تُعد أغاني الأطفال، مثل تلك التي تقدمها قنوات مشهورة مثل "كوكو ميلون"، أداة تربوية محببة تساهم في تعليم الأطفال الكلمات، وفهم المشاعر، وحتى تشجيعهم على تناول الطعام الصحي. لكن خلف هذا البريق البريء، تكشف الدراسات جانبًا مقلقًا، إذ تشير إلى احتمال تسبب هذه الأغاني في الإدمان.
أمل أبو تايه، مدربة التربية الواعية، تحدثت لـ"سكاي نيوز عربية" عن تجربتها الشخصية، قائلة: "أنا أبدًا ما أسمح لابني بمشاهدة أغاني الأطفال إلا في حالات معينة.. مثلًا لو كنا في المستشفى أو أثناء جلسة علاجية".
ورغم تحديدها الوقت الأقصى للمشاهدة بـ20 دقيقة فقط، إلا أنها تؤكد: "هناك حالة إدمان، يحدث صراع ومشادة لأنه يريد المشاهدة أكثر".
لماذا يُدمن الأطفال هذه الأغاني؟
توضح روان أبو تايه أن هذه الأغاني مصممة بعناية لاستهداف أدمغة الأطفال: "لم تُنتَج عشوائيًا، بل بعد أبحاث واختبارات. الألوان الزاهية، الحركة السريعة، والإيقاع المتكرر كلها عوامل تجذب الطفل". وأضافت: "حتى الشخصيات ذات العيون الكبيرة مصممة لجذب الانتباه".
وتتابع روان: "القنوات تراقب سلوك الأطفال أثناء المشاهدة، وتحلل متى يزيح الطفل عينه عن الشاشة لتحسين المحتوى، بحيث يبقى الطفل متعلقًا أكثر".
هذا التصميم المتعمد يُحفّز نظام المكافأة في الدماغ، حيث يُفرز الدوبامين، ما يخلق حالة من النشوة اللحظية. وكلما انتهى الفيديو، يبحث الطفل عن المزيد.
الإشارات التحذيرية لإدمان الأطفال على الأغاني
تؤكد روان أن الأهل قد لا يلاحظون الإدمان في البداية، لكن هناك علامات واضحة: "عندما تُمنَع الشاشة عن الطفل، تحدث نوبة غضب، صراخ، ويظل يبحث عن الشاشة".
وتشير إلى أن اضطرابات النوم أيضًا مؤشر خطر، بسبب تأثير الأشعة الزرقاء على إفراز الميلاتونين.
وتضيف أمل: "الأطفال يظهر لديهم أعراض انسحابية مشابهة لما يحدث للمدمنين على المواد المخدرة.. عندما لا يحصلون على جرعة الدوبامين، يصبحون غير سعداء ويفقدون الاهتمام بالأنشطة الطبيعية".
كيف يتعامل الأهل مع هذا التحدي؟
تشدد أمل على أهمية وضع حدود صارمة: "حتى لو دخل الطفل في نوبة غضب، لا أستسلم. يجب أن نعلمهم أن هناك وقتًا محددًا للشاشة، وبعده ننتقل لأنشطة أخرى".
وتنصح روان باتباع توصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال:
أقل من سنتين: ممنوع تمامًا (إلا في حالات استثنائية مثل مكالمات الفيديو).
من 3 إلى 5 سنوات: ساعة واحدة يوميًا مع محتوى مراقب.
من 6 إلى 12 سنة: ساعتان كحد أقصى، مع ضرورة التفاعل المباشر.
هل هناك جانب إيجابي؟
رغم المخاوف، تعترف الصفحية في سكاي نيوز عربية، أمل شاهين بوجود فوائد: "ابني تعلم كلمات جديدة، وتعلم كيف يُحيي الناس، وحتى أحب أطعمة صحية من خلال الأغاني". وتوافقها روان: "الاستماع ضمن الحدود يمكن أن يكون مفيدًا لتطوير اللغة والتربية الأخلاقية".
الخلاصة أن التوازن هو المفتاح. الأغاني ليست عدوًا، لكن ترك الأطفال عالقين أمام الشاشات لساعات قد يعيق نموهم. لذا، من مسؤولية الأهل إدارة الوقت وتعزيز التفاعل الواقعي مع العالم.
كما تقول أمل: "أولادنا مسؤوليتنا، وخصوصًا في السنوات الثلاث الأولى، يجب أن نأخذ هذا الدور بجدية".