آخر الأخبار

إيران تواجه غضب البازار | الحرة

شارك

بدأ الأمر نهار الأحد الماضي. أغلق التجار في مراكز تجارية وإلكترونية كبرى في طهران، مثل مجمعي “علاء الدين” و”تشارسو” وسط العاصمة، متاجرهم وخرجوا إلى الشوارع عقب الهبوط الحاد والمتسارع في قيمة الريال، كما وردت أنباء عن إغلاقات مماثلة في أسواق أخرى في مدن مختلفة.

“البازار” مجدداً إلى الواجهة في مؤشر شديد الدلالة على أزمة النظام الإيراني.

والبازار في اللغة الفارسية هو السوق، وقد كان له دائماً دوره الفاعل في الحياة السياسية الإيرانية، وبقيت له سلطته المستقلة نسبياً، التي لم تفلح السلطة عبر التاريخ الإيراني في احتوائها بشكل كامل.

وبحسب فهمي هويدي في كتابه “إيران من الداخل”، فإن مؤسسة البازار كانت تضم، حتى منتصف السبعينات، ٢٥٠ ألف صاحب محل، وتسيطر على نحو ثلثي تجارة التجزئة. وكانت سوق طهران وحدها تغطي مساحة ثلاثة أميال مربعة، وتضم ١٠ الاف مخزن وورشة، وطبعاً حجم هذه الأسواق توسّع أكثر في العقود اللاحقة. والأهم من ذلك هي العلاقة الوثيقة التي ربطت بين التجار والمؤسسة الدينية الإيرانية بصفة دائمة. فبحسب هويدي “ظل هذا القطاع العريض من التجار الكبار والصغار والحرفيين، هو الممول الأساسي للمؤسسة الدينية”.

وقد لعب البازار دوراً محورياً، عبر تحالفه مع المؤسسة الدينية، في تقوية معسكر الثورة وزلزلة نظام الشاه، وإسقاطه، بحسب هويدي. وبعد الانتصار “خرج البازار قوياً، وتوقّع من المؤسسة الدينية، التي تسلّمت السلطة، أن تقف إلى جانبه، غير أن قرارات مجلس قيادة الثورة التي صدرت في العام الأول، أصابت أهل البازار بما يشبه الصدمة، إذ وضعت قيوداً عدة على حرية التجارة الخارجية، وحرية تملك الأراضي”.

في دراسته عن صنع السياسات العامة في إيران بعد العام ١٩٨٩، المعنونة “كيف تُحكم إيران؟”، يشرح الباحث عبد العظيم البدران أهمية الأسواق في إيران (البازار) التي تعتبر من أكبر الركائز الاقتصادية، فضلاً عن كونها الأقدر على دفع زكاة المال والخمس ومنح الأوقاف، ما يدعم صلة رجال الدين برجال البازار. وقد استطاع النظام السياسي بعد ثورة ١٩٧٩ أن ينفتح على رجال البازار واجتذابهم الى عضوية العديد من المؤسسات السياسية. وعلى الرغم من حرص أهل البازار على علاقتهم بالمؤسسة الدينية، لكن حرصهم الأكيد، بحسب البدران، كان منصبّاً على مصالحهم الاقتصادية، ما دفعهم إلى خوض معارك دفاعاً عن مصالحهم منذ اليوم الأول لنجاح الثورة ضد الفقهاء.

ويسيطر التيار المحافظ في إيران على البازار، بشكل عام، كما يقول البدران، على الرغم من انتماء العديد من شخصيات التيار الإصلاحي إلى عائلات معروفة بالتجارة، كالرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني والمرشح الرئاسي الإصلاحي مير حسين موسوي وغيرهما.

والبازار، يشكّل في الوجدان السياسي الإيراني أكثر من مجرد مركز تجاري، فهو كما يصفه كتاب “تاريخ إيران” لمايكل أكسوورثي، “الشبكة غير الرسمية التي تصل إلى كلّ طبقة اجتماعية” كما يمثل “القوة البديلة للسلطة”. وإذا كان البازار قد شهد في عهد رفسنجاني مرحلة من الازدهار ضمن ما عُرف بـ “الجمهورية البرجوازية التجارية”، فإن التظاهرات، التي تشهدها طهران اليوم، تعكس تصدّعاً عميقاً في هذا التحالف التاريخي. فبينما كان التجار في السابق هم “حجر الزاوية لدعم رجال الدين”، يجدون أنفسهم اليوم تحت وطأة ضغوط اقتصادية تعيد للأذهان مشهد ما قبل ثورة 1979، حينها حاول نظام الشاه التغطية على فشله الاقتصادي عبر اعتقال من أطلق عليهم “المتربّحين والمحتكرين في البازار”، وهي السياسة التي يرى محللون أنها تتكرر اليوم مع ملاحقة التجار بسبب انهيار العملة.

وبحسب اندريس إلفيس، محرر الشؤون الإيرانية في “الحرة”، فإن مشاركة “البازاريين” في الاعتراض تكتسب أهمية رمزية بالغة؛ نظراً لأن بازار طهران لُطالما كان بمثابة “بارومتر” (مقياس) اقتصادي وسياسي. كما أن موجات إضراب البازار في الماضي كانت دوماً مؤشراً على ضعف النظام، ورغم ذلك، فإن التحركات الحالية لم تصل بعد إلى حدّ الإغلاق الشامل على مستوى البلاد.

الحرة المصدر: الحرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا الإمارات اليمن السعودية

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا