المخاطر المحيطة بالنظام الإيراني و"نهايته المحتملة" خلال العام الحالي، بالإضافة للوضع في سوريا و"أوهام" الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالسيطرة عليها بعد سقوط حكم بشار الأسد، كانت محور اهتمام صحف عربية وإسرائيلية وبريطانية.
والبداية من صحيفة التلغراف البريطانية، التي تناولت الأوضاع في إيران والخطر المحدق بنظامها الحالي، في تقرير بعنوان "حلم الشرق الأوسط الحر أصبح حقيقة"، للكاتب جاك واليس سيمون، جاء فيه أن النظام الإيراني الذي وصفه بالـ؟الخبيث" أصبح أضعف من قبل، "وقد ينهار عُقر التطرف الهش قريباً".
ويرى الكاتب سيمون، في تقريره أن "نهاية" النظام الإيراني بدأت في سبتمبر/أيلول 2024، عندما قتلت إسرائيل أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر، بقصف مخبأه في العاصمة اللبنانية بيروت بحوالي 84 طناً من المتفجرات، بعد وقت قصير من خطاب رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة.
وقال الكاتب إن إيران لم تكن "ضعيفة" إلى هذا الحد من قبل، وتحدثت تقارير كثيرة عن "إذلالها العسكري الهائل". كما أن استئصال إسرائيل لحزب الله أضاع على طهران عشرات المليارات من الدولارات وعقوداً طويلة من من العمل الشاق.
وفي اليمن يرى الكاتب أن جماعة الحوثي، المدعومة من إيران أيضاً، "توقع حكم الإعدام" عندما تطلق الصواريخ على إسرائيل، كما أن النظام السوري قد سقط، وهو ما تعتبره طهران سبب للتشاؤم، كما أن الهجوم الذي شنته إسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول، أدى لتدمير الدفاعات الجوية الإيرانية بالكامل.
وأضافت الصحيفة أن الشعب هو الذي قد "يُسقط الطاغية بالدم والغضب"، فإيران تعاني حالياً من أزمة طاقة شتوية وانقطاع الكهرباء يومياً، بعد سنوات من العقوبات والهجمات الغامضة على أنابيب الغاز. كما أن الاقتصاد الإيراني في حالة سقوط حر، مع انخفاض الريال إلى مستويات قياسية مقابل الدولار، وعجز في البنية التحتية بقيمة 500 مليار دولار، وتضخم يتجاوز 30 في المئة.
كما أن سكان طهران يعيشون في حالة إغلاق، على غرار الإغلاق بسبب تفشي جائحة كورونا، بسبب مستويات التلوث التي لا تطاق.
ويطرح الكاتب سؤلاً: "إلى أي مدى يمكن للناس أن يتحملوا؟"، وأضاف أنه بينما هناك حديث عن انتفاضة أخرى ضد النظام، فإن النظام نفسه يعاني من مشاكل. لقد أثار "الإذلال الوطني" غضب المتعصبين الشباب في الحرس الثوري الإيراني، الذين انقلبوا على رؤسائهم الفاسدين.
كما أن "الخوف من إسرائيل" يتفشى في كل مكان بإيران، وقادتها يتساءلون، هل الموساد تجسس على أجهزة الاتصال ؟ هل المخابئ آمنة؟، وأصبح هناك هوس بتصريحات نتنياهو التي توعد فيها بأن إيران "ستكون حرة".
عن الوضع في إيران أيضاً نطالع مقالاً في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، بعنوان إيران بين "طوفان السنوار وطوفان الشرع"، بقلم رئيس تحرير الصحيفة، غسان شربل، تحدث فيه عن ما حدث في يناير/كانون الثاني 2020، وسقوط ما كانت تعده إيران "خطاً أحمراً، ومقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس على مقربة من مطار بغداد.
ووصف سليماني بأنه مهندس "استراتيجية الأذرع" ومشروع "الضربة الكبرى" ضد إسرائيل.
وقال شريبل إن طهران "لا تستطيع" في الشهر الحالي إلا أن "تنظر بقلق وتوجس" إلى الـ 20 من الشهر الحالي، حين يعود الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض مرة أخرى، وهو الذي كان قد أمر بقتل سليماني وانسحب من الاتفاق النووي وجفَّف عروق الاقتصاد الإيراني.
وأضاف أن آلام الشهر (يناير/كانون الثاني) كانت ستكون محتملة لولا المرارات التي خلّفها الشهر الرهيب السابق، حين اختار رجل اسمه بشار الأسد -كانت إيران قد ألقت بكل ثقلها لإبقائه في الحكم- النجاة بنفسه من "الطوفان" الذي أطلقه من إدلب رجل اسمه أحمد الشرع.
وأشار الكاتب إلى أن فرار الأسد "توج" سنة من الشهور المؤلمة لإيران التي شملت اغتيال حسن نصر الله ويحيى السنوار، فضلاً عن اغتيال إسماعيل هنية في ضيافة الحرس الثوري في طهران.
بالإضافة إلى رد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، على السنوار ونصر الله بـ "طوفان" من النار أنهك غزة ولبنان ولم يرحم "المستشارين" الإيرانيين في سوريا، مما جعل نظام الأسد يسقط كثمرة ناضجة.
ويرى الكاتب أيضاً أن حظ الرئيس الإيراني الحالي مسعود بزشكيان، "سيئ"، فقد جاءته الرئاسة في زمن الطوفانات. كان الرجل يحلم "بفتح النوافذ" ولو تدريجياً وعلى استحياء، وبإبرام هدنات طويلة إذا تعذّر إنهاء الحروب.
