في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
عندما فر بشار الأسد من سوريا على متن طائرة روسية إلى موسكو في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ترك لمن دخلوا قصر الشعب في دمشق بعده ألغاما متفاوتة الأحجام، بداية من بنية تحتية مدمرة أو متهالكة في جميع أنحاء سوريا، ما جعل توافر أساسيات الحياة المعاصرة من كهرباء وغاز ووقود بشكل دائم أقرب للحلم لعموم المواطنين، مرورا بسعر متردٍّ للعملة السورية، ورواتب متدنية للموظفين تتراوح قيمتها بين 10 دولارات إلى 25 دولارا في الشهر، وجروح اجتماعية عميقة تتعلق بملف ضحايا الثورة والمختفين قسريا الذين جاوزت أعدادهم 100 ألف شخص بحسب بعض التقديرات، وصولا إلى الحضور العسكري لقوى دولية وإقليمية على الأراضي السورية على رأسها أميركا وروسيا، هذا فضلا عن نظام عقوبات غربي وأميركي صارم يعوق الاستثمارات الأجنبية في سوريا.
بجوار كل ما سبق، برزت ألغام أخرى جديدة ترتبط بهوية المنتصر في القتال، فهيئة تحرير الشام مصنفة على قوائم الإرهاب في الولايات المتحدة وفي العديد من الدول، فضلا عن المخاوف الدولية والإقليمية من صعود أشخاص إلى مقاعد الحكم في دمشق بعد أن كانوا قبل بضعة سنوات كوادر في التنظيمات "الجهادية" قبل أن ينفصلوا عنها، وقادة لفرع تنظيم القاعدة بسوريا قبل أن يفكوا ارتباطهم به، فضلا عما شاب مسيرتهم من احتكاكات وصراعات مع فصائل سورية أخرى، كما يبرز توجس من حقيقة توجهاتهم الأيديولوجية والفكرية، وانعكاساتها على تصورهم لشكل الدولة الجديدة ونظام الحكم بها، وكيفية التعامل مع الأقليات العرقية والطائفية التي تزخر بها سوريا.
كان على الإدارة السورية الجديدة أن تتعامل مع هذه الألغام منذ الساعة الأولى لسقوط الأسد، وربما حتى قبل ذلك حتى تبين للجميع أن سقوطه كان قاب قوسين أو أدنى، وكانت وسيلتها الرئيسية في ذلك هي "خطابها" المصمم بدقة وعناية. ويتضمن "الخطاب" مجموعة من الأفكار والمفاهيم التي يرددها القائل، لكنه في الوقت ذاته يعكس مدى إدراك المتحدث لعلاقات القوة والهيمنة ومدى التفاعل بينه وبين المخاطبين.
للمزيد من التوضيح، نأخذ مثالا، وهو خطاب المتحدث السابق باسم تنظيم الدولة الإسلامية أبو محمد العدناني والذي تميز بأنه كان خطابا هجوميا، بل وعدائيا صريحا، تجاه الدول الإقليمية المنخرطة في الملف السوري، وتجاه الدول الكبرى، وحتى تجاه الفصائل السورية الأخرى إلى درجة أنه تعهد بتحرير المناطق المحررة (من سيطرة الفصائل المنافسة)، وهو ما جعل تلك الأطراف تتكتل ضده، ما سهّل عزله وحصاره ثم القضاء عليه.
وعلى النقيض من ذلك تماما، يقدم قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، المعروف سابقا باسم "أبو محمد الجولاني"، خطابا مسيسا يسعى لتفكيك أي تكتلات معادية للتغيير الحاصل في سوريا، ساعيا في غضون ذلك إلى تدشين أرضية لتحالفات داخلية وخارجية لتجاوز التحديات القائمة.
فاجأ أحمد الشرع من تابعوا لقاءاته وتصريحاته بخطاب هادئ متزن يحاول تفكيك الألغام تباعا، ونبرة تصالحية سعت لطمأنة جميع الأطراف داخليا وخارجيا بأن سوريا الجديدة لا تمثل تهديدا لأحد ولا تسعى للانتقام من أحد، وأنها تركز على التنمية الاقتصادية والتعافي من جراحات الماضي وآثار الحرب، والأهم أنها تقف على مسافة واحدة من الجميع، بمن في ذلك بعض حلفاء نظام الأسد البائد.
