سيطرت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بشأن أوكرانيا على أعمدة الرأي في الصحف العالمية، وفي هذه الجولة من عرض الصحف سنحاول أن ننقل طرفاً من تلك الآراء.
ونبدأ من صحيفة دايلي ميل البريطانية، التي نشرت افتتاحية بعنوان "بيع أوكرانيا يعتبر مكافأة للطغيان".
وقالت الصحيفة في مستهل افتتاحيتها إن ما كان حَريّاً بأن يكون محاولة لإيجاد حلّ للمشكلة الأوكرانية، انحدر بالأمس ليصبح "سلوكاً غريباً وخطيراً من إلقاء اللوم على الضحية".
ورأت دايلي ميل أنه "مع كل تصريح جديد يتفوّه به الرئيس ترامب، تبدو رغبته أكثر وضوحاً في فرْض تسوية سلام بالقوة، دون أي اعتبار للثمن الذي ستدفعه أوكرانيا أو لاعتراضات الأعضاء في حلف شمال الأطلسي الناتو".
إن ترامب "يبدو مستعداً للتنازل عن مساحات شاسعة من الأرض لروسيا، بل ويطالب بما قيمته 400 مليار جنيه إسترليني من الثروة المعدنية في أوكرانيا، مقابل ما حصلت عليه الأخيرة من سلاح أمريكي"، بحسب الصحيفة البريطانية.
وتابعت الصحيفة بالقول إن "ترامب يتصرف كعاهل إمبراطوري أكثر منه زعيماً للعالم الحُرّ".
وقالت إن تصريحات ترامب الهجومية على زيلينسكي هي "موسيقى تنساب إلى آذان المعتدي الحقيقي، فلاديمير بوتين، الذي تحوّل في غضون أسابيع معدودة من رئيس دولة مارقة إلى طرف على طاولة الدبلوماسية الدولية".
"من الواضح أن ترامب وبوتين يتشاركان رؤية واحدة، وثمة إشارات قوية بأنّ روسيا والولايات المتحدة ستستأنفان قريبا تطبيع علاقاتهما"، وفقاً للصحيفة البريطانية.
وقالت الديلي ميل إن "هذا التقارب بين ترامب وبوتين حَريٌّ بأن يدقّ ناقوس الخطر ليس في أوكرانيا فحسب، ولكن في عموم أوروبا؛ فإذا ما سُمح لبوتين بتحقيق انتصار في أوكرانيا، فسرعان ما سيواصل الزحف لاحقاً".
"وإذا ما تم فرْض انتخابات في أوكرانيا والإتيان بنظام كرتوني، فلن يكون بوتين حينها على أبواب دول البلطيق فحسب، ولكن تطلعاته ستتوسع وصولا إلى بولندا، والمجر، وسلوفاكيا، ومولدوفا، ورومانيا"، بحسب الديلي ميل.
وقالت الصحيفة البريطانية: "إن أزمة الأمس أصبحت أكثر عُمقاً. وما من شك في أن ترامب مستعدٌ لسحب التمويل الأمريكي من أوكرانيا، ومن ثمّ فإنّ على الديمقراطيات الأوروبية أن تقرّر موقفها من حليفتها (أوكرانيا)".
وخلصت دايلي ميل إلى القول إنه "منذ منتصف حقبة الأربعينيات من القرن الماضي، تعتمد الديمقراطيات الأوروبية على أمريكا لضمان أمنها. ولكنْ يبدو من الآن فصاعداً، أنّ على هذه الدول أن تتعلم كيف تعتمد على نفسها".
وننتقل إلى صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، التي نشرت افتتاحية بعنوان "ترامب يميل إلى بيع أوكرانيا"، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي يمارس ضغوطاً على أوكرانيا من أجل التوصّل إلى صفقة مع روسيا أكثر مما يفعل مع الأخيرة.
واستهلت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن أحد التحديات في عصر ترامب تتمثل في معرفة ما إذا كان يبتغي بتصريحاته تلك لفت الأنظار أو أنه يريد بالفعل إحداث تغيير حقيقي في السياسة والأولويات.
ورأت الصحيفة أن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن أوكرانيا ربما تكون نذيراً بتسوية سيئة في المستقبل.
واتهم ترامب أوكرانيا ببدء الحرب مع روسيا، وقال إن كييف ليست أفضل كثيراً من الكرملين؛ كونها لم تعقد انتخابات في زمن الحرب، وبأن زيلينسكي بذلك "ديكتاتور".
ليردّ الرئيس الأوكراني بالقول إن ترامب "يعيش في غمامة من المعلومات المضللة".
ووصفت وول ستريت جورنال تعليق زيلينسكي بأنه "قد ينطوي على تهوّر، ولكنه دقيق".
