في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
الرباط- لم يكن افتتاح ملعب الأمير عبد الله حدثا عاديا، بل ميلادا جديدا لفضاء اختارت الرباط أن تجعله واجهة لهوية رياضية عصرية. تحت أضواء المدرجات المبهرة، ووسط حضور جماهيري فاق التوقعات، أعلن المغرب عن تحفة معمارية تتجاوز حدود مباراة، لتُرسخ صورة بلد مقبل على احتضان الأحداث الكروية الكبرى.
فالمغرب الذي فشل في الظفر بشرف التنظيم المونديالي سنوات 1998 و2006 و2010 و2026، رغم تقديمه وقتها ملفات طموحة، فإنه خسر السباق أمام دول أكثر نفوذا أو جاهزية في أعين الاتحاد الدولي.
5 محاولات لم تتحول فيها الأحلام لحقيقة، لكنها أسست لخبرة تراكمية جعلت المغرب أكثر إصرارا، وأكثر استعدادا لتقديم بنية تحتية ومشاريع رياضية حقيقية، تعكس على أرض الواقع صلابة الرؤية الحالية التي توجت بانتزاع شرف تنظيم المونديال الثلاثي مع كل من البرتغال وإسبانيا عام 2030.
ويكشف الملعب الجديد، الطريق الطموح لبلد يراهن على تنظيم استثنائي يترك بصمة عربية ثانية في ذاكرة كرة القدم العالمية بعد نجاح قطر البارز عام 2022.
الملعب الجديد القديم الذي افتتح عام 1993 حاملا تكريما لاسم الأمير الشقيق للملك الحسن الثاني، رحل آنذاك قبل اكتمال أشغاله، يطل اليوم في حلته الجديدة كتحفة معمارية متعددة الوظائف، بطاقة استيعابية تفوق 68 ألف مقعد، موزعة على مدرجات مجهزة بأنظمة متطورة للأمان والراحة.
كما يضم 110 مقصورات خاصة و5 صالونات للضيافة بسعة إجمالية تناهز 5400 مقعد، فضلا عن مرافق مهيأة لذوي الاحتياجات الخاصة.
كل تفصيلة تعكِسُ دقة معمارية تستحضر تجارب كبريات العواصم العالمية، وتعيد تعريف معنى حضور مباراة كرة قدم.
حرص المشرفون على أن يكون الملعب فضاء متكاملا لا يقتصر على المتفرجين فقط، بل يشمل الصحافة الرياضية كذلك.
فقد جُهزت مرافقه الإعلامية بوسائل تقنية ولوجستية متطورة، تُمكّن الصحفيين من نقل الحدث في ظروف مهنية تلبي متطلبات البث الدولي المباشر، وإعادة التهيئة لم تقتصر على المدرجات والمستطيل الأخضر، بل شملت إنجاز 5 منشآت فنية و6 مواقف للسيارات، مما يسهل حركة المرور وولوج عشرات الآلاف من الجماهير بانسيابية أكبر، ويجعل من الملعب جزءا من منظومة حضرية متكاملة.
لأول مرة على المستوى القارة الأفريقية، في قلب هذه المعلمة يبرُز الابتكار؛ أرضية هجينة تمزِج بين العشب الطبيعي والألياف الاصطناعية، في سابقة تمنح اللاعبين أمانا وجودة أداء عالية. ملعب الأمير لم يُصمم ليكون مسرحا مؤقتا، بل فضاء قادرا على الصمود أمام كثافة المباريات، مع تصريف مثالي للمياه واسترجاع سريع لجمالية العشب.
لم تخزل لحظة الافتتاح الأبعاد المعمارية والتقنية فقط، بل تفاعل معها الجمهور بشكل واسع ومباشر، لحظات اندهاش من سعة الملعب وروعة تصميمه، وأشادت بسلاسة الدخول والتنقل رصدتها العدسات، وهي تراقب تنظيما سلسا أتاح للمشجعين متابعة المباراة بكل راحة ومتعة.
أجواء الحماس والفرحة كانت ملموسة في كل زاوية، مما جعل تجربة مشاهدة المباراة حدثا متكاملا يجمع بين الإثارة الرياضية وروعة المكان، ماعدا العراقيل التي أعاقت انسيابية المغادرة من المجمع الرياضي الكبير.
صدى أكده الإعلامي بالتلفزيون المغربي والمعلق الأسبق عادل المسعودي قائلا "صورة هذا الملعب تشرف المغرب بوصف تدريبا إعداديا لاحتضان فعاليات بطولة كأس أفريقيا بعد أشهر قليلة، وكذا المونديال المشترك، التنظيم الجماهيري وتنظيم المباراة بهذا الشكل الرائع يثلج الصدر".
ويضيف المسعودي "الملعب معلم رياضي سيبقى مفخرة بالنسبة للمغرب سواء على المدة القياسية التي تمّ خلالها تجديده بأياد مغربية، أو من خلال تقديم هذه الصورة التي تليق بالبلاد".
الأجواء الاحتفالية التي صاحبت الافتتاح، تبقى الأسئلة قائمة حول مدى جاهزية باقي الملاعب المغربية لاستحقاقات قارية ودولية وشيكة، فملعب الأمير عبد الله قدم صورة لامعة عن طموح المغرب في احتضان المناسبات الكبرى قاريا وعالميا، لكن التحدي الحقيقي يكمن في أن يكون هذا النجاح قاعدة انطلاق، لا مجرد استثناء.