في تنافس تقني محتدم بين عمالقة التكنولوجيا، تتصدر شركتا "سامسونغ" و"آبل" مشهد صناعة الأجهزة الذكية، إذ أصبحت المنافسة بينهما تمثل ملامح سباق طويل نحو الهيمنة.
وعلى الرغم من أن سامسونغ تمتلك تاريخا أقدم بنحو 40 عاما، فإن آبل نجحت منذ إطلاقها أول جهاز آيفون عام 2007 في تغيير قواعد اللعبة، لتصبح المنافس الرئيسي بفضل قاعدة جماهيرية وفية، وشبكة من الابتكارات التي عززت مكانتها وجعلتها رمزا للتفوق في تصميم المنتجات والتكامل البيئي.
في المقابل، تواجه سامسونغ تحديات كبيرة، أبرزها الحفاظ على مكانتها في سوق الهواتف الذكية، مع السعي لفرض وجودها في مجالات أخرى مثل الأجهزة المنزلية والذكاء الاصطناعي.
ومع حلول عام 2025، تبدو الفرصة سانحة أمام سامسونغ لإعادة تقييم إستراتيجياتها، وتكثيف جهودها نحو الابتكار، مع التركيز على تجربة المستخدم.
لطالما كانت المنافسة بين سامسونغ وآبل هي المحرّك الرئيسي لتطور صناعة التكنولوجيا الاستهلاكية، حيث يبدو المشهد أشبه بمبارزة مستمرة بين عملاقين يسعيان للسيطرة على عرش الابتكار.
وبينما تتصدر آبل من حيث الأرباح وولاء العلامة التجارية، غالبا ما تفاجئ سامسونغ العالم بابتكارات جريئة مثل الهواتف القابلة للطي، والشاشات المتطورة، وتنوع الأجهزة.
ومع دخولنا عام 2025، بات واضحا أن التكنولوجيا وحدها لم تعد كافية لتجاوز آبل، التي تتقن فنّ تحويل منتجاتها إلى جزء لا يتجزأ من حياة مستخدميها حتى أصبح كل منتج جديد منها مغريا بطريقة تدفع المستهلكين إلى فتح جيوبهم دون تفكير.
وعلى سامسونغ أن تجد الطريقة المثلى لإعادة إشعال شغف المستهلكين وكسب ولائهم، والتفكير في خطوات إستراتيجية مبتكرة.
إليكم 7 إستراتيجيات يمكن أن تتبعها سامسونغ لتستعيد إشعاعها:
1- إنشاء نظام بيئي متكامل يكسر حصن آبل المنيع
السرّ وراء تفوق آبل يكمن في نظامها البيئي المتكامل، إذ إن التكامل السلس بين أجهزة آيفون و"آبل ووتش" (Apple watch) و"ماك" (Mac) و"آير بودز" (AirPods) يجعل الانتقال بين الأجهزة تجربة خالية من أي جهد.
بالمقابل، يمتلك نظام سامسونغ البيئي، الذي يعتمد على هواتف "غلاكسي" (Galaxy) الذكية والأجهزة اللوحية والأجهزة القابلة للارتداء، إمكانات هائلة، لكنه لا يزال يعاني من التشتت مقارنة بنظام آبل.
فما الذي تحتاج سامسونغ القيام به؟
في ظل تفوق آبل بنظامها البيئي المتكامل، تحتاج سامسونغ إلى بناء تكامل مماثل، وذلك عن طريق:
2- إعادة تعريف تجربة البرمجيات.. كيف يمكن لسامسونغ التغلب على سلاسة آبل؟
اكتسبت آبل شهرة واسعة بفضل برمجياتها المصقولة والمصممة بعناية. ورغم أن أجهزة سامسونغ غالبا ما تتفوق على آبل من حيث العتاد، فإن واجهة "وان يو آي" (One UI)، المستندة إلى نظام أندرويد، قد تبدو لبعض المستخدمين مزدحمة أو معقدة.
وفي هذا السياق يمكن لسامسونغ أن تتحسن من خلال هذه الخطوات:
3- الابتكار ما وراء الهواتف الذكية.. كيف يمكن لسامسونغ التغلب على آبل في الفئات الناشئة؟
على الرغم من أن الهواتف الذكية تظل محور التركيز الأساسي للشركتين، فإن على سامسونغ أن تستمر في الهيمنة على فئات التكنولوجيا الناشئة التي بدأت آبل للتو في دخولها.
ما فرص سامسونغ؟
4- الاستدامة بوصفها فرصة ريادية.. هل تلحق سامسونغ بآبل في التوجه نحو بيئة أكثر استدامة؟
الاستدامة ليست مجرد شعارٍ رنّان، بل أصبحت عنصرا حاسما للعديد من المستهلكين الذين يضعونها في مقدمة أولوياتهم عند اتخاذ قرارات الشراء.
فبينما تعهدت آبل بجعل سلسلة التوريد الخاصة بها محايدة كربونيا بالكامل بحلول عام 2030، تأخرت سامسونغ في إعلان أهداف مماثلة.
وهذا قد يؤثر على صورتها في نظر المستهلكين الذين يهتمون بالاستدامة، خاصة في ظل التوجه العالمي نحو التقليل من الأثر البيئي.
وفي هذا السياق، على عاتق سامسونغ خطوات يجب أن تتخذها بهذا الشأن، أهمها:
5- إعادة تعريف إستراتيجية التسويق.. هل ستلعب سامسونغ على أوتار عاطفة المستهلك كما تفعل آبل؟
يقول رجل الأعمال الأميركي والكاتب والمتحدث الجماهيري سيث غودين "عندما تسوق فأنت تقدم حالة عاطفية جديدة، وخطوة أقرب لتحقيق أحلام ورغبات عملائك، لا تقدم لهم المنتج فقط".
هذه المقولة تجسد التسويق عند آبل، فهو ليس مجرد ترويج للمنتجات، بل هو احتراف في بيع أنماط الحياة واستهداف العواطف. فإعلاناتُها تروي قصصا تشعر المستهلك بأنه جزء من تجربة استثنائية.
في المقابل، يركز تسويق سامسونغ رغم قدرته على إبراز الابتكار، بشكل مفرط على التفاصيل التقنية، مما يحدّ من تأثيره العاطفي.
وبحسب أحدث إحصائية نشرتها منصة "بيزنس داشر" (BusinessDasher)، تتمتع آبل بنسبة احتفاظ تبلغ 92% بين مستخدمي آيفون مقارنة بـ77% لسامسونغ. كما حافظت آبل على معدل احتفاظٍ بالعملاء يزيد عن 90% على مدى السنوات الثلاث الماضية، بحسب المصدر نفسه.
ولتحقق سامسونغ نقلة نوعية عليها تحويل تقنياتها إلى قصص ملهمة تخاطب طموحات واحتياجات الجمهور.
كيف يمكن لسامسونغ تغيير النهج؟
6- التوازن بين السعر والجودة.. كيف يمكن لسامسونغ التفوق في إستراتيجية التسعير دون المساومة على الأداء؟
قاعدة معجبي آبل المخلصين مستعدة لدفع أسعار مرتفعة. لكن يمكن لسامسونغ جذب المشترين الحساسين للسعر من خلال إستراتيجيات تسعير أكثر جرأة. على سبيل المثال:
7- التحالف مع المطورين.. كيف يمكن لسامسونغ بناء متجر غلاكسي ليكون منافسا قويا؟
يعتبر متجر تطبيقات آبل موطنا للتطبيقات الحصرية العالية الجودة التي تبقي المستخدمين مرتبطين بنظامها البيئي.
وتحتاج سامسونغ إلى بناء علاقات أقوى مع المطورين لجعل متجر غلاكسي منافسا حقيقيا، وذلك من خلال اتباع خطوات رئيسية مثل:
في النهاية، التغلب على آبل في عام 2025 لن يحدث بكبسة زر، ولكن لدى سامسونغ فرصة حقيقية ليس فقط لمضاهاة آبل بل لتجاوزها.
ومع إضافة التسعير التنافسي، والالتزام الواضح بالاستدامة مع العلامة التجارية القوية، يمكن للعِملاقة سامسونغ إعادة كتابة قصة أشهر منافسة في عالم التكنولوجيا، وإطلاق الفصل التالي في معركتها مع آبل.
يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن سامسونغ من كسر هذه الحلقة التي تبدو مستعصية، وإعادة ولاء العملاء إلى ملعبها؟ أم إن التفاحة، رمز "آبل"، ستظل متألقة بلا منازع في سماء التكنولوجيا؟
الإجابة لن تتضح فقط في الابتكارات القادمة، بل أيضا في طريقة تعامل هذه الشركات مع توقعاتنا المتزايدة في عالم يتغير بسرعة الضوء.
وأنت، من تظنه سينجح في إفراغ جيبك أكثر بإغراءات التكنولوجيا التي لا تنتهي: آبل أم سامسونغ؟