يعرف بزشكيان أن حماس "قاتلت بشراسة"، لكنه يعرف أيضاً أن غزة ستخرج من "الشق العسكري في النزاع" لتنشغل بإعادة الإعمار وتضميد الجروح. إطلاق المعتقلين الفلسطينيين في أي صفقة لا يُلغي أن غزة قد دُمِّرت ودفعت "ثمناً إنسانياً باهظاً". وفق الكاتب.
وأضاف شربل أن حزب الله اللبناني قاتل بشراسة ودفع "ثمناً مرتفعاً". هذا لا يُلغي أنه أُصيب في الحرب بخسارتين هائلتين؛ خسارة قائده حسن نصر الله التي يصعب عليه تعويضها، وخسارة العمق السوري الذي لا تسمح الجغرافيا بتعويضه.
كان "العقاب شديداً". الآلة الإسرائيلية "تهدد" إيران نفسها، وأمريكا ليست بعيدة. تشترط أمريكا لقبول إيران أن تكون بلا أذرع إقليمية وبلا قنبلة نووية. هذه أصعب أيام البلاد وأصعب أيام المرشد، وفق الكاتب.
وختم شربل مقاله بالقول إن استعادة سوريا إلى "محور الممانعة" شديدة الصعوبة في المدى المنظور. هذه المهمة أكبر من قدرات الحشد العراقي وحزب الله اللبناني ومحفوفة بالأخطار. وطرح أسئلة قد تدور في رأس الرئيس بزشكيان، هل على إيران تغيير مقاربتها لشؤون الإقليم والاكتفاء بدور أقل؟ هل تعب بوتين من عناد الأسد وتركه لمصيره؟ هل قرر سلطان إسطنبول معاقبة والي دمشق لرفضه المتكرر أن يصافحه؟
اهتمت صحيفة هآرتس، الإسرائيلية بمناقشة الوضع في سوريا والدور التركي المتنامي فيها، وذلك في تحليل مطول للكاتب سيمون والدمان، الأستاذ الزائر في كينغز كوليدج لندن، بعنوان "أردوغان يعاني من أوهام العظمة في سوريا".
وقال الكاتب إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يعتقد أن تركيا بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا قد أصبحت "القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، وتتمتع بنفوذ غير مسبوق في سوريا". وأضاف أن أردوغان يتحدث عن هذه الأفكار بشكل علني، ويطلق "ادعاءات مبالغ فيها" بشأن النفوذ التركي الذي "لا مثيل له" في سوريا ما بعد الأسد.
مشيراً إلى ما سيحصل عليه من عقود إعادة الإعمار الضخمة والسيطرة "شبه الاستعمارية" على شمال البلاد وسحق الأكراد أو استقطابهم.
وتحذر الصحيفة من أنه بالنسبة لأنقرة، فإن هذه الرؤية "المتغطرسة" تواجه مخاطر.
ووصفت تصريحات أردوغان الأخير بأنها "مبالغ فيها"، حين زعم أن "رؤية ورسالة" تركيا "عظيمة" لذلك لا يمكن أن تظل "محصورة" في حدودها الحالية.
وتطرق الكاتب إلى بلال، نجل أردوغان، كان مسؤولاً عن تنظيم المسيرات مثل تلك التي حملت عنوان "أمس آيا صوفيا، واليوم المسجد الأموي (دمشق)، وغدا الأقصى (القدس)"، وأقسم على أن "النظام النازي الإبادي في إسرائيل سوف يسقط كما سقط الأسد".
حتى أن أردوغان نفسه "تعهد بالاستيلاء على القدس". وكان رده على حشد من الناس يدعون إلى مواصلة المسيرة نحو القدس هو: "الصبر يجلب النصر"، وفق الكاتب.
وأشار إلى أن تعليقات أردوغان "المبالغ فيها" تسعد الجماهير، خاصة في وقت الاضطرابات الاقتصادية، التي تضرب البلاد.
لكنها أوضحت أن الواقع هو أن سوريا "تشكل تحدياً خطيراً لتركيا". فهيئة تحرير الشام، تحت قيادة أحمد الشرع، بعيدة جداً عن كونها تابعة لأردوغان أو حتى وكيلة له.
ورغم وجود "قنوات سرية" مكنت الأفراد والإمدادات من التسلل عبر الحدود التركية، بالإضافة إلى جزء من التدريب، وربما اتفاق على قنوات خلفية لمنع هيئة تحرير الشام من مهاجمة وكلاء تركيا السوريين، لكن من الناحية الرسمية، حافظت تركيا على مسافة بينها وبين هيئة تحرير الشام لتجنب وصمة العار الناجمة عن ارتباطها بكيان إرهابي، وفق الكاتب.
ويشرح بالقول إن وكلاء تركيا في الجيش الوطني السوري عبارة عن مزيج من الفصائل المسلحة المختلفة المكونة من التركمان والعرب والجهاديين. كما تم تسمية بعض ألوية الجيش الوطني السوري على اسم السلاطين العثمانيين ولهم سمعة في "العنف والوحشية وانتهاكات حقوق الإنسان"، هناك أيضاً مزاعم "التهجير القسري" للأكراد.
وأشار الكاتب إلى أن أردوغان يأمل أن يستمر هذا الوجود ويتوقع أن تصدر الحكومة الجديدة في دمشق مناقصات كبرى للشركات التركية لإعادة بناء البلاد، بالإضافة للسماح بعودة العديد من "ضيوفها" السوريين البالغ عددهم 3.5 مليون شخص.