أطيح بحكومة فرنسا، بقيادة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، في تصويت تاريخي بحجب الثقة يوم الأربعاء، مما يمثل أول انهيار من نوعه منذ عام 1962، ويتمخض عن آثار أبعد من الحدود الفرنسية، مع تداعيات اقتصادية وجيوسياسية محتملة، وخاصة لحلفاء فرنسا، بما في ذلك أمريكا، فما الذي حدث بالضبط؟ وما تداعياته؟
هذا ما حاولت مجلة نيوزويك الأميركية توضيحه من خلال الإجابة عن 4 أسئلة:
الاضطرابات السياسية، التي تغذيها المعارضة، وبخاصة اليمين واليسار المتطرفين، كان وقودها هو رفض تدابير التقشف في ميزانية 2025، مما جعل فرنسا تبقى من ردون حكومة مستقرة وأدى إلى حالة من عدم اليقين الكبير في الداخل والخارج.
وقد أصر الرئيس إيمانويل ماكرون على أنه سيخدم بقية ولايته، أي حتى عام 2027. ومع ذلك، سيحتاج ماكرون إلى تعيين رئيس وزراء جديد للمرة الثانية بعد أن أسفرت الانتخابات التشريعية في يوليو/تموز الماضي عن تشكل برلمان شديد الاستقطاب.
كانت فترة ولاية بارنييه رئيسا للوزراء قصيرة، حيث استمرت أقل من 3 أشهر. وقد تولى الرجل الذي كان أحد كبار المفاوضين السابقين للاتحاد الأوروبي منصبه بعد الانتخابات المبكرة، وما سرّع سقوطه هو تشبثه بقرار استدعاء المادة 49.3 من الدستور الفرنسي، متجاوزا التصويت البرلماني للدفع بميزانية مثيرة للجدل لعام 2025، هذه الخطوة أدت إلى تنفير الفصائل اليمينية واليسارية المتطرفة على حد سواء، موحدة بذلك صفوف المعارضة.
لكن بارنييه حذر المشرعين قبل التصويت قائلا: "لن يختفي هذا الواقع بمجرد عملية حجب الثقة"، محذرا من أن العجز المالي -المتوقع بنسبة 6% من الناتج المحلي الإجمالي- سيظل يشكل تحديا لأي حكومة مستقبلية.
بعد إقالة بارنييه، يواجه ماكرون مهمة عاجلة تتمثل في تعيين رئيس وزراء جديد يمكنه تأمين الدعم في الجمعية الوطنية المجزأة. وتدور التكهنات حول مرشحين مثل سيباستيان ليكورنو، وزير القوات المسلحة، وفرانسوا بايرو، زعيم حزب الحركة الديمقراطية الوسطية.
لكن الائتلاف اليساري أصر على اقتراح لوسي كاستيتس، الخبيرة الاقتصادية، التي كان ماكرون قد رفض ترشيحها في وقت سابق من هذا العام، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت كاستيتس قادرة على حشد الدعم البرلماني الكافي، غير أن الخبراء السياسيين يعتقدون أن ماكرون قد يحتاج إلى اختيار تكنوقراطي قادر على قيادة فرنسا في وقت تهددها فيه أزمة مالية وشيكة.
يأتي عدم الاستقرار في أحد أكبر اقتصادات أوروبا في وقت من التوترات الجيوسياسية والاقتصادية المتزايدة، وقد شهدت الأسواق المالية الفرنسية بالفعل تقلبات، مع ارتفاع عائدات السندات وتعرض اليورو للضغوط.
اقتصاديا، قد يؤدي الاضطراب إلى تعقيد استجابة الاتحاد الأوروبي للتعريفات التجارية الجديدة المتوقعة من الإدارة القادمة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
قد يؤدي عدم استقرار فرنسا إلى تقليص قدرتها على التعاون في مواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك سياسة المناخ والتزامات حلف شمال الأطلسي
ويقول نيك ريس، كبير محللي سوق الصرف الأجنبي في مونيكس أوروبا، لرويترز: "هناك قوتان رئيسيتان في أوروبا، فرنسا وألمانيا، وكلتاهما الآن ضعيفتان". وأضاف أن هذه الديناميكية قد تضعف موقف أوروبا التفاوضي مع الولايات المتحدة.
سياسيا، قد يؤدي عدم استقرار فرنسا إلى تقليص قدرتها على التعاون في مواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك سياسة المناخ والتزامات حلف شمال الأطلسي. وبينما يسعى ماكرون إلى استقرار حكومته، يحذر المحللون من أن الأزمة المطولة قد تخلق فراغا قياديا في الاتحاد الأوروبي، مما قد يؤدي إلى إجهاد العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.