داخليا، فتح الشرع الباب أمام سائر المكونات السورية للمشاركة في صنع المستقبل، فشدد على أنه "لا يعتبر نفسه محرر سوريا، لأن كل من قدم تضحيات ساهم في تحرير البلاد"، كما حرص على طمأنة الأقليات، حيث قال خلال لقائه مع الزعيم اللبناني الدرزي وليد جنبلاط: "نحن معتزون بثقافتنا وإسلامنا، وديننا يحمي حقوق كل الطوائف والملل". كما تحدث إبان لقائه مع وفد من القيادات الدرزية في السويداء عن "أهمية استحضار عقلية الدولة لا عقلية المعارضة، ووجوب بقاء سوريا موحدة، وأن يكون بين الدولة وجميع الطوائف عقد اجتماعي لضمان العدالة الاجتماعية"، وأشار إلى أن نظام الأسد عمل على تخويف الأقليات وإثارة النعرات، بينما ستعمل الإدارة الجديدة على حماية الطوائف والأقليات.
إقليميا، أرسل أحمد الشرع رسائل بأن الإدارة الجديدة لا تريد التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، فشدد على أن "سوريا لن تنصر طرفا على آخر في لبنان، وأنها تحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه وأمنه"، مستحضرا بذلك المخاوف طويلة الأمد في بيروت من الهيمنة التي مارستها دمشق لعقود على السياسة اللبنانية، وتكررت نفس الرسائل تقريبا بشأن العراق والأردن. وفي غضون ذلك، كرر الشرع الإشارة إلى دور سوريا في تحجيم نفوذ المليشيات المرتبطة بإيران، ومساهمة ذلك في حماية أمن المنطقة وتحديدا دول الخليج لخمسين سنة قادمة حسب تعبيره، وذلك ضمن مساعيه للانفتاح على دول الخليج والغرب عبر اللعب بورقة إيران.
دوليا، تبنى الشرع خطابا يركز على مصالح مشتركة بين الإدارة السورية الجديدة والغرب، فتحدث عن أهمية الاستقرار لعودة اللاجئين إلى ديارهم، وعن التصدي لتجارة الكبتاغون، وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية، لكنه واكب ذلك بالحديث عن أهمية رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ورفع هيئة تحرير الشام من قوائم التنظيمات الإرهابية، للمساعدة في بناء الدولة الجديدة، وتعزيز انفتاحها على العالم.
ورغم ما سبق، قوبل خطاب الشرع بالتشكيك، مع مخاوف أن يكون مجرد خطاب "مرحلي" تقتضيه ضرورات اللحظة الراهنة لحين ترسيخ موقعه في هرم السلطة، مع إمكانية تغيير خطابه مستقبلا مع تعزيز نفوذه وقبضته. ومصداقا لهذه الشكوك، أكدت الولايات المتحدة على لسان وزير الخارجية بلينكن بأنها ستربط مواقفها بأفعال دمشق دون الاكتفاء بأقوالها، فيما أشارت "أورسولا فون دير لاين" رئيسة المفوضية الأوروبية إلى أن الوقت ما زال مبكرا للحكم على إمكانية وفاء القيادة الجديدة بوعودها في حفظ سيادة سوريا.
أما دولة الاحتلال الإسرائيلي فقد تبنت موقفا أكثر تشددا، بلغ حد قيام المسؤولين الإسرائيليين بالتهجم اللفظي على الإدارة السورية الجديدة، بالتزامن مع توغل عسكري خطير لدولة الاحتلال في الأراضي السورية. وقد نعت وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر النظام الجديد في دمشق بأنه "عصابة وليس حكومة شرعية"، مشيرا إلى أن الإدارة السورية "تقودها جماعة جهادية متطرفة للغاية"، بينما صرحت نائبته بأن "قادة سوريا الجدد هم ذئاب بثياب حملان، ويحاولون إقناع العالم بأنهم ليسوا متطرفين"، معقبة بالقول: "لن ننخدع بالكلام اللطيف من قادة سوريا الجدد، وسنقيّم أفعالهم".
بعيدا عن الخطاب، وخلال شهر من دخوله دمشق، ظهرت السمات "العملية" لتعامل أحمد الشرع مع التحديات التي تواجهه. ومنذ الأيام الأولى، بدأ الشرع في خطوات جادة لإذابة التشظي الفصائلي عبر العمل على دمج الفصائل في جسد الدولة الوليدة، فأعلن تشكيل وزارة الدفاع، وأوكل قيادتها لقائد الجناح العسكري سابقا في هيئة تحرير الشام مرهف أبو قصرة، وعقد لقاءات مع قادة الفصائل لبحث تفاصيل حلها وتسليم معسكراتها ودمجها رفقة سلاحها بالجيش الجديد، كما أصدر نشرة ترقيات منحت عدة أشخاص رتبا عسكرية بدرجة لواء وعميد وعقيد، وجميعهم من القادة العسكريين الذين شاركوا في عملية ردع العدوان.
