في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يخوض طبيب جراحة العظام والمفاصل الأردني ينال العجلوني منذ خرق إسرائيل لاتفاق الهدنة في قطاع غزة، مهمة تطوعية شاقة في مستشفى شهداء الأقصى بمنطقة دير البلح وسط القطاع، لإجراء أكبر قدر من عمليات "الإنقاذ" و"التثبيت" الجراحي الطارىء لمصابي الكسور والعظام حفاظا على حياتهم، بما يشملها من عمليات "بتر" للأطراف كتدخل جراحي لا بديل عنه في حالات عدة، لقلة توفر اختصاصات جراحة الأوعية الدموية والأعصاب.
وتحدث العجلوني من غزة إلى مراسلة CNN بالعربية في الأردن عبر تقنية الاتصال المرئي، حول دور فريق جراحي العظام المتطوعين الذين غادروا إلى القطاع، قبل انهيار الهدنة بأسبوع، وظروف العمل القاسية التي دفعت الآن بعد انهيار الهدنة، إلى تأجيل متابعة إصابات العظام والكسور للحالات السابقة وعملياتها المساندة وكذلك للحالات المرضية غير المرتبطة بالحرب.
وأكد أن هذا التأجيل، بسبب ضرورة منح الأولوية لإنقاذ وتثبيت حياة المصابين الجدد بشكل طارىء، والذين وصف حالاتهم "بالحادة" بعد انهيار الهدنة، لعدم القدرة على إشغال غرفتي العمليات المخصصة لهذه الحالات في المستشفى.
ولم يخف العجلوني الذي خاض تجارب تطوعية في العراق وغزة خلال العدوان الإسرائيلي عليها في 2014، تنامي الشعور "بالقهر" والإحباط لديه ولدى زملائه الأطباء، حيال هذه الظروف التي دفعت بتأجيل الحالات السابقة، وتزايد الضغط على مستشفى شهداء الأقصى، خاصة بعد استهداف قسم الجراحة في مستشفى ناصر.
وتحدث الطبيب العجلوني من مقر إقامته الحالية في المستشفى، عن استقباله اثنين من أفراد طواقم الأمم المتحدة الذين أُصيبوا في التاسع عشر من شهر مارس /آذار الجاري، في استهداف إسرائيلي لمقر مكتب خدمات المشاريع للأمم المتحدة في دير البلح، وإجرائه عملية بتر لساق أحد العاملين منهم ويدعى أليكس.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في دير البلح آنذاك، عن مقتل أحد العاملين في طاقهما وإصابة 5 بإصابات بالغة نجم عنها فقدان "أعين وأرجل".
وشرح الطبيب العجلوني الذي غادر العاصمة عمّان إلى غزة في 13 آمارس الجاري عبر بعثة منظمة Projet Hope الدولية، معيقات وتحديات العمل في مستشفى شهداء الأقصى في اختصاص جراحة العظام، في ظل استمرار منع وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية، وشح المستلزمات الطبية والأدوات اللازمة لتثبيت العظام والكسور.
وأكد العجلوني، حدة إصابات الكسور في العمود الفقري لسكان قطاع غزة كبارا وصغارا وغيرها، نتيجة التعرض المستمر لما يعرف "بالموجات الصدمية" ShockWaves الناجمة عن انفجارات القذائف والقصف المدفعي أو الجوي، قائلا إنها من أصعب أنواع الحالات.
وتحدث عن طفلة تعرضت لكسور حادة في الفخذين، نتيجة "قذفها إلى مسافة بعيدة جراء عصف أحد الانفجارات الناجم عن عمليات القصف العسكرية الإسرائيلية".
وقال العجلوني إن هناك نقصا حادا في كل المستلزمات الطبية في مستشفى شهداء الأقصى، من أسرّة وفرش ومعدات تثبيت وتجهيزات لغرف الطوارئ، مؤكدا أن هذه التجهيزات المتعلقة مثلا بالإصابات الخاصة بعظام الحوض غير متوفرة بالمطلق، كما لا تتوفر العديد من البراغي والمثبتات أو الصفائح المعدنية لكسور العظام بالقياسات المطلوبة.
وأضاف بأن بعض غرف العمليات مجهزة بطاولات ليست مخصصة لهذا لغرض، كما أن كل العمليات الجراحية التي يجريها مع زملائه في الاختصاص ذاته، تعتمد في المستشفى على "دريل" واحد فقط (مثقاب كهربائي)، إذ يضطر الفريق الطبي في حال تعطله إلى العمل بشكل يدوي.
وقال أيضا، إن من أهم إجراءات تشخيص إصابات العظام التصوير بالأشعة، مؤكدا أن قطاع غزة كاملا لا يتوفر فيه أي جهاز تصوير واحد بالرنين المغناطيسي، وأن مستشفى شهداء الأقصى لا يتوفر فيه جهاز تصوير محوري طبقي. ويرسل الفريق الطبي المصابين في هذه الحالة إلى مستشفى آخر لإجراء الصورة. أما جهاز الأشعة التشخيصية الخاص بعمليات جراحة العظام في المستشفى، يتوفر منه جهاز واحد، سبق وتعطّل مؤخرا لمدة 3 أيام خلال 10 أيام.
وعزا الطبيب العجلوني، كثرة عمليات بتر الأطراف، بسبب اعتماد غزة على عدد محدود جدا من أطباء جراحة الأوعية الدموية والأعصاب قد لا يتجاوزون اثنين، ما يضطرهم إلى إجراء عملية "البتر" لحماية حياة المصابين، مع انعدام فرصة إمكانية وصول أطباء الأوعية.
وتطرق بحرقة خلال حديثه إلى عملية بتر، أُجريت لإحدى السيدات في ذراعها كاملة، حيث وصلت في حالة غياب للوعي إلى المستشفى، لتكتشف إجراء البتر وقد أصابها الذعر الشديد حينها، متمنية الموت على ذلك.
وبشأن حجم الدمار الذي شاهده في قطاع غزة، قال العجلوني إنه لا يمكن وصفه حتى عبر الكاميرات، مؤكدا حاجة جميع سكان القطاع خاصة الأطفال، إلى الحصول على دعم نفسي كبير جدا، حيث تعيش العائلات اليوم حالة ما بعد الصدمة.
وناشد الطبيب العجلوني، أطباء الأردن والعالم القدوم إلى غزة، وأن يتوجه المانحون في العالم إلى تكثيف الدعم للقطاع الصحي.