمام أعيننا، ولا يرف للإنسانية جفن".
أضاف مدونون أن أطفال غزة يصرخون بوجوهٍ هزيلة وأجسادٍ أنهكها العطش والجوع، عيونهم الصغيرة تُحدثنا عن مأساة لا تُحتمل، وألسنتهم تبحث عن لقمة تسدّ رمقهم تحت حصار لا يرحم.
الطفلة سوار عاشور، قصة تشهد على كارثة سوء التغذية في قطاع غزة! أكثر من 60 ألف طفل مهددون بالموت بسبب سوء التغذية، ولا يزال الحصار مستمرًا، ودخول الغذاء والدواء ممنوع بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
Sewar Ashour, an infant girl, who is a living testimony to the catastrophe of… pic.twitter.com/WtT6IwYAuk
— Dr.Muneer Alboursh د.منيرالبرش (@Dr_Muneer1) April 28, 2025
وقد قال المدير العام لوزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش إن "الطفلة سوار عاشور قصة تُجسّد كارثة سوء التغذية في القطاع، وأكثر من 60 ألف طفل مهددون بالموت، في ظل استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء من قبل الاحتلال الإسرائيلي".
وكتب الناشط يوسف أبو زريق في وصفٍ مؤلم لمعنى الجوع في غزة "ليس لأننا لا نجد ما نأكله، بل لأن أجسادنا لا تحصل على حاجتها من الطعام. الرجل يسقط من طوله، المرأة تلد دون غذاء، كبار السن يموتون لأن المعلبات لا تسد احتياجاتهم، أجسادنا تنحف، ولا شيء يوقف نزيف النحافة".
الجوع هُنا لا يعني أننا لا نجد ما نأكله، بالعكس، قد نجد خبزةً يابسة، نصف علبة فاصولياء، علبة حمص..إلخ إلخ من المُعلبات التي قتلتنا طوال عامٍ ونصفهِ..لكن الجوع الذي نتحدث عنه هو أن يسقط الرجل من طوله لأنه لم يأخذ احتياج جسده من الطعام رغم أنه أكل القليل من الأرز من تكيةٍ…
— يوسف أبوزريق #غزة🇵🇸 (@abn_gaza90) April 29, 2025
ويضيف عبر صفحته على منصة إكس "الجوع أفقد الناس القدرة على البكاء. بعضهم يدفن شهيدين وثلاثة، ثم يخرج باحثًا عن فتات طعام للناجين. الأحزان مؤجلة بسبب الخوف والجوع".
الجوع الشديد أفقد الناس القدرة على الصراخ والمناشدة والمناجاة،
الناس هائمة على وجوهها في الطرقات، وهناك من يفقد شهيدين وثلاثة وخمسة ولا يجد زمنا للبكاء ولا الرثاء، فهو مضطر أن يجد طعاما للبقية بعد مراسم الدفن، إن صح أن نسميها مراسم،
الأحزان كثيرة، وكثيرة جدا، ولكنها بسبب الخوف…
— Ali Abo Rezeg (@ARezeg) April 28, 2025
في حين يوضح الناشط علي أبو رزق أن "الجوع الشديد أفقد الناس القدرة على الصراخ والمناشدة، الناس هائمة على وجوهها، هناك من يفقد شهيدين وثلاثة وخمسة، ولا يجد وقتًا للبكاء، فهو مضطر للبحث عن طعام للبقية بعد مراسم الدفن، إن صح أن نسميها مراسم. الأحزان كثيرة، لكنها مؤجلة".
وكتب أحد المغردين "في غزة، لا يموت الأطفال من القصف وحده، بل يفتك بهم الجوع قبل أن تصلهم القذائف. بطونهم الخاوية تصرخ في (وجه) صمت العالم، وأعينهم الغائرة تبحث عن كسرة خبز بين الركام هناك، الموت له طعم الجوع، ورائحة الخبز المفقود أغلى من الأمان".
في غزة، لا يموت الأطفال من القصف وحده، بل يفتك بهم الجوع قبل أن تصلهم القذائف.
بطونهم الخاوية تصرخ في صمت العالم، وأعينهم الغائرة تبحث عن كسرة خبز بين الركام.
هناك، الموت له طعم الجوع، ورائحة الخبز المفقود أغلى من الأمان.#It_Is_Too_Late#غزة_تُباد #إسرائيل pic.twitter.com/G30CmGmdHB— بانوی مهتاب (@fFallah68) April 29, 2025
وأضاف مدون "غزة تموت جوعًا قبل القصف. شهران دون دخول ذرة طحين أو قارورة ماء. الخضار والفواكه أصبحت من أحلامهم. اللحوم والدجاج نسي الأطفال مذاقها، أما الكبار فيتخيلون طعمها وهم يبلعون الريق المخلوط بالتراب والبارود".
وتساءل آخرون "لا ندري ما الذي ننتظره؟ بهذا الصمت، نحن ننتظر نهايتهم جميعًا. كل ما طلبوه طعام وشراب ودواء… فقط".
وأشار نشطاء إلى أن سكان قطاع غزة اضطروا وأطفالهم لأكل الخبز اليابس والتالف والمتعفن ليسدّوا جوعهم بعد أن ضاقت بهم السبل وسط مجاعة خانقة.
يذكر أن إسرائيل تمنع دخول الغذاء والدواء إلى قطاع غزة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، وقد حذرت الأمم المتحدة من أن الوضع الإنساني في القطاع المدمر "تجاوز كل حدود التصور".