قبل عام واحد، كان ليفربول فريقا لا يُقهر ويحقق انتصارات متتالية في الدوري الإنجليزي، وأداء منسجما يعكس روح الجماعة التي تركها المدرب السابق للفريق يورغن كلوب، بينما بدا خليفته آرني سلوت وكأنه الامتداد الطبيعي لتلك الحقبة المليئة بالنجاح.
لكن المشهد تغيّر بسرعة مذهلة. اليوم يقف ليفربول في وضعٍ مغاير تماما: 4 هزائم متتالية، فوضى تكتيكية، وتراجع في الثقة، رغم إنفاق ضخم تجاوز 450 مليون جنيه إسترليني (518 مليون يورو) في صيف كان يُفترض أن يكون نقطة انطلاق جديدة.
في الموسم الماضي، حظي سلوت بإشادة واسعة لأنه نجح في البناء على إرث كلوب دون الحاجة إلى تعاقدات ضخمة. اعتمد على المجموعة ذاتها، فأثمر الانسجام عن نتائج مذهلة.
أما الآن، وبعد حملة تعاقدات قياسية، وجد نفسه في مأزق معاكس تماما فريق جديد يفتقد للهوية القديمة، ولا يزال عاجزا عن الاندماج في فكر المدرب.
منذ انطلاقة الموسم، فشل سلوت في دمج صفقاته الجديدة بفاعلية. الظهير الأيسر ميلوس كيركيز خيّب الآمال رغم مشاركته المستمرة، في حين جلس فلوريان فيرتز على مقاعد البدلاء في مباريات كبرى أمام تشلسي ومانشستر يونايتد، في قرار أثار تساؤلات عديدة.
أما المهاجم السويدي ألكسندر إيساك، القادم مقابل 125 مليون جنيه إسترليني، فبدا بعيدا تماما عن مستواه، بينما أظهر البديل هوغو إيكيتيكي فعالية أكبر رغم قلة الدقائق.
حتى في الخط الخلفي، تبدو الروابط القديمة بين فيرجيل فان دايك وأندي روبرتسون مفقودة، بعدما أصر سلوت على منح الفرصة للجدد رغم تراجع الانسجام الدفاعي.
رغم أن الأرقام تؤكد أن ليفربول يخلق فرصا أكثر من أي فريق آخر من اللعب المفتوح، إلا أن اللمسة الأخيرة غائبة تماما، ويبدو الفريق فاقدا للهوية والكيمياء التي ميزته سابقا.
حتى التفاصيل الصغيرة باتت كافية لتحديد نتائج المباريات، مثل هدف هاري ماغواير الحاسم من ركنية وسط فوضى تمركزية واضحة، وهو ما دفع سلوت للاعتراف: "نصنع الكثير، لكن علينا أن نُنجز أكثر. ربما يجب أن نخلق فرصا أقل، لكن نسجل أكثر.. لا يمكنك الفوز في المباريات الكبيرة إذا كنت ضعيفا في الكرات الثابتة".
كل هذه العوامل تعكس أزمة ليفربول الراهنة: فريق يمتلك الفرص والموهبة، لكنه يفشل في تحويلها إلى نتائج إيجابية.
بين تجريب المستجدين والعودة المترددة إلى العناصر القديمة، يبدو أن آرني سلوت لم يجد بعد الصيغة السحرية. فريقه يمتلك الموهبة، لكنه فقد التوازن والهوية التي ميّزت سنوات كلوب.
إنها مفارقة مؤلمة؛ فبعد أن أثبت ليفربول سابقا أن النجاح لا يحتاج دائما إلى المال، أصبح الآن نموذجا لفشل الإنفاق المفرط.
إن فوضى الـ500 مليون يورو ليست مجرد مشكلة لاعبين أو تكتيك، بل انعكاس لمرحلة انتقالية مضطربة، فليفربول الذي كان يوما مثالا في الانسجام الجماعي، يبدو اليوم غارقا في البحث عن ذاته بين صفقات ضخمة، ومدرب يحاول أن يجد طريقه وسط ضجيج الأسماء والأرقام.