حظي فيديو نشره أحد الأطباء في مصر أثناء تحضير طفلة لإجراء عملية "تكميم معدة" بانتشار كبير وجدل واسع، بعدما أثار تساؤلات طبية حول مشروعية إجراء مثل هذه الجراحات المعقدة في سن صغيرة، ومدى توافقها مع القواعد الإرشادية العالمية لعلاج السمنة عند الأطفال.
الفيديو، الذي تجاوزت مشاهداته 8 ملايين، أظهر الطفلة وهي في حالة من التوتر والخوف قبيل دخول غرفة العمليات، بينما حاول الطبيب طمأنتها في حضور والدتها، قبل أن يبدأ الطاقم الطبي إجراءات التخدير تمهيدا لإجراء الجراحة.
وأثار المشهد موجة انتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر البعض أن نشر الفيديو ينطوي على انتهاك لخصوصية الطفلة ويثير مخاطر تتعلق بسلامتها.
تحقيق نقابي
بدوره، كشف مسؤول بنقابة الأطباء المصرية، لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن اتخاذ عدد من الإجراءات النقابية حيال الواقعة، في مقدمتها تشكيل لجنة علمية متخصصة لمراجعة تفاصيل التدخل الطبي، والتأكد من مدى سلامة إجراء جراحة تكميم المعدة لطفلة في هذا العمر المبكر، وما إذا كانت تتوافق مع الضوابط المهنية والمعايير الإرشادية العالمية.
وأوضح المصدر، أن النقابة قررت استدعاء الطبيب القائم على العملية للتحقيق معه يوم الأحد المقبل، للوقوف على ملابسات الواقعة كاملة، مشددا على أن النقابة "لن تتهاون" مع أي مخالفة قد تثبت الإضرار بصحة المريضة أو مخالفة القواعد الأخلاقية لممارسة المهنة.
هل تمثل الجراحة خطورة؟
وتقول رئيس الجمعية العربية لدراسة أمراض السكر، إيناس شلتوت، إن " جراحات السمنة، وعلى رأسها التكميم، ليست إجراءات بسيطة، بل قد تترتب عليها مضاعفات جسيمة إذا لم تُجر وفق معايير صارمة وبعد استنفاد كل الحلول العلاجية الأخرى".
وأوضحت شلتوت لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هناك توصيات واضحة تخص جراحات السمنة، وتؤكد أنه قبل اللجوء لأي تدخل جراحي، سواء للأطفال أو الكبار، يجب استنفاد جميع الوسائل العلاجية الأخرى، بما في ذلك اتباع أنظمة غذائية صحية، وممارسة الرياضة، والخضوع لبرامج إنقاص الوزن التقليدية تحت إشراف طبي".
أما بالنسبة للعمليات الجراحية، فهي لا تُجرى للأطفال إلا بعد سن 13 عاما، وحتى في هذه الحالة، لا بد أن يكون الطفل قد خضع لتقييم شامل من فريق متعدد التخصصات، يضم طبيبًا نفسيًا لتقييم حالته السلوكية، وأخصائي جهاز هضمي، وطبيب غدد صماء للتأكد مما إذا كانت السمنة ناتجة عن خلل هرموني أو مرضي آخر، فضلًا عن متابعة دقيقة لعاداته الغذائية، بحسب "شلتوت".
وأضافت أنه "إذا كان الطفل يفرط في تناول السكريات أو الحلويات أو المشروبات الغازية، فإن جراحة التكميم لن تحقق النتائج المرجوة، علمًا بأن نسبة نجاح هذه العمليات لا تتجاوز في بعض الحالات 50 بالمئة".
الطبيب يدافع عن نفسه
من جانبه، قال استشاري جراحات السمنة، هشام عبد الله، والذي أجرى العملية الجراحية، إن "الطفلة البالغة من العمر 9 سنوات، كانت تعاني منذ سنوات من سمنة مفرطة أثرت بشكل مباشر على حالتها الصحية، حيث تسببت في تقوس الساقين وخشونة مبكرة بمفصل الركبة، ما جعلها في حاجة ماسة إلى جراحة عظام لتصحيح الاعوجاج والحيلولة دون تآكل المفصل".
وأشار في مقطع مصور نشره، إلى أن "الأطباء المتخصصين في العظام أكدوا أن التدخل الجراحي لا يمكن إجراؤه إلا بعد خفض وزنها بصورة كبيرة، وبالفعل، لجأت والدتها إلى العديد من أطباء الغدد الصماء وأجرت جميع الفحوصات اللازمة التي جاءت طبيعية، إلا أن حالة السمنة استمرت دون تحسن".
ولفت إلى أن الطفلة خضعت لمحاولات متكررة عبر الأنظمة الغذائية المختلفة من دون جدوى، و"في مثل هذه الحالات، يصبح التدخل الجراحي هو الحل لإنقاذ الطفل من مضاعفات صحية أكثر خطورة".
وأكد عبدالله أنه حصل على "موافقة صريحة" من والدتها بعد شرح كافة التفاصيل الطبية.
وفيما يتعلق بالفيديو المتداول، أشار إلى أنه "لم يكن بغرض الدعاية أو التربح، بل جاء استجابة لرغبة الطفلة نفسها التي طلبت توثيق لحظات العملية معها، وقد وافقت والدتها على ذلك"، حسب قوله.