آخر الأخبار

لبنان في قبضة الجفاف.. مخاوف من تهديد الأمن الغذائي

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

البقاع- "لا تنتهي الخسائر الاقتصادية، والآن أتانا انحباس المطر"، هكذا عبّر الخبير الزراعي مرعي الزغبي عن موجة الجفاف التي تضرب لبنان منذ مطلع فصل هذا الشتاء، وأدت إلى "نضوب مياه الأنهار، وتراجع مخزون أحواض البحيرات الطبيعية والاصطناعية، والآبار الجوفية، العامة منها والخاصة".

ويأتي نهر الليطاني في مقدمة ضحايا الجفاف هذا العام، وهو أطول وأغزر أنهر لبنان، ويمتد بطول 170 كيلومترا من منبعه في قرية العليق قرب بعلبك، حتى مصبّه في البحر الأبيض المتوسط شمالي مدينة صور. وقد سجلت السلطات الرسمية هذا العام نضوب مياه 16 رافدا للنهر، وأنهر وينابيع أخرى.

مصدر الصورة الخبير الزراعي مرعي الزغبي من بلدة المنصورة البقاعية تحدث عن آثار سيئة تهدد الأمن الغذائي والبيئي (الجزيرة)

ويلي الليطاني في المسطحات المائية الأكثر تأثرا بالجفاف الناجم عن انحباس المطر، حوض بحيرة القرعون، أكبر حوض اصطناعي لتجميع مياه المتساقطات في لبنان، وتبلغ سعته 222 مليون متر مكعب.

ويرى الخبير الزغبي، في حديث للجزيرة نت، أن "الليطاني تحول إلى ساقية متواضعة بسبب ندرة المتساقطات، الأمر الذي يهدد ليس فقط مستقبل الثروة المائية في لبنان، بل يطال المزروعات على اختلافها من حبوب وأشجار مثمرة، ويؤشر إلى أزمات تهدد الأمن الغذائي والبيئي والصحي للسكان".

ويربط بين انحباس المطر، وظاهرة التغير المناخي التي تجتاح العالم منذ عقدين، ومنه لبنان الذي بتقديره "تعامل مع هذا الملف الخطير كتعامله مع باقي الملفات التي تعصف بالوطن، فوصلنا إلى ما نحن عليه، أي إلى مزيد من الفوضى في استخدام مياه الشرب والري وغيره".

مصدر الصورة المزارع طارق طه صاحب مشاريع زراعية مجاورة لنهر الليطاني (الجزيرة)

نقص وتلوث

بدوره، قال طارق طه، صاحب مشاريع زراعية في البقاع الغربي، إن "المزارع هو أول خاسر بسب تراجع المتساقطات ونضوب مياه روافد الليطاني، منها أنهر الغزيل والسباحية وشمسين والبردوني، ومثلها ينابيع في جبال صنين وعين دارة والباروك لجهة البقاع، إضافة لمحميات طبيعية مثل كفرزبد وعميق".

إعلان

ويعبر طه، في حديث للجزيرة نت، عن أمله أن تحمل الأيام المقبلة أمطارًا تعوض بعضًا من نقصٍ هائل أصاب الثروة المائية في لبنان. "وإلا، فنحن أمام كارثة حقيقية ستطيح بمواسمنا، وبالثروات الحرجية، وبكل ما له علاقة بطبيعة لبنان المميزة".

ولا تكمن أزمة الليطاني في نضوب مياه نبعه وروافده وانحباس المطر فقط. يقول المزارع شحادة الفقيه "ندرة المطر فاقمت من نسبة تلوث ما تبقى في مجراه من مياه، وكذلك في حوض بحيرة القرعون، الذي يعيش أزمة خطرة لها علاقة بجودة المياه وتحولها إلى مصدر للأوبئة والأمراض".

ورأى أن المطر قد ينظف بعضا من التعديات البشرية على مياه الليطاني، ولا سيما انتشار مكبات النفايات على ضفتيه، وتدفق مياه الصرف الصحي من بعض القرى ومخيمات النزوح إلى بعض أقسامه، وتسرّب مواد سامة من معامل البطاريات والمصانع ومحطات المحروقات، إضافة إلى مخلفات مزارع الأبقار والماشية وغيرها، معطوفة على فشل الدولة، "وكل هذا جعل من أزمة الليطاني كارثة بيئية مقيمة".

لا تدابير

ويطرح زحف الجفاف أهمية ما يعرف بحصاد مياه الأمطار والثلوج والينابيع، فلبنان الغني بمصادر المياه، وتساقط يتراوح بين 900 مليمتر و1200 مليمتر سنويا، لا يستفيد سوى من 24% منها، والباقي يصبّ في البحر المتوسط.

