انتهت المحادثات بين المسؤولين الأميركيين والروس بشأن النزاع في أوكرانيا مساء الاثنين بعد أن استمرت لأكثر من 12 ساعة، حسبما أفادت وكالات أنباء روسية نقلا عن مصادر لم تسمها.
وتهدف المحادثات المغلقة على خصوصا إلى إرساء هدنة جزئية في أوكرانيا بعد أكثر من ثلاث سنوات من الهجوم الروسي. وأفادت وكالة تاس أن المحادثات انتهت "بعد أكثر من 12 ساعة".
واقترح الجانبان خططاً مختلفة للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار، في ظل مواصلتهما شن الهجمات على بعضهما عبر الحدود.
ومن بين الوفد الروسي غريغوري كاراسين، الدبلوماسي المخضرم ورئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، وسيرجي بيسيدا، مستشار جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، بينما يقود الفريق الأمريكي أندرو بيك، مسؤول الشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، ومايكل أنطون، مسؤول كبير في وزارة الخارجية.
وقال مسؤول في الوفد الأوكراني طالباً عدم الكشف عن هويته لوسائل إعلام عدة من بينها فرانس برس إن الوفد ينتظر الإعلان عن أي نتائج في المباحثات بين الولايات المتحدة وروسيا، متوقعاً إجراء لقاء آخر مع الولايات المتحدة الاثنين.
وينتظر الوفد الأوكراني في مكان قريب من الاجتماع الأمريكي الروسي تحسباً لإحراز تقدم.
ويسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيجاد نهاية سريعة للحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات، آملاً أن تمهد المحادثات في الرياض لتحقيق تقدم من أجل وقف أطلاق النار.
وكان من المقرر أن يجري الأمريكيون محادثات منفصلة متزامنة مع الوفدين الأوكراني والروسي، قبل أن يتم التحول إلى إجراء جولات محادثات الواحدة تلو الأخرى مع كل طرف.
وانتهت اللقاءات بين الوفد الأوكراني برئاسة وزير الدفاع رستم عمروف والأمريكيين في وقت متأخر من ليل الأحد.
وأعلن عمروف أن جولة المحادثات التي عقدت في الرياض لوضع حد للحرب كانت "مثمرة ومركّزة".
وأضاف عبر شبكات التواصل الاجتماعي "أثرنا نقاطاً رئيسية بينها الطاقة"، مضيفاً أن أوكرانيا تسعى لتحقيق هدفها المتمثل في "سلام عادل ومستدام".
من جهته، أظهر ستيف ويتكوف موفد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاؤلاً الأحد، قائلاً إنه يتوقع إحراز "تقدم حقيقي" خلال هذه المحادثات.
وبادر المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى خفض سقف التوقعات المرتبطة بالمحادثات المرتقبة، قائلاً للتلفزيون الروسي الأحد "هذا موضوع معقد للغاية ويتطلب الكثير من العمل".
وأضاف "نحن في بداية هذا الطريق فقط"، مشيراً إلى أن ثمة الكثير من الأسئلة العالقة حول كيفية تنفيذ وقف إطلاق النار المحتمل.
ورفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعوة مشتركة من الولايات المتحدة وأوكرانيا لوقف إطلاق النار بشكل كامل وفوري لمدة 30 يوماً، مقترحاً أن يقتصر الأمر فقط على وقف الهجمات على منشآت الطاقة.
وقال بيسكوف في المقابلة التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي "مفاوضات صعبة تنتظرنا".
وأضاف بيسكوف أن التركيز "الرئيسي" في محادثاته مع الولايات المتحدة سيكون استئناف اتفاقية الحبوب في البحر الأسود لعام 2022 التي تضمن تصديراً آمنا للمنتجات الزراعية الأوكرانية عبر البحر الأسود.
وتابع "نعتزم مناقشة موافقة الرئيس بوتين على استئناف ما يسمى بمبادرة البحر الأسود، وسيكون مفاوضونا مستعدين لمناقشة الفروق الدقيقة حول هذه المشكلة".
وأتاحت مبادرة البحر الأسود التي كانت سارية بين صيفي 2022 و2023 لأوكرانيا تصدير حبوبها الأساسية إلى العالم، رغم انتشار أسطول روسي في المنطقة.
لكن موسكو انسحبت عام 2023 من الاتفاق الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة، متهمة الغرب بعدم الوفاء بالتزاماته بتخفيف العقوبات على صادرات روسيا من المنتجات الزراعية والأسمدة.
وشن الجانبان هجمات جديدة بطائرات مسيرة عشية المفاوضات، إذ أفاد مسؤولون أوكرانيون بأن هجوماً بطائرة روسية مسيرة ليل السبت أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين في كييف، بينهم فتاة تبلغ خمس سنوات ووالدها.
وتعد مثل هذه الضربات على المدينة التي تتمتع بحماية جوية جيدة، نادرة من نوعها مقارنة بأماكن أخرى في البلاد.
وحض زيلينسكي حلفاء بلاده على ممارسة ضغوط جديدة على روسيا.
وقال في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي الأحد "ثمة حاجة إلى قرارات جديدة وضغوط جديدة على موسكو لإنهاء هذه الضربات وهذه الحرب".
على صعيد متصل، اجتمع رئيسا الأركان الفرنسي والبريطاني مجدّداً في لندن الاثنين لمناقشة خطط حماية أي هدنة محتملة في أوكرانيا في سياق المبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء البريطاني والمعروفة بـ"تحالف العازمين".
وهذا الاجتماع هو الثالث من نوعه منذ إعلان كير ستارمر في فترة سابقة من الشهر عزمه على جمع الدول الراغبة في ضمان وقف للمعارك بين روسيا وأوكرانيا.
وقال رئيس أركان الدفاع البريطاني الأدميرال توني راداكين إن "القوّتين النوويتين في أوروبا تكثّفان الجهود لنسج شراكة أقوى وأعمق تضطلع بدور حيوي أساسي في أمن القارة".
وأضاف "من شأن مناقشات اليوم أن تساعد في رسم ملامح التعاون العسكري البريطاني الفرنسي المقبل وتوطّد جهودنا المشتركة لدعم أوكرانيا بمساعدات عسكرية الآن وبعد أيّ اتفاق سلام".
من جهته، أكد مكتب رئيس الوزراء البريطاني أنه يطلع الولايات المتحدة على آخر مستجدات اجتماعات التخطيط العسكري.
وصرّح الناطق باسمه أن "تحالف العازمين هو مجموعة من الدول التي تتواءم مواقفها السياسية في مجال الدفاع عن أوكرانيا وأمنها وسيادتها... في حال تمّ التوصّل إلى صفقة. فهذه الصفقة ينبغي الدفاع عنها".
يقود كير ستارمر إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجهود في هذا السياق منذ فتح الرئيس الأميركي دونالد ترامب مفاوضات مباشرة مع روسيا الشهر الماضي لإنهاء النزاع الدائر منذ أكثر من ثلاث سنوات.
غير أن تساؤلات كثيرة تطال هذا التحالف، خصوصا بعد مطالبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنهاء المساعدة العسكرية الغربية لأوكرانيا كشرط من شروط وقف إطلاق النار.
وأعرب ستارمر وماكرون عن استعدادهما لإيفاد جنود من البلدين إلى أوكرانيا، غير أن روسيا شدّدت على أنها لن تقبل بانتشار قوّات من حلف شمال الأطلسي (ناتو) في البلد المجاور.