وقالت الصحيفة إن تصريحات ترامب، التي تنطوي على تحوّل في الموقف الأمريكي، قد لا تكون مجرّد تصريحات عابرة؛ وإن ترامب ربما يريد إقناع الناخب الأوكراني بأنه لا فرق بين الكرملين وكييف.
"وربما اعتقد ترامب أن ذلك كفيل بتيسير التوصُّل إلى صفقة سلام تمثل خيانة لأوكرانيا".
وفنّدت وول ستريت جورنال اتهامات ترامب، قائلة إن الحرب قامت لأن بوتين أراد استعادة مجد الإمبراطورية السوفييتية الذي شاهده يضيع بينما كان لا يزال شاباً.
أما عن تأجيل الانتخابات الأوكرانية، فأشارت الصحيفة إلى أن ذلك يأتي وفقاً لدستور البلاد.
وتساءلت الصحيفة الأمريكية "هل كان تشرشل ديكتاتوراً" عندما لم تعقد بريطانيا انتخابات في زمن الحرب العالمية الثانية؟
ورأت وول ستريت جورنال أن الديمقراطية في أوكرانيا هشّة ولكنها يمكن أن تتقوى إذا ما امتثلتْ بمؤسسات غربية كالاتحاد الأوروبي.
واتهمت الصحيفة الرئيس الروسي بوتين بأنه الديكتاتور الوحيد في هذه الحرب، قائلة لترامب: "اتصِلْ بنا عندما يعقد بوتين انتخابات حرة".
وربما أراد ترامب بتصريحاته تلك أن يؤلّب الرأي الأوكراني ضد زيلينسكي، لكنّ السحر قد ينقلب على الساحر؛ إذا رأى الأوكرانيون أن رئيسهم يعارض صفقة سيئة تريد الولايات المتحدة وروسيا فرْضها عليهم، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ورأت وول ستريت جورنال، أنه من صميم مصلحة الولايات المتحدة أن ترفض التوغّل الروسي داخل نفوذ حلف الناتو، وهذا كان السبب الحقيقي وراء تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا.
ورأت الصحيفة كذلك أن مثل هذا الاتفاق يرقى إلى درجة "التخلّي عن أوكرانيا" وهو يمثل ضربة للنفوذ الأمريكي سيتردّد صداها في منطقة المحيط الهادئ ومنطقة الشرق الأوسط.
وقالت وول ستريت جورنال إن ترامب حتى الآن يبدو راغباً في إبرام صفقة سلام أكثر من بوتين، ما من شأنه الإضرار بأيّ مفاوضات مستقبلية.
و"يمثّل هذا بالضبط نقيض الوعد الذي قطعه ترامب على نفسه باستعادة العصر الذهبي لمكانة الولايات المتحدة، فضلا عن استعادة الهدوء العالمي"، وفق ما خلصت إليه الصحيفة.
ونختتم جولتنا بمقال نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية في الشأن ذاته بعنوان: "ترامب يواصل مغازلة بوتين: زيلينسكي ديكتاتور وفاسد!".
وقالت الكاتبة ريم هاني إن الرئيس الأمريكي "لم يحاول تدارُك النقمة الأوكرانية والأوروبية الناجمة عن اللقاء الذي جمع بين الوفدين الروسي والأمريكي في السعودية، بل عمد، بدلاً من ذلك إلى رفع مستوى انتقاداته لأوكرانيا، وصولاً إلى تحميلها مسؤولية بدء الحرب".
ورأت الكاتبة أن ما فعله ترامب، لم يكن ليفعله رئيس أمريكي غيره، ما دفع البعض إلى التأكيد على أن "ترامب يتجه نحو القيام بأكبر تحوّل صادم في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه روسيا منذ أجيال".
"وبالفعل، تشي التصريحات التي صدرت في أعقاب الاجتماع، بأنّ واشنطن تتجه إلى تطبيع علاقاتها بالكامل مع موسكو، بعدما شكّلت عودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين نقطة أساسية في المفاوضات الأخيرة".
وأضافت الكاتبة: "وبعدما عمد ترامب، في الفترة الماضية، إلى التعامل مع موسكو والحديث عنها وكأنها صديق موثوق به، مصوّراً، في المقابل، حلفاءه الأوروبيين على أنهم غير جديرين بالثقة، بدا الكثير من المحللين الغربيين قلقين من المقاربة الأمريكية الجديدة، ولا سيما أنّ العديد منهم لا يزالون يؤيدون الاستمرار في التعامل مع روسيا بعقلية الحرب الباردة".
ورصدت ريم هاني تعقيباً على نتائج لقاء السعودية، لكوري شاك، التي عملت كمساعدة للأمن القومي في عهد الرئيس السباق جورج بوش، اوقد اعتبرت شاك أن موقف ترامب يشكل "انعكاساً مشيناً لـ 80 عاماً من السياسة الخارجية الأمريكية".