وفي هذا الإطار، قال المدير العام للمصلحة الوطنية لمياه نهر الليطاني الدكتور سامي علوية، إن مصلحته طالبت وزارة الطاقة والمياه بضرورة إعداد مخطط توجيهي للمياه، بالإضافة لاتخاذ تدابير مناسبة لتدارك العجز المائي، وفرض تدابير الوقاية لترشيد استخدام المياه في ظل الشح الحاصل والمتوقع نتيجة التغيير المناخي وسوء الاستعمال وتردي نوعية المياه السطحية القابلة للاستخدام.

وقال علوية للجزيرة نت إن "الحكومة لم تتخذ أي تدابير لترشيد المياه والطاقة المفترض اتخاذها في مثل هذه الظروف، مع العلم أن مخزون مياه حوض بحيرة القرعون تدنى إلى النصف من أصل 222 مليون متر مكعب هي السعة الإجمالية له"

إعلان

وأضاف أن هذا "الأمر الذي يؤثر سلبا على إنتاج الطاقة الكهربائية من معامل "مركبا" و"الأوّلي"، كما أن الجفاف يهدد مشاريع ري الأراضي الزراعية التي تتغذى من الليطاني وبحيرة القرعون في القاسمية والبقاع الغربي".

ووفق علوية، فإن السنة المطرية حتى الآن جافة وفق المعطيات الموجودة، "ولكن فصل الشتاء لم ينتهِ بعد، وتبقى الآمال معقودة على ما ستحمله الأسابيع المقبلة من هطولات".

وتظهر الأرقام المسجلة حديثًا تراجعًا حادًّا بنسبة المتساقطات في لبنان لامست الـ50%، كما أن التوقعات بهطولات قريبة ليست واضحة بحسب مصلحة الأرصاد الجوية الرسمية.

مصدر الصورة بحيرة القرعون في مشهد من العام الماضي بخلاف انحسار مياهها هذا العام (الجزيرة)

أرقام صادمة

ويبدي المهندس محمد كنج، رئيس قسم التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية بمطار رفيق الحريري الدولي، خشيته من استمرار الطقس دافئا في مقبل الأيام. وقال إن المؤشرات كلها تتجه نحو طقس دافئ لا يشبه أبدا فصل الشتاء في يناير/كانون الثاني.

وأشار، في حديث للجزيرة نت، إلى تراجع مخزون المياه بسبب ندرة الهطولات، وانعدام التراكمات الثلجية التي تعتبر أساسا في تغذية المياه الجوفية والينابيع؛ فالثلج تساقط بكميات قليلة على ارتفاع 2500 متر، "ما يعني أننا نذهب نحو ربيع وصيف فيهما الكثير من المشكلات المرتبطة بمياه الشرب والري، ومخزون المياه الجوفية، والمساحات الحرجية، والبساتين والمزروعات".

وللدلالة على الفوارق المسجلة لهطولات الشتاء الجاري حتى تاريخ 9 يناير/كانون الثاني مقارنة بهطولات الفترة عينها من العام الماضي، سجل مرصد المصلحة هطول 242 مليمترا في مدينة بيروت مقابل 520 مليمترا في نفس الفترة من العام الماضي، وفي مدينة طرابلس 247 مليمترا مقابل 540 مليمترا، وفي مدينة زحلة 149 مليمترا مقابل 285 مليمترا.

ويلامس معدل السنة المطرية في بيروت، وفق المصدر ذاته، 825 مليمترا، وفي طرابلس 900 مليمتر، وزحلة 675 مليمترا.

مصدر الصورة جانب من نهر الليطاني بين المنصورة وبلدة المرج (الجزيرة)

تقنين مياه الشرب

ويبدو أن أزمة الجفاف تجاوزت الأنهر اللبنانية والمسطحات المائية إلى مياه الشرب في غير منطقة لبنانية، إذ بدأت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، برنامجا قاسيا لتقنين توزيع مياه الشرب بالمناطق الواقعة ضمن صلاحياتها، لاسيما مدينة بيروت وكسروان والمتن.

إعلان

وربط بيان صادر عنها بين انخفاض منسوب مياه الينابيع والآبار الجوفية بما فيها سد شبروح، وبين تراجع المتساقطات، ودعت في بيانها المواطنين إلى ترشيد استخدام المياه، "حتى ينعم الله علينا بمزيد من الأمطار".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا