في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
تفاقمت أزمة إسرائيل الاقتصادية في الأسابيع الأخيرة على خلفية استمرار الحرب في غزة، إذ تتعرض علاقاتها التجارية مع دول العالم، بما فيها الدول الصديقة، لهزة غير مسبوقة، وفق تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت.
تراجعت الصفقات التجارية للمصانع الإسرائيلية بصورة حادة، وتوقفت شركات وسلاسل تسويق في الخارج عن استيراد المنتجات الإسرائيلية، في مشهد يعكس عزلة متزايدة. في الوقت نفسه، حذّر خبراء اقتصاديون إسرائيليون أن وكالة التصنيف الائتماني العالمية (موديز) تتجه لخفض التصنيف السيادي لإسرائيل قريبا، وسط إنفاق دفاعي ضخم ومخاوف من انهيار القدرة على ضبط الموازنة العامة، وذلك حسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.
يقول الصناعيون الإسرائيليون إن العلاقات التجارية تدهورت بشكل غير مسبوق، حتى مع الدول التي طالما اعتُبرت من أكثر الحلفاء قربا من إسرائيل، فقد باتت الاجتماعات التي لا تزال تُعقد مع وفود إسرائيلية تتم بسرية تامة، وبناء على طلب صريح من الطرف المضيف، وسط إصرار على عدم نشر صور أو محاضر لهذه اللقاءات.
يكشف رئيس اتحاد المصنعين الإسرائيليين، رون تومر، عن حادثة لافتة جرت خلال اجتماع وفد اقتصادي إسرائيلي في "دولة صديقة جدا"، وفق وصفه، حيث تلقى المشاركون بعد ساعات فقط رسالة عبر تطبيق (واتساب) تطالبهم بحذف صور الاجتماع وعدم الإعلان عن اللقاء مع ممثلي الشركات الإسرائيلية.
يقول تومر "اندهشنا. في الماضي كنا نستقبَل هناك بترحاب كبير ووقعنا عقودا ممتازة، لكن الوضع تغير جذريا الآن".
ويؤكد المصدرون والمستوردون الإسرائيليون أن الأسابيع الأخيرة شهدت موجة غير مسبوقة من إلغاء العقود القائمة أو رفض تمديدها، وفي بعض الحالات، أعلنت شركات وسلاسل تسويق في دول مختلفة وقف استيراد المنتجات الإسرائيلية "في هذه المرحلة"، في انعكاس مباشر للغضب الشعبي والضغوط السياسية المرتبطة بالحرب في غزة .
تشير الصحيفة إلى أن بعض الطلبات لتجديد عقود تصدير السلع الإسرائيلية قوبلت بالرفض، بينما أعلنت شركات أخرى في أوروبا وأميركا وقفا مفاجئا للتعامل مع الموردين الإسرائيليين.
وحسب مسؤولين اقتصاديين إسرائيليين، تفاقم الوضع بشكل خاص منذ إعلان إسرائيل تنفيذ خطة لاحتلال غزة، وتداول مقاطع مصورة توثق قصف المباني والمساجد وإصابة المدنيين.
ونقلت الصحيفة عن أحد الصناعيين قوله "لا يمكننا مواجهة هذه الصور بعد الآن. لقد حُكم علينا بالعزلة الكاملة. نشعر أننا منبوذون في العالم بأسره"، حسبما نقلت الصحيفة.
وحسب يديعوت أحرونوت، ترافق الأزمة التجارية مخاطر مالية عميقة، إذ زار وفد من كبار خبراء وكالة التصنيف الائتماني (موديز) إسرائيل الأسبوع الماضي، والتقى بممثلين حكوميين ورجال اقتصاد.
وتشير مصادر حضرت الاجتماعات إلى أن ممثلي الوكالة أبدوا قلقا شديدا من حجم الإنفاق الدفاعي بعد عملية "احتلال مدينة غزة"، محذرين من أن العجز المالي قد يخرج عن السيطرة ويؤدي إلى تراكم ديون ضخمة.
ونقلت الصحيفة عن أحد كبار المسؤولين الذين التقوا بوفد موديز، قوله "سيكون أشبه بالمعجزة إذا لم يتم خفض التصنيف خلال الأسبوعين المقبلين".
عبّر رئيس اتحاد المصنعين الإسرائيليين رون تومر عن مخاوفه من أن الضرر الذي لحق بـ"العلامة التجارية الإسرائيلية" قد يتحول إلى أزمة طويلة الأمد، حتى في الأسواق التي لطالما كانت متعاطفة مع تل أبيب ، وقال "نشعر أن اسم إسرائيل تضرر بشدة، وقد يصبح من الصعب بيع منتجاتنا حتى للدول الصديقة. إذا لم تتحرك الحكومة سريعا لإيجاد بدائل وتقديم دعم للمصدرين، فقد يعود الاقتصاد سنوات إلى الوراء".
ونشرت يديعوت أحرونوت نتائج أولية لمسح أجراه اتحاد المصنعين الإسرائيليين يومي 17 و18 سبتمبر/أيلول، شمل 132 من كبار الصناعيين، وأظهر صورة مقلقة تمثلت فيما يلي:
وحسب الصحيفة، لا تقتصر الأزمة الحالية على الأضرار التجارية المباشرة، بل تنطوي على تداعيات أوسع قد تمسّ استقرار الاقتصاد الإسرائيلي كله؛ فالتراجع في الصادرات والانعزال عن الأسواق الدولية يرافقه تضخم في النفقات العسكرية وعجز متنامٍ في الموازنة، الأمر الذي ينذر بتدهور الثقة الدولية في الاقتصاد الإسرائيلي، ويضعف قدرته على استقطاب الاستثمارات.
وفي ظل هذا المشهد، يرى مراقبون أن الحكومة الإسرائيلية تواجه تحديا مزدوجا يتمثل داخليا في إدارة اقتصاد يترنح تحت ضغط الحرب، وخارجيا في مواجهة عزلة متزايدة من الأسواق والدول التي طالما مثلت رافعة أساسية للصادرات الإسرائيلية.
وإذا تحققت التوقعات بخفض موديز التصنيف الائتماني، فإن التداعيات قد تتجاوز الخسائر التجارية لتطال مكانة إسرائيل المالية على الساحة الدولية، وفق الصحيفة.