في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
الخرطوم- مني القطاع الصناعي الحكومي في السودان بأضرار بالغة خلال الحرب التي اندلعت في أبريل/ نيسان 2023، وفق تقرير حكومي حديث أعدته وزارة الصناعة والتجارة السودانية وحصلت الجزيرة نت على نسخة منه.
ورغم محدودية إسهامه في الناتج المحلي فإن القطاع الحكومي يحتكر صناعات مهمة كالسكر والغزل والنسيج والصمغ العربي، إضافة إلى الصناعات الهندسية، في وقت بدأ فيه القطاع رحلة النهوض من ركام الحرب وسط تعقيدات كبيرة باستئناف بعض المصانع للعمل، بعد استعادة الجيش السوداني لولايتي الخرطوم والجزيرة من قوات الدعم السريع مطلع العام الجاري.
تمتلك الحكومة السودانية بعض الشركات الكبيرة العاملة في القطاع الصناعي من أهمها:
وحسب التقرير الحكومي الذي أعدته وزيرة الصناعة والتجارة، محاسن علي يعقوب، تضرر قطاع السكر بصورة بالغة بعد اندلاع الحرب، إذ تعرضت شركة السكر السودانية لاستهداف مباشر من قوات الدعم السريع بتدمير واسع للبنية التحتية لمصنعي سكر الجنيد وسنار وتدمير مشاريع قصب السكر ونهب كل الآليات والمعدات والعربات ونهب كل مخازن مدخلات الإنتاج والزراعة، مما أدى إلى توقف العملية الإنتاجية منذ الموسم 2023-2024.
لم يتم الاعتداء على مصنعي سكر كنانة والنيل الأبيض، لكنهما تأثرا بقفل الطرق وانقطاع الإمداد، مما أدى إلى توقف الإنتاج بشركة سكر النيل الأبيض، أما مصنع شركة سكر كنانة فهو الوحيد الذي ظل يعمل طيلة فترة الحرب رغم الصعوبات والتحديات التي واجهته، وبلغت طاقته الإنتاجية في موسم 2023-2024 نحو 200 ألف طن، وتراجعت إلى 125 ألف طن في موسم 2024-2025.
يشير التقرير إلى أن إدارة شركة السكر السودانية شرعت في ترتيبات استئناف نشاطها الإنتاجي بإعادة الإعمار وتأهيل المصانع ومشاريع زراعة قصب السكر، في حين استأنف مجمع جياد الصناعي العمل بتشغيل مصنع تشكيل المعادن لإنتاج الزنك ومصنع تجميع "الركشات والتكاتك" والعمل جار لإعادة تشغيل مصنع جياد للألومنيوم وخط الأنابيب.
يقول الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي للجزيرة نت إن قطاع الصناعة في السودان صغير نسبيا والقطاع الحكومي فيه شبه محدود، وإن قطاع الصناعات الحكومي يسهم بنسبة 3% من الإنتاج المحلي، وبلغت نسبة نموه 2.5% قبل اندلاع الحرب.
يقول عباس علي السيد، الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل (جهة غير حكومية) للجزيرة نت إن القطاع الصناعي الحكومي محصور فقط في الصناعات العسكرية مثل مصنع اليرموك، وجياد لصناعة السيارات وصناعة السكر، وهو ما يعادل 5% من القطاع الصناعي بالبلاد، ويسيطر القطاع الخاص على 95% منه، ويشير إلى أنها "ميزة مهمة جدا"، كان يجب أن يستفيد منها الاقتصاد الوطني، لأن القطاع الصناعي قائم على رأس مال وطني سوداني قادر على النمو وتنمية الصناعات واستعادة نشاطه.
وتقول وزيرة الصناعة السودانية للجزيرة نت إن ثمة لجانا فنية مختصة ما زالت تجري عملية تقييم لأوضاع المصانع بالولايات المتضررة من الحرب، أبرزها ولاية الخرطوم التي يوجد بها منشآت متوسطة وكبيرة، لتوفير بيانات تفصيلية بعد الدمار الذي تعرض له القطاع الصناعي، وإنشاء نافذة موحدة بين الوزارة الاتحادية والولائية بغرض تبسيط الإجراءات الإدارية وتسريع عودة المنشآت الصناعية لدائرة الإنتاج.
ظل القطاع الصناعي السوداني يواجه مشاكل معقدة أدت إلى خروج الكثير من المصانع من دائرة الإنتاج، وقبل الحرب بنحو شهرين أقرت وزارة الصناعة بتوقف 40% من المصانع في البلاد، بعد إغراق الأسواق بسلع مستوردة من دول السوق المشتركة لوسط وشرق أفريقيا (كوميسا) أقل سعرا من المصنعة محليا.
وعزا الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي توقف المصانع إلى عدد من المشكلات، أبرزها الرسوم والضرائب الباهظة على القطاع، مما يؤثر على تكلفة الإنتاج وتجعله غير منافس للمنتجات المستوردة من الخارج، كما يعاني الاستثمار الصناعي من صعوبة التمويل المصرفي والحصول على العملات الأجنبية بغرض الاستيراد، بجانب ضعف العائد من الصادرات، فضلا عن عدم توفر الأراضي للنشاط الصناعي في المناطق التي توجد بها خدمات مياه وكهرباء وصرف صحي، مما يصعب الدخول في صناعات جديدة وتوسيع خطوط الإنتاج.
وللخروج من الواقع المعقد الذي يواجهه قطاع الصناعة، طالب الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل الحكومة بوضع التشريعات المناسبة لتمكين القطاع الخاص من استعادة قوته، مشيراً إلى تضرر 85% من المصانع السودانية بسبب الحرب، معظمها من القطاع الخاص.
بينما انحصرت أضرار القطاع الحكومي في مصانع الغزل والنسيج ومصانع السكر التي تعرضت لأضرار بالغة، إضافة إلى القطاع الزراعي، إذ إن الحكومة مسؤولة عن مشاريع كبيرة مثل مشروع الجزيرة ومشاريع الزراعة التعاقدية بين الحكومة والقطاع الخاص وأصحاب الأرض من المزارعين.