برز في نمط إدارة الشرع أيضا ميله إلى تفويض الملفات الحساسة والرئيسية لشخصيات مقربة عملت معه سابقا لوجود ثقة متبادلة بينه وبينها، فبجوار وزير الدفاع، عيّن الشرع أسعد الشيباني -مسؤول الشؤون السياسية في هيئة تحرير الشام- وزيرا للخارجية، وعين أنس خطاب -مسؤول جهاز الأمن في هيئة تحرير الشام- رئيسا للاستخبارات. كما عين قادة فصائل حليفة في مناصب سيادية، فعين عزام غريب -قائد الجبهة الشامية- محافظا لحلب، وأحمد الشيخ -قائد فصيل صقور الشام- محافظا لإدلب. ودافع الشرع عن تلك التعيينات موضحا أنه يحتاج لفريق متجانس لإدارة الفترة الانتقالية، بعيدا عن المحاصصة التي ستعرقل العمل. كما لم يعترف الشرع بأي كيانات سياسية ارتبط دورها بالتفاوض مع النظام السابق نيابة عن المعارضة، وأبدى استعداده لانخراط عناصرها في المشهد الجديد كأفراد وليس ككيانات، وهو ما استقبلته تلك الكيانات بتحفظ.
وفي المقابل، أجرى الشرع تعيينات في مناصب فنية من خارج دوائر المقربين منه، فكلف ميساء صابرين برئاسة البنك المركزي، لتصبح أول امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ سوريا، وذلك بعد أن شغلت منصب نائب حاكم البنك المركزي في عهد نظام الأسد، وهو تعيين يحمل رسالة ضمنية للمجتمع الدولي بالانفتاح تجاه عمل المرأة، وعدم إقصاء موظفي العهد السابق ممن لم يتورطوا في جرائم، والاعتماد على أصحاب الكفاءة. وهي الرسالة ذاتها التي عززها أحمد الشرع بزيارته لفاروق الشرع -نائب الرئيس السوري السابق- في منزله لدعوته لحضور المؤتمر الوطني المرتقب، والذي يُفترض أن يتبلور خلاله شكل النظام السوري الجديد وملامح المرحلة الانتقالية.
على مستوى الأمن المحلي، تمكنت الإدارة الجديدة بدرجة كبيرة من السيطرة على نزعات الثأر والانتقام، ومنعت تحول المشهد إلى حالة فوضوية، فحرصت على التنسيق مع الوجهاء وقادة المجتمع قبيل تنفيذ حملات مداهمة وتفتيش للمناطق والأحياء التي يوجد بها المطلوبون وفلول النظام السابق، مع الاعتماد على معلومات أمنية واستخبارية مسبقة لمداهمة مخازن السلاح المخفية، وتوقيف المتورطين في قتل المدنيين والثوار. وجاءت تلك الخطوات بعد إعطاء مهلة لعناصر النظام السابق لتسليم الأسلحة وتسوية أوضاعهم عبر مراكز التسوية المفتتحة في دمشق والعديد من المحافظات.
على المستوى الخدمي، تخوض الإدارة الجديدة صراعا مع الزمن لتقديم منجزات ملموسة للمواطنين، ما يعزز شرعيتها. فبدأت وزارة الكهرباء في خطة مدتها شهران لزيادة مدة وصول الكهرباء للمواطنين بما يتراوح من 8 إلى 10 ساعات يوميا، مع بحث ربط شبكات توليد الكهرباء السورية بنظيرتها التركية، واستقبال سفن تركية وقطرية قادرة على توليد ما يعادل نصف الكهرباء المولدة في سوريا حاليا، وإعادة تشغيل مطار دمشق أمام الرحلات الجوية، وإصدار البنك المركزي قرارا بتحرير سقف السحب اليومي من الحسابات البنكية لتيسير التجارة، والإعلان عن رفع الرواتب بنسبة 400%، وإزالة القيود على تبديل العملات، وتخفيض الرسوم والضرائب، وهي إجراءات أسفرت عن انخفاض بعض أسعار المواد الغذائية لنحو النصف، وتحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار.
على الصعيدين الدولي والإقليمي، حرص الشرع على الانفتاح على الدول الغربية، فاستقبل وزراء خارجية فرنسا وأوكرانيا وألمانيا وإيطاليا، ووفد من الخارجية الأميركية، واجتمع مع وفود من ممثلي الجاليات السورية في بريطانيا وأميركا وألمانيا لتشجيعهم على ضخ استثمارات وبذل جهود للضغط على الحكومات الغربية لرفع العقوبات. فبحسب تقديرات مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، تحتاج البلاد نحو 400 مليار دولار لإعادة الإعمار، وهو مبلغ يصعب توفيره حال بقاء العقوبات.
