تمكّن فريق بحثي دولي بعد أكثر من عقدين من الجهود المتواصلة من تحقيق طفرة كبرى في علم الجينوم، حيث نجح في فك الشفرة الوراثية الكاملة لستة أنواع من القردة العليا (الرئيسيات).
وستساعد نتائج الدراسة المنشورة في مجلة Nature في بذل المزيد من الجهود للحفاظ على هذه الأنواع، والأهم من ذلك، ستوسع فهمنا للاختلافات بين البشر والقردة.
والجينوم عبارة عن مجموعة كاملة من تعليمات الحمض النووي الموجودة في الخلية، ويعني تحديد تسلسله والتعرف على هوية وترتيب اللبنات الأساسية في كل جزيء للحمض النووي، وبعد نجاح العلماء في تحديد تسلسل الجينوم البشري عام 2001 اتجهوا مباشرة إلى جينومات القردة العليا، بصفتها أقرب أسلافنا.
وحسب الأستاذة كاترينا ماكوفا من جامعة "بنسلفانيا" والتي عملت لمدة 25 عاما على تجميع التسلسلات الجينية الكاملة للقردة، فإن فهم جينومات القردة غير البشرية مفيد ليس لدراسة التطور فقط. وإنما هناك فوائد للطب على سبيل المثال، حيث يدرس العلماء تغيرات في الحمض النووي للقردة تجعلها أكثر مقاومة لأمراض معينة مثل الإيدز.
وأوضحت أنه تم سابقا فك شفرة أجزاء من جينومات القردة، لكن لم يتمكن أحد من تجميع التسلسل الكامل لأي نوع. واستخدمت ماكوفا وزملاؤها في الدراسة الجديدة طرقا وخوارزميات متطورة سمحت بتجميع مقاطع طويلة في تسلسل مستمر، بدءا من أحد طرفي كل كروموسوم وانتهاء إلى الطرف الآخر.
وباستخدام هذه الطرق فك الباحثون شفرة جينومات ستة أنواع، وهي الشمبانزي، البونوبو، الغوريلا، أورانغوتان بورنيو، أورانغوتان سومطرة، السيامانج (نوع من الجيبون).
وتم التعرف على 770 -1482 جينا جديدا محتملا في كل نوع من الأنواع المذكورة، بالإضافة إلى اكتشاف تراكيب غير عادية للحمض النووي في مناطق كانت غير قابلة للدراسة سابقا.
وتعتبر هذه النتائج مهمة بشكل خاص لتحليل التنوع الجيني للأنواع المهددة بالانقراض: وتعد جميع الأنواع الستة المدروسة مهددة. وفي المستقبل يمكن أن تساعد هذه البيانات في تحديد الجينات الحاسمة لبقاء الأنواع على قيد الحياة.
والبيانات التي جمعتها ماكوفا وفريقها متاحة الآن للعلماء حول العالم. وقال عالم الأحياء الجزيئية هنريك كاسمان من جامعة هايدلبرغ: "لدينا الآن أفضل جينومات متاحة للقردة العليا، مما يوفر مرجعا مهما للدراسات المستقبلية.
المصدر: