في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
الخرطوم- بعد اجتماعات استمرت 3 أيام، أقرت الهيئة القيادية لتنسيقية تحالف القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، بزعامة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، إخضاع 3 قضايا لمزيد من التشاور والدراسة إثر تعذر التوافق بشأنها وتمسك التحالف بمواقفه السابقة حول العملية السياسية باستثناء الإسلاميين من المشاركة فيها.
وعقدت الهيئة اجتماعاتها من 3 إلى 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري في مدينة عنتيبي الأوغندية، وقررت إحالة مسائل تشكيل جبهة مدنية عريضة، والعملية السياسية، ونزع الشرعية عن الحكومة، لمزيد من الدراسة لتفاصيلها وتوسيع التشاور بين مكونات التحالف حولها.
وطالب حمدوك -في ختام الجلسات- الدول في المحيط الإقليمي بممارسة الضغوط اللازمة على طرفي القتال من أجل إعلان وقف إطلاق النار وتسريع فتح الممرات الإنسانية تأسيسا على ما أُنجز في منبر جدة.
من جانبه، قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إن قوات الدعم السريع تسعى للسيطرة على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وحاضرة الإقليم، وإعلان "دولة دارفور" بدعم إقليمي، مؤكدا "أن هذا غير ممكن".
وفي لقاء مع الجزيرة مباشر أمس الجمعة، كشف مناوي أن آخر تواصل له مع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) كان في ديسمبر/كانون الأول 2023 وعرض عليه الانضمام إليه لقتال الجيش ولكنه رفض ذلك، ثم التقى لاحقا في تشاد نائبه وأخاه عبد الرحيم دقلو وعرض عليه أيضا السيطرة على مواقع الجيش في دارفور وتعيينه حاكما على الإقليم بصلاحيات كاملة ورفض مناوي كذلك.
ورأى أن مشكلة تنسيقية " تقدم" مع الشعب السوداني تكمن في أنها "ساندت التمرد وأدى حكمها لهذه الحرب"، لكنه أبدى استعداه للحوار معها لوقف الحرب وكشف عن اجتماع سيجمعهم مع آخرين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا قريبا.
في المقابل، يرى مدني عباس مدني، وزير الصناعة والتجارة السابق والقيادي في المجموعة المدنية، أن الحل ليس في تشكيل حكومة منفى أو غيرها، بل يجب التركيز على نزع الشرعية عن الحرب وتحميل الأطراف المتنازعة مسؤولية الجرائم التي ارتُكبت، وأن معالجة الأزمات تتطلب رؤية شاملة تتجاوز الحلول السطحية.
وفي تدوينة له على فيسبوك، اعتبر الوزير أن اتهام القوى المدنية بالتعاون مع الدعم السريع يُعد "من أكبر الأكاذيب التي شهدها تاريخ السودان الحديث". وأكد أنها تكررت بشكل متزايد مما جعلها تبدو كحقيقة لا تقبل النقاش بسبب ضعف الخطاب الإعلامي لهذه القوى.
في الشأن ذاته، قال المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو على منصة إكس "تشعر الولايات المتحدة بقلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بأن بعض الفصائل والأفراد السودانيين يدعون إلى إعلان هياكل حكم جديدة ومعلنة من جانب واحد". ورأى أن مثل هذا الإجراء يؤدي إلى زعزعة الاستقرار بشكل كبير في المنطقة ويخاطر "بتفتيت السودان".
ويكشف مراقب لاجتماعات تحالف "تقدم" مقيم في أوغندا، للجزيرة نت، أن اقتراح تشكيل حكومة منفى طرح من قبل فصائل في الجبهة الثورية في التحالف، وأبرز من طرحه: رئيس حركة تحرير السودان– المجلس الانتقالي الهادي إدريس نائب رئيس التنسيقية، ورئيس تجمع تحرير السودان الطاهر حجر، ورئيس حركة العدل والمساواة سليمان صندل، لكن وقع انقسام حول المقترح فأُحيل إلى آلية سياسية تهدف لمزيد من التشاور.
وتعليقا على حصاد هذه الاجتماعات، يرى المحلل السياسي فيصل عبد الكريم أن مجرد انعقاد مؤتمر لقوى مدنية لمناقشة الأوضاع في السودان خطوة إيجابية، لكنه عاب عليها عدم تبني خطوات جريئة وعملية تناسب حجم الأزمة في البلاد وتداعياتها الإنسانية والسياسية والاجتماعية.
وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد المحلل أن تباينات مواقف فصائل التحالف المتعارضة قللت من فعاليته، وأن البيان الختامي لمؤتمر عنتيبي لم يحمل جديدا، بل منح ذخيرة جديدة لخصومه ولا سيما مع الخطاب الذي ساوى بين الجيش وقوات الدعم السريع في اتهامهما بارتكاب انتهاكات في حق المدنيين، والمطالبة بفرض حظر على السلاح في السودان وسحب قوات الطرفين من المواقع المدنية.
وكان مقترح تشكيل حكومة منفى طرح أيضا من قبل قيادات في فصائل حركات دارفور بالتحالف خلال مؤتمره التأسيسي في أديس أبابا لكنه لم يجد تجاوبا، وفقا للمتحدث عبد الكريم.
وبرأيه، ثمة مخاوف من قيادات وتيارات بالتحالف من أن يكون تشكيل حكومة موازية خطوة لانقسام سياسي في البلاد "مثل النموذجين الليبي واليمني، أو استغلاله من قبل حميدتي بتشكيل حكومة في مواقع سيطرته في دارفور واستخدامها ورقة للمساومة من دون حصول القوى السياسية على مكاسب من وراء ذلك".
وحذر البيان الختامي الصادر، أمس الجمعة، مما اعتبره "تزايد نذر حرب أهلية قبلية شاملة في ظل استمرار الحرب، وتغذية أطراف خارجية تطيل أمدها، وعدم وجود أفق لحل سياسي سلمي، ومن أن تصاعد القتال سيؤدي لتمزيق السودان ومضاعفة معاناة أهله".
ورأى أن إنهاء الحرب يتطلب تصميم عملية سياسية تخاطب كافة أطرافها وتقود لسلام مستدام لاستكمال مسار ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018.
وأقر الاجتماع أن تحديد أطراف العملية السياسية يجب أن يقوم على معايير محددة، وعلى رأسها أن تكون "معروفة وألا تكافئ حزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقا) والحركة الإسلامية وواجهاتهما الذين أشعلوا الحرب ويعملون على استمرارها، بل يجب أن تؤدي الى محاسبتهم".
ودعا المجتمع الدولي إلى توسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتحقق في كل الجرائم التي ارتكبت في حق المدنيين، ولتمديد حظر الأسلحة في دارفور ليشمل كل السودان بما يسهم في تقصير أمد الحرب.