شاهد العالم منتخب زامبيا يمزق شباك إيطاليا بأربعة أهداف في أولمبياد سيئول الكورية عام 1988 بفضل "هاتريك" كالوشا بواليا، وحلوله ثالثاً في كأس أمم إفريقيا 1990 وفي الطريق نحو التأهل إلى كأس العالم حدثت واحدة من أكبر كوارث كرة القدم في التاريخ بعدما تحطمت طائرة الفريق في الغابون ليلقى جميع الركاب حتفهم، وحده القدر أنجى بواليا الذي سيأخذ على عاتقه إعادة بلاده لما كانت عليه قبل السابع والعشرين من أبريل 1993.
وسقطت طائرة تحمل بعثة المنتخب الزامبي بالقرب من ليبرفيل عاصمة الغابون أودت بحياة 25 لاعباً والمدرب ومساعده إضافة إلى 3 من طاقمها في واحدة من أسوأ كوارث الطيران في التاريخ.
قال بواليا لـ"العربية.نت" عن تلك الرحلة التي كان من المفترض أن يكون على متنها: كنت قائداً للفريق الذي واجه زيمبابوي في تصفيات كأس أمم إفريقيا 1994 قبل الكارثة بأسابيع وعدنا إلى زامبيا، ثم توجهت إلى هولندا لأنني وقتها كنت لاعباً في آيندهوفن، وبعدها من المفترض كان من المفترض أن نلعب مع موريشيوس وبعدها مباشرة اللعب في تصفيات كأس العالم 1994 أمام السنغال، لكن النادي رفض مغادرتي لأنني سأغيب لوقت طويل، وتمسكت إدارة النادي بمنعي من اللعب أمام موريشيوس.
وتابع الرجل الستيني: اتفقت مع إدارة النادي الهولندي على الانضمام إلى المنتخب فقط لمباراة السنغال وكنت غاضباً من ذلك القرار لكنني تقبلته على مضض. أتذكر أنني جهزت ملابسي يوم الأربعاء للسفر في صباح الخميس إلى زامبيا، لكنني تلقيت اتصالاً من مسؤول زامبي أبلغني بأن الفريق تعرض لحادث، وأنه علي الانتظار لبعض الوقت لمعرفة ما حدث.
وواصل: كان الوصول إلى المعلومة صعباً في ذلك الوقت. فتحت التلفاز وأتذكر تلك اللحظة وكأنها الآن، مذيعة هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" تلقي خبراً مفاده بأن حادث طائرة منتخب زامبيا لم ينتج عنه أي ناجِ. لم أصدق ما حدث وكنت أتلقى الاتصالات من كل مكان في العالم لمعرفة ما إذا كنت على متن تلك الرحلة المشؤومة أم لا.
وزاد كالوشا: مر علي شريط حياتي بشكل سريع ولمدة ثوانِ، لقد كنت على متن تلك الطائرة عدة مرات آخرها قبل أسابيع قليلة، فهي طائرة استعارها الاتحاد الزامبي لكرة القدم من سلاح الجو لأن تكلفة حجز طائرة تجارية مكلفة للغاية والحل الوحيد هو الاستعانة بطائرة "بافلو".
وأكمل الرجل الذي تولى رئاسة اتحاد بلاده لاحقاً: لا يمكن تجاوز تلك الحادثة على الإطلاق، "فيفا" منحنا شهرين لتجاوز أحزاننا، وعندما عدت إلى زامبيا وجدت الحزن يسيطر على كل الشعب الزامبي عندما حضرت لإلقاء التحية على الجنائز، ووقتها قررت التوقف عن اللعب لمنتخب زامبيا لأنني لن أستطيع اللعب بعد وفاة جميع أصدقائي. لكن فريدريك شيلوبا رئيس البلاد حينها طلب مني الاستمرار وحتى لا تذهب تضحيات الراحلين هباءً وكذلك إعادة الأمل للشعب من جديد وحقيقة اقتنعت بما قاله وقررت أن أكون مساهماً في إعادة منتخب زامبيا للواجهة من جديد.
وبعد العودة حاول بواليا التأقلم مع الفريق الجديد، وقال: جاء المنتخب إلى الدنمارك لمعسكر إعدادي، وكنت ألعب خلال المباريات ولا أعرف من هم اللاعبون الجدد، إضافة إلى ذلك كنت أعاني كثيراً لأنني أشاهد زملائي الراحلين في الملعب. الحقيقة أن تلك الفترة صعبة ذهنياً وعاطفياً بالنسبة لي بشكل لا يمكن لأحد تصوره.
أنهى بواليا مسيرته الاحترافية بعد 18 عاماً من اللعب خارج بلاده وعاد إلى زامبيا كمدرب للمنتخب الوطني في 2004، وبدأ صناعة فريق جديد وكان على مقربة من الوصول إلى كأس العالم 2006 قبل الخسارة في المباراة أمام توغو، وبعدها تولى منصب نائب رئيس اتحاد كرة القدم وفي 2008 بدأ البحث عن مدرب جديد وبعد أسئلة كثيرة وصل لـ"الثعلب".
وقال: سألت عن مدرب يريد صناعة المجد ويعتبر زامبيا محطة فقط لما هو أكبر، ونصحوني بالتعاقد مع هيرفي رينارد الذي كان مساعداً للمدرب الخبير كلود لوروا، وبعدما تحدثت معه وقلت له إن فزت برئاسة الاتحاد الزامبي ستكون المدرب، وهو ما حدث في 2008، وبعدها بعامين وصلنا إلى الدور الثاني في كأس أمم إفريقيا 2010 لأول مرة منذ عقد ونصف، وحينها شعرت بأننا نسير نحو الطريق الصحيح.
وزاد: هيرفي توجه إلى تدريب أنغولا ومولودية الجزائر بعد ذلك، لكنني ذهبت إليه مجدداً وقلت له بأن مشروعنا لم ينته بعد وطلبت منه العودة وهو ما حدث في 2011، وبعد عام حققنا كأس أمم إفريقيا للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وأهدينا البطولة لأرواح الذين قضوا حتفهم في الطائرة.
المصدر:
العربيّة