بدأت تفاصيل جديدة بالظهور حول الرجل المشتبه بتنفيذ عملية دهس حشد من المتسوقين بسيارة في سوق عيد الميلاد بمدينة ماغديبورغ الألمانية مساء الجمعة.
وقد أسفر الهجوم عن مقتل خمسة أشخاص، من بينهم طفل يبلغ من العمر تسع سنوات، وإصابة أكثر من 200 آخرين، العديد منهم في حالة حرجة.
وقد أمر قاضٍ بوضع رجل يبلغ من العمر 50 عامًا في الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق، بعد أن تم اعتقاله للاشتباه في تنفيذه الهجوم. ولا تزال دوافع الهجوم قيد التحقيق، لكن السلطات ترجح أنه تصرف بمفرده.
ذكرت وسائل الإعلام المحلية اسم المشتبه به على أنه طالب عبد المحسن من السعودية.
وصل عبد المحسن إلى ألمانيا عام 2006، وتم منحه حق اللجوء في عام 2016.
وهو طبيب نفسي يبلغ من العمر 50 عاماً، ويقيم في مدينة بيرنبورغ التي تقع على بعد حوالي 40 كيلومتراً جنوب ماغديبورغ.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، للصحفيين إن "الأمر واضح" بأن المشتبه به يحمل "آراء معادية للإسلام".
كان عبد المحسن يدير موقعاً إلكترونياً يهدف إلى مساعدة المسلمين -الذين تركوا دينهم- على الهروب من الاضطهاد في بلدانهم الخليجية، وكان قد أجرت بي بي سي معه مقابلة حول هذا الموضوع في عام 2019.
وقد عثر فريق بي بي سي لتقصي الحقائق على حسابين على وسائل التواصل الاجتماعي يحملان اسم المشتبه به، يتضمن أحدهما تهديدات بتنفيذ هجمات في ألمانيا.
وعُرف عبد المحسن من خلال الحسابات المنسوبة إليه بانتقاده العلني للإسلام وترويجه لنظريات مؤامرة تزعم وجود مخطط من السلطات الألمانية لأسلمة أوروبا.
في منشور بتاريخ 13 أغسطس آب من هذا العام، صرّح عبد المحسن قائلاً: "إذا أرادت ألمانيا حرباً، فنحن لها. وإن أرادت قتلنا، فسوف نذبحهم أو نموت أو ندخل السجن بكل فخر." وأضاف: "لقد أصبح هدف ألمانيا واضحاً، وهو نشر الإسلام في أوروبا من خلال ضرب الحركات السياسية الناقدة للإسلام".
واتهم الحساب السلطات الألمانية، دون أدلة، بـ "ارتكاب سلسلة جرائم ضد المعارضة السعودية" وهدد أن الأمر لن يمر "بدون حساب".
وقال رئيس شرطة ماغديبورغ، توم-أوليفر لانغهانس، إن الشرطة كانت قد أجرت تقييماً سابقاً حول ما إذا كان المشتبه به يشكل تهديداً محتملاً، "لكن هذا النقاش كان منذ عام".
ويُعتقد أن أحد تلك التحذيرات جاء من السلطات السعودية.
وقال مصدر مقرب من الحكومة السعودية لـبي بي سي إن المملكة أرسلت أربع مذكرات رسمية تُعرف بـ"المذكرات الشفوية" إلى السلطات الألمانية، تحذرهم فيها مما وصفته بـ"الآراء المتطرفة جداً" التي يحملها عبد المحسن.
ومع ذلك، أشار خبير لمكافحة الإرهاب إلى أن السلطات السعودية قد تكون شنت حملة تضليل لتشويه سمعة شخص كان يساعد شابات سعوديات على طلب اللجوء في ألمانيا.
وفي أول تعليق رسمي لها على الحادثة، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانتها لحادثة الدهس التي وقعت في سوق بمدينة ماغديبورغ في ألمانيا. كما عبرت الوزارة عبر منصة إكس عن "تضامن السعودية مع الشعب الألماني وأسر الضحايا"، مؤكدة "موقف المملكة في نبذ العنف". ولم تكشف السعودية عن أي معلومات تخصّ المشتبه به.
من جانبه، قال رئيس المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية (BKA)، هولغر مونش، للإذاعة العامة ZDF، إن مكتبه تلقى إشعاراً من السعودية في نوفمبر تشرين الثاني 2023.
وأضاف أن الشرطة المحلية اتخذت الإجراءات التحقيقية المناسبة، لكن البلاغ كان غير محدد.
كما أوضح أن المشتبه به "كان لديه العديد من الاتصالات مع السلطات، ووجه إليهم إهانات وتهديدات، لكنه لم يكن معروفًا بسلوكيات عنيفة".
تلقت خدمات الطوارئ أول اتصال في الساعة 19:02 بالتوقيت المحلي (18:02 بتوقيت غرينتش).
أفاد المتصل أن سيارة اصطدمت بحشد من الناس في سوق عيد الميلاد وسط المدينة.
وقال المتصل إنه اعتقد في البداية أن ما جرى كان حادثاً، لكن سرعان ما اتضح أن الأمر ليس كذلك.
وأوضحت الشرطة أن السائق استخدم إشارات المرور للانعطاف من الطريق إلى ممر للمشاة، مما أدى إلى دخوله منطقة مخصصة لمركبات الطوارئ في السوق، حيث أصاب عدداً من الأشخاص أثناء عمليته.
وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، لم نستطع التحقق منها، السائق وهو يقود بسرعة عبر ممر مشاة بين أكشاك سوق عيد الميلاد.
وصف شهود عيان كيف قفزوا من أمام السيارة أو فروا هرباً منها أو اختبأوا هرباً من الخطر.
وأضافت الشرطة أن السائق عاد بعدها إلى الطريق نفسه الذي دخل منه، لكنه اضطر إلى التوقف بسبب ازدحام المرور.
وتمكن الضباط الموجودون في السوق من القبض عليه واعتقاله في هذا المكان.
وأظهرت لقطات فيديو الشرطة المسلحة وهي تواجه وتعتقل رجلاً كان مستلقياً على الأرض بجوار سيارة متوقفة، وهي من نوع BMW سوداء تكبدت أضرارًا كبيرة في الأمام.
وأشارت الشرطة إلى أن الحادث بأكمله استغرق ثلاث دقائق فقط.