في غضون ذلك، يحاول الشرع موازنة الوجود الأميركي في سوريا الداعم لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" والضغوط الأميركية والغربية على الإدارة الجديدة، بالوجود الروسي في سوريا، حيث أبدى الاستعداد لفتح صفحة جديدة مع موسكو، ولم يطلب منها إخلاء قواعدها العسكرية في طرطوس وحميميم، وهو ما قابله وزير الخارجية الروسي لافروف بالثناء مشددا على عدم تلقي موسكو أي طلبات من سوريا لمراجعة الاتفاقات بشأن القواعد العسكرية الروسية في البلاد، ومبديا رغبة بلاده في العمل مع السلطات السورية الجديدة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية بشأن قضايا الاقتصاد والاستثمار.
تبدو الرسالة التي يوجهها الشرع هنا واضحة، وهي أن المطالب الغربية بإخراج الروس من سوريا لا بد لها من مقابل، مثل رفع العقوبات عن سوريا، والاعتراف رسميا بالإدارة الجديدة، ورفع أسماء أفرادها من قوائم الإرهاب، وصولا للجم الانتهاكات الإسرائيلية، والتي بلغت خرق اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 من جانب واحد بعد سقوط الأسد، وصولا للسيطرة على جبل الشيخ والتوغل داخل الأراضي السورية. فلو طلب الشرع من الروس الخروج من سوريا لفقد ورقة تفاوضية مهمة في يده، كما أنه يدرك أن جغرافية سوريا تفرض عليها نوعية تحالفاتها، فواشنطن ضامنة للتفوق العسكري الإسرائيلي، ومن ثم لن تسمح أميركا للدول الغربية بتسليح أو دعم بناء جيش سوري قوي، بينما يمكن لموسكو أن تقوم بهذا الدور.
إقليميا، ثمّن الشرع موقف تركيا وقطر تجاه الإدارة الجديدة في سوريا، وأعلن أن لهما الأولوية في الاستثمار ومشاريع إعادة الإعمار، لكنه في الوقت ذاته حرص على الانفتاح على الخليج، وبالتحديد على الرياض، حيث أرسل أول وفد رسمي في زيارة خارجية إلى المملكة العربية السعودية، بمشاركة أركان الإدارة الجديدة، وزيري الخارجية والدفاع ورئيس الاستخبارات. وطمأن الشرع الرياض بأن التغيير الذي حدث في سوريا يصب في مصلحتها، وهو ما قوبل باحتفاء سعودي برزت مؤشراته في تدشين جسر جوي وبري للمساعدات الغذائية والطبية والوقود، وسط آمال بأن تستخدم المملكة ثقلها العربي والإسلامي والدولي للدفع باتجاه رفع العقوبات وضخ استثمارات تسهم في إعادة بناء الاقتصاد السوري. كذلك أرسلت دمشق وفدا لجولة إقليمية شملت الأردن وقطر والإمارات.
يمكن القول إذن إن الشرع يركز في المرحلة الحالية على تعزيز شرعيته داخليا وخارجيا، وتفكيك ما أمكن من الألغام التي ورثها ضمن مخلفات الحقبة الماضية. فداخليا، يعمل على تحقيق إنجازات وخدمات للمواطنين، وتذويب ودمج الكيانات المتعددة والفصائل ضمن جسد الدولة الوليدة، والتجهيز للمؤتمر الوطني الذي سيمثل إطارا ناظما للمرحلة الانتقالية. فيما يعمل خارجيا على صياغة مصالح مشتركة بينه وبين الآخرين، وإجهاض محاولات تشكيل محاور مناهضة لسوريا الجديدة، مع تجنب التركيز مؤقتا على ملف الاعتداءات الإسرائيلية، لحين حلحلة الملفات الأخرى ذات الأولوية مثل رفع العقوبات وإعادة الإعمار.
في المقابل، تدعم العديد من الأطراف الإقليمية الإدارة الجديدة، وترى أن نجاحها سيمثل ضمانة لاستقرار المنطقة وأمنها، بينما تتعامل الولايات المتحدة وأوروبا بنهج جس النبض، خطوة بخطوة، حيث تتوجس من التوجهات المستقبلية للشرع، وبالأخص لمجاورة سوريا لفلسطين المحتلة، وانعكاسات صعود سوريا على توازن القوى مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما تنخرط موسكو في تواصلات مع الإدارة الجديدة لبحث مستقبل العلاقة الثنائية.
إن إرضاء أطراف وجهات متنافسة أمر محفوف بالتحديات، وبالأخص في دولة خرجت للتو من ثورة وحرب داخلية طاحنة أنهكت واستنزفت مقدراتها البشرية والمادية، ووسط إقليم به محاور متصارعة، ومسرح دولي يشهد استقطابا متزايدا. ومن ثم فإن مرحلة التقاط الأنفاس ونشر رسائل الطمأنة قد تصلح لفترة زمنية معينة، لكن بمرور الوقت قد تصبح الخيارات أقل تنوعا، والمواقف أكثر حسما، لكن المرجح أن الإدارة السورية الجديدة لن تبادر لعداء أو خصومة مع أي طرف باستثناء من يبادرها بالعداء.