انقلب الجنرال ساني أباتشا على الرئيس النيجيري المؤقت إرنست شونيكان في العام 1993 وأعدم المعارض كين ساورو ويوا ما جعل الرئيس الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا يقود حملة لمعاقبته دولياً، ورد الديكتاتور أباتشا بحرمان منتخب نيجيريا الحائز على ميدالية أولمبياد أتالانتا الذهبية في كرة القدم من المشاركة في كأس أمم إفريقيا 1996 التي تستضيفها بلاد المناضل مانديلا.
ولم تعرف كرة القدم الإفريقية منتخباً في ذلك الوقت أفضل من نيجيريا، وصيف نسختي 1998 و1990 والثالث في 1992 والبطل في النسخة التي تلتها.
وفي سنوات سجن ويوا كان لاعبو "النسور الممتازة" بقيادة أوكوشا، أمونيكي، أموكاتشي ونوانكو كانو يبهرون العالم في مونديال 1994 ويصلون إلى الدور الثاني وأصبحوا في التصنيف الخامس على مستوى العالم، ولم يكتفوا بذلك بل هزموا البرازيل والأرجنتين ليفوزوا بذهبية أولمبياد أتالانتا، وكان فوزهم بكأس أمم إفريقيا 1996 أمراً مفروغاً منه، لكن كل تلك القوة داخل الملعب انهارت أمام قرار الديكتاتور.
كان الصحافي ويوا مهتماً بقضايا حقوق الإنسان في نيجيريا والتي زادت الانتهاكات فيها منذ تسلم الجيش المهمة خلال الثمانينات الميلادية وتم احتجازه أكثر من مرة حتى انقلب أباتشا وانتزع الحكم وفي يونيو 1993 تظاهر مئات الآلاف من قبائل الأوغوني ضد خطط الحكومة الهادفة لاستخراج النفط من مناطقهم الزراعية وقتل منهم 4، لتوجه حكومة أباتشا الاتهام إلى كين ساورو بأنه خلف تلك الاحتجاجات التي أودت بحياة أشخاص أبرياء وتحكم عليه بالإعدام.
شهد مجموعة من الأشخاص ضد الصحافي الذي يبلغ من العمر حينها 54 عاماً، وأمر الديكتاتور أباتشا بإعدامه شنقاً في العاشر من نوفمبر 1995 والتي احتاجت 5 محاولات لإزهاق روحه بسبب عطل فني.
تولى المناضل نيلسون مانديلا رئيس جنوب إفريقيا حملة دولية ضد الجنرال الديكتاتور واستطاع ضم الرئيس الكيني انيال أراب موي وروبرت موغابي رئيس زيمبابوي إلى صفه لتعليق عضوية نيجيريا في دول "الكومنولث" وبسبب مطالبات الأول سحبت الولايات المتحدة الأميركية سفيرها من نيجيريا ومنعت دخول أعضاء الحكومة النيجيرية وعوائلهم إلى أراضيها.
قرر أباتشا حرمان المنتخب من اللعب في جنوب إفريقيا "خوفاً على سلامة لاعبيه" وحاول اللاعبون عبثاً إقناع الجنرال بالسماح لهم والدفاع عن بطولتهم التي فازوا بها لكنه رفض رفضاً قاطعاً، ولا يمكن أن ينسى النيجيريون قائدهم أوستن إيغوافون وهو يقول بوجه تعلوه خيبة الأمل: إنه أمر مؤلم أن نغيب عن البطولة، لكننا نقف مع الحكومة الفيدرالية. بينما قال زميله الحارس بيتر روفاي: كنا نشعر بالقلق قبل اللقاء مع الجنرال ساني لكنه وضح لنا كافة الأمور واتفقنا على عدم السفر والمشاركة في الكأس.
قرر الاتحاد الإفريقي حرمان نيجيريا من المشاركة ببطولات كأس الأمم 6 أعوام قبل أن يتراجع لاحقاً ويكتفي بنسختين فقط، وقدم مانديلا الكأس لمنتخب بلاده بعد الفوز في المباراة النهائية على تونس، وفي العام 1998 وقبل أيام من ظهور نيجيريا في كأس العالم الفرنسية فارق أباتشا الحياة بشكل مفاجئ عن عمر 54 عاماً، واختلفت الروايات حول وفاة إذ قيل في الإعلام الرسمي إنها إثر نوبة قلبية بينما يهمس المعارضون قائلين إنه مات مسموماً.
رحل أباتشا عن الحياة وحينها لم يكن النيجيريون المحبون لكرة القدم راضون عن قراره بمنع المنتخب من اللعب في كأس أمم إفريقيا، وبعد 30 عاماً ما زالوا غير راضين ويسألون: ماذا كان سيحدث لو ذهبنا إلى جوهانسبرغ واستمتعنا بأفضل جيل في تاريخنا؟
المصدر:
العربيّة