تواجه صناعة السيارات العالمية واحدة من أخطر أزماتها في سلاسل التوريد بعد اندلاع نزاع مفاجئ حول السيطرة على شركة نيكسبيريا الهولندية المتخصصة في صناعة أشباه الموصلات، ما أدى إلى تعطّل الإنتاج في عدد من المصانع، بينها مصنع تابع لشركة هوندا في المكسيك.
الأزمة، التي كشفت هشاشة سلاسل التوريد الأوروبية أمام الصراع التكنولوجي بين واشنطن وبكين، بدأت تتجه نحو الانفراج بعد تحركات دبلوماسية مكثفة بين الجانبين الأميركي والصيني.
أعلنت الحكومة الهولندية، في منتصف أكتوبر الماضي، أنها استخدمت قانوناً يعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية للسيطرة على شركة نيكسبيريا، مبررة القرار بـ"مخاوف تتعلق بالأمن القومي" و"ثغرات خطيرة في الحوكمة"، بحسب تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس" واطلعت عليه "العربية Business".
ويعود النزاع إلى ملكية الشركة، إذ تسيطر عليها مجموعة Wingtech Technology الصينية، وهي شركة جزئياً مملوكة للدولة.
وقضت محكمة، بناءً على طلب الحكومة الهولندية، بإقالة الرئيس التنفيذي الصيني تشانغ شيوي تشنغ بعد اعتراضات أميركية اعتبرت وجوده في المنصب تهديداً أمنياً قد يؤدي إلى فرض قيود تجارية على الشركة.
تنتج الشركة رقائق إلكترونية بسيطة تُستخدم في مكونات حيوية للسيارات مثل أنظمة المكابح الذكية، وإدارة بطاريات السيارات الكهربائية، ووحدات التحكم في الإضاءة.
وتُعد من الشركات التاريخية في أوروبا، إذ انبثقت عن "فيليبس" قبل عقدين، وتملك مصانع في هولندا، وألمانيا، وبريطانيا، إضافة إلى مراكز تجميع في الصين والفلبين وماليزيا.
اتخذت الأزمة بُعداً جيوسياسياً واسعاً بعدما أدرجت الولايات المتحدة شركة Wingtech على قائمتها السوداء بسبب مخاطر أمنية، وضغطت على حلفائها الأوروبيين لاتخاذ إجراءات مماثلة.
وردت بكين بتعليق تصدير رقائق "نيكسبيريا" من مصنعها في مدينة دونغوان الصينية، متهمة هولندا بإحداث "فوضى في سلسلة الإمدادات العالمية".
لكن بعد لقاء بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جين بينغ الشهر الماضي، أعلنت واشنطن وبكين عن هدنة تجارية شملت تسهيلات في تصدير رقائق "نيكسبيريا"، وهو ما فتح الباب أمام انفراجة تدريجية.
تعتمد معظم شركات السيارات الكبرى على الرقائق التي تصنعها "نيكسبيريا"، والتي تُستخدم بكثافة في كل مركبة.
وقد أدى توقف الإمدادات إلى إغلاق خطوط إنتاج في مصانع تابعة لهوندا في المكسيك، فيما حذرت "جنرال موتورز" و"فورد" و"نيسان" و"مرسيدس" من تأثيرات مشابهة خلال الربع الأخير من العام.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة فورد جيم فارلي: "نحتاج إلى حل عاجل لتفادي خسائر إنتاج كبيرة خلال الأشهر المقبلة"، بينما أكدت نيسان أنها خصصت أكثر من 163 مليون دولار لمواجهة مخاطر التوريد الناتجة عن الأزمة.
أشار مفوض التجارة الأوروبي ماروس شيفتشوفيتش إلى "تقدم مشجع" بعد إعلان وزارة التجارة الصينية تبسيط إجراءات تصدير رقائق "نيكسبيريا" إلى الأسواق العالمية.
من جانبه، قال وزير الاقتصاد الهولندي فنسنت كاريمانز إن الحكومة تتوقع "استئناف الإمدادات إلى أوروبا خلال الأيام المقبلة"، مؤكداً أن المحادثات مع الجانب الصيني مستمرة.
وفي مؤشر إيجابي، أعلنت هوندا أنها تلقت إشعاراً باستئناف الشحنات من الصين، وتستعد لاستئناف الإنتاج في مصنعها بالمكسيك الأسبوع المقبل.
المصدر:
العربيّة