آخر الأخبار

رفح تحت المجهر.. منطقة عازلة أم مقدمة للتهجير؟

شارك
ترامب ونتنياهو يسعيان إلى تهجير سكان غزة

في خضم حرب مستعرة على قطاع غزة، تتكشف يوماً بعد يوم خيوط خطة إسرائيلية تتجاوز الأهداف العسكرية المباشرة لتطال البنية الجغرافية والديمغرافية للقطاع. في قلب هذه الخطة، تقف رفح، المدينة الحدودية الجنوبية، كهدف مركزي لتحويلها إلى منطقة عازلة تخدم أجندة أمنية وسياسية أوسع.

التصريحات والتحليلات التي قدّمها سلمان أبو دقة، محرر الشؤون الفلسطينية في "سكاي نيوز عربية"، تسلط الضوء على أبعاد أخطر لهذه الخطة التي بدأت فعلياً على الأرض وسط صمت دولي وتجاهل متصاعد لمعاناة السكان المدنيين.

في وقت تتكثف فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية على امتداد قطاع غزة، تتضح معالم خطة جديدة تُنفَّذ بهدوء وبخطى ثابتة: تحويل رفح إلى منطقة عازلة تمتد من محور فيلادلفيا حتى مشارف خان يونس، بما يشمل مساحة تُقدّر بنحو 75 كيلومتراً مربعاً، وفق ما أكده سلمان أبو دقة، محرر الشؤون الفلسطينية في "سكاي نيوز عربية أن ما يحدث في رفح ليس مجرد عمليات عسكرية عابرة، بل تنفيذ فعلي لمخطط جغرافي هدفه تقسيم القطاع وعزل السكان".

محاور جديدة ومناطق منزوعة الحياة

الجيش الإسرائيلي يعمل على إنشاء محور جديد يُعرف باسم "محور مراخ"، يربط بين خان يونس ورفح، ويكمل بذلك طوقاً عسكرياً مع محوري نتساريم وفيلادلفيا، ليكوّن "حزاماً أمنياً" يمتد عبر القطاع. بحسب أبو دقة، هذه الخطوة ليست فقط لتأمين الحدود، بل تُستخدم كورقة تفاوض مستقبلية.

"إسرائيل تريد أن تكون هذه المناطق أوراق ضغط في المفاوضات... فهي تعمل الآن على فرض واقع جديد قد يُستخدم لاحقاً لتحديد حدود ما بعد الحرب، ليس على أساس السابع من أكتوبر، بل إبريل 2025،" يؤكد أبو دقة.

الهدم والفراغ السكاني: رفح تُمحى تدريجياً

الصور القادمة من الميدان، كما يشرح أبو دقة، تُظهر أن نصف رفح تقريباً تم تدميره، والمناطق الشرقية من خان يونس تشهد نفس المصير.

الهدف الإسرائيلي كما يبدو هو إنشاء مناطق خالية من السكان، لتتحول إلى نطاق أمني تسيطر عليه إسرائيل بالكامل.

ويوضح أبو دقة: "نحن نتحدث عن نحو 25 بالمئة من مساحة القطاع يتم تفريغها حالياً... وهي مناطق لن يُسمح بإعادة إعمارها أو عودة السكان إليها".

خطة أعمق من "الأمن": مشروع تقسيم غزة واحدة من النقاط المركزية التي يسلط عليها أبو دقة الضوء هي أن إسرائيل تعيد تطبيق "نموذج الضفة الغربية" داخل غزة، أي تقسيم القطاع إلى مناطق منفصلة مثل "أ" و"ب" و"ج" مع فصل بين الشمال والوسط والجنوب، بل وحتى بين رفح وخان يونس، مما يحول غزة إلى كتل غير مترابطة جغرافياً، ومقطوعة سياسياً واجتماعياً.

ورقة "الهجرة الطوعية": التهجير بصيغة ناعمة؟

إحدى أكثر النقاط حساسية وخطورة في تصريحات أبو دقة هي ما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية، ومنها يديعوت أحرونوت، حول تنظيم رحلات عبر مطار رامون لنقل مدنيين فلسطينيين من غزة إلى أوروبا.

"إسرائيل تمهد الأرض لفرض ما تسميه الهجرة الطوعية... ولكنها في الحقيقة نتيجة لضغط عسكري ونفسي وإنساني قاهر،" يشير أبو دقة، محذراً من أن هذه العمليات قد تكون مقدمة لسياسة تطهير ديمغرافي ناعم.

استخدام المدنيين كورقة ضغط: تصريح مثير للجدل من وزير الدفاع

في سياق موازٍ، نقل أبو دقة تصريحاً مباشراً عن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قال فيه: "أقول لسكان غزة: أطردوا حماس وأعيدوا الرهائن... هذه الطريقة الوحيدة لوقف الحرب."

تصريح اعتُبر على نطاق واسع بمثابة تهديد مباشر للمدنيين، ومؤشراً على استخدام الحرب النفسية والضغط الجماعي كوسيلة للانتصار العسكري.

الضفة الغربية على خطى غزة؟

السيناريو الجاري في غزة لا يبدو معزولاً عن الضفة الغربية، حيث تشهد مناطق مثل نابلس، جنين، ومخيم بلاطة عمليات مشابهة تهدف وفق أبو دقة إلى هدم المخيمات، ودفع السكان إلى الرحيل، وتهيئة الوضع لضم كامل أو جزئي بمباركة أميركية.

إعادة رسم الخارطة أم تقويض حل الدولتين؟

تجمع المعطيات المتاحة على أن إسرائيل لا تسعى فقط إلى تحقيق مكاسب ميدانية، بل تعمل على إعادة هندسة جغرافية وسياسية لغزة والضفة على حد سواء، بحيث تُفرض حدود جديدة بقوة السلاح والدمار، مع إمكانية التفاوض لاحقاً من موقع القوة.

هذه الخطة، إذا ما اكتملت، ستقوّض تماماً أي حديث عن حل الدولتين، وستجعل من الدولة الفلسطينية المستقبلية كيانات ممزقة ومعزولة، بلا تواصل جغرافي أو مقومات